2015/01/11

اللهجات العربية المذمومة

توطئة :
في ظن كثير من الناس أن اللهجات الحية المعاصرة في البلاد العربية المختلفة، ليست إلا انحطاطا من العربية الفصحى، وليس هذا الظن إلا وليدا لاعتقادهم بأن العربية الفصحى، كانت هي اللغة الوحيدة السائدة في الجزيرة العربية قبل الإسلام، وأنها فسدت باختلاطها باللغات المجاورة، عقب الفتوحات الإسلامية.
غير أن ذلك الظن، ليس إلا سرابا خداعا، فقد روي لنا الكثير والكثير جدا، عن تعدد اللهجات العربية القديمة، بتعدد القبائل المختلفة، وهذا يتفق مع ما ينادي به بعض المحدثين من علماء اللغة، من أنه يستحيل على أية مجموعة بشرية تشغل مساحة شاسعة من الأرض، أن تحتفظ في لهجات الخطاب بلغة موحدة.

نعم ... فقد كانت الجزيرة العربية قبل الإسلام، تموج بشتى اللهجات المتباينة، التي يخالف بعضها بعضا، في شيء من الصوت، أو البنية، أو الدلالة، أو التركيب ... ولكن اللغويين العرب، لم يصفوا لنا تلك اللهجات العربية القديمة وصفا دقيقا كاملا في كثير من الأحيان، وذلك لانشغالهم في المقام الأول بالعربية الفصحى، تلك اللغة الأدبية المشتركة، بين مجموع القبائل العربية، والتي كانوا يستخدمونها في مواقف الجد من القول، وينظمون بها أشعارهم، ويصبون فيها حكمهم وأمثالهم، ثم شرفها الله تعالى، فأنزل كتابه الكريم، بأعلى ما تصبو إليه هذه اللغة من فصاحة وبلاغة.
ومنذ ذلك الحين، ارتبطت هذه اللغة بالقرآن الكريم، واجتهد النحاة واللغويون في دراستها، وتحديد معالمها، من نواحي الأصوات، والصيغ والأبنية، والدلالة، وتركيب الجملة، ووظيفة الكلمة في داخل هذا التركيب.
ومع أن الهدف الأساسي عند هؤلاء اللغويين، كان هو محاولة رسم معالم اللغة الأدبية، لغة القرآن الكريم والشعر والخطابة، وغير ذلك من الفنون الأدبية، وهي تلك اللغة التي اصطلحنا على تسميتها بالفصحى، فإننا نراهم يروون لنا في بعض الأحيان، مقتطفات مبتورة، عن تلك اللهجات العربية القديمة، معزوة إلى أصحابها حينا، وغير معزوة حينا آخر، ومختلطة بالفصحى كذلك في بعض الأحيان.
وتمتلئ المصادر العربية القديمة، بالحديث عن كثير من خصائص هذه اللهجات القديمة، كفحفحة هذيل، وعنعنة تميم، وتلتلة بهراء، وكشكشة ربيعة، وكسكسة هوزان، وقطعة طيئ، وعجعجة قضاعة، وغير ذلك من الظواهر اللهجية، الملقبة بألقاب مختلفة عند اللغويين العرب، كما حدثونا عن شيء كثير من الظواهر، التي لم يلقبوها لهذه القبيلة أو تلك.
وإن من يتأمل هذا الذي روي لنا عن اللهجات القديمة، في بطون المصادر العربية، يخرج بنتيجة صريحة واضحة، وهي أن ما نراه الآن في بعض لهجاتنا الحية المعاصرة، ليس في بعض ظواهره، إلا امتدادا لهذا الذي روي لنا في القديم.
اللهجات العربية المذمومة -2-
ذكرنا في المحاضرة السابقة توطئة عن لغة قريش ، وما له علاقة باللهجات العربية المذمومة ، وسنكمل في هذه المحاضرة الأنواع الأخر ، فلقد اصطنعت لغة قريش وحدها في الكتابة والتأليف والشعر والخطابة، فكان الشاعر من غير قريش يتحاشى خصائص لهجته، ويتجنب صفاتها الخاصة في بناء الكلمة وإخراج الحروف وتركيب الجملة، ليتحدث إلى الناس بلغة ألفوها، وتواضعوا عليها، بعد أن أسهمت عوامل كثيرة في تهذيبها وصقلها ، وقال وعلى الرغم من ذلك وردتنا بعض تلك اللهجات المذمومة ، وهي أقبحُ اللغات وأنزلُها درجة ، قال الفراء: كانت العربُ تحضر المَوسِم في كل عام وتحجُّ البيتَ في الجاهلية وقريشٌ يسمعون لغاتِ العرب فما اسْتحسنوه من لغاتهم تكلموا به فصاروا أفصحَ العرب وخلَتْ لغتُهم من مُستبْشع اللغات ومُستقبَح الألفاظ .ومن اللهجات العربية المذمومة :
- الاستنطاء :
وهي في لغة سعد بن بكر وهذيل والأزد وقيس والأنصار تجعل العين الساكنة نونا إذا جاورت الطاء كأنْطي في أعْطِي. وأَنْطَيْتُ: لُغَةٌ فِي أَعطيت، وَقَدْ قُرِئَ: ((إِنَّا أَنْطَيْناك الكَوْثَرَ )) ، ومنه الحديث "اليد المنطية خير من اليد السفلى" وعلى ما يبدو لي أن هذه اللهجة قاصرة على مادة الإعطاء إلا أن السيوطي في المزهر قد جعلها في العين مطلقًا في كل موضع حتى جاورتها الطاء ولكنني لم أجد ما يؤيد السيوطي في زعمه من قول اللغويين أو من شواهد كلام العرب فلا يصح أن نقول في: "المعطش" ولا في المعطف المنطف.
ويروي ابن فارس عن ابن دريد أن العرب لا تتكلم ببعض الحروف إلا في الضرورة، ولذا حولوها إلى أقرب الحروف من مخارجها، ولكن ابن فارس لا يسلم بهذا فبعضها يرجع إلى الضرورة وبعضا الآخر يرجع إلى اختلاف لهجات القبائل وهذا هو الغالب والأكثر يقول ابن فارس: وحدثني علي بن أحمد الصباحي قال سمعت ابن دريد يقول: حروف لا تتكلم بها العرب إلا ضرورة فإذا اضطروا إليها حولوها عند التكلم بها إلى أقرب الحروف من مخارجها.
- الشنشنة :
وهي في لغة اليمن تجعل الكاف شينًا مطلقا ، كلبَّيْش اللهم لبَّيْش ، أي: لبيك.
- العَجْعَجة :
وهي في لغة قضاعة، يجعلون الياء المشددة جيمًا، يقولون، في تميميّ: تميمج, وقال أبو عمرو بن العلاء: قلت لرجل من بني حنظلة: ممن أنت! قال: فُقَيْمجّ, فقلت: من أيهم؟ قال: مُرِّج، أراد فُقَيْميّ ومُرّيّ, ولذلك اشتهر إبدال الياء جيمًا ملطقًا في لغة فقيم, حتى أنشد شاعرهم:
خالي عُوَيْفٌ وأبو عَلجِّ ... المطعمان اللحم بالعشجِّ
وبالغداة فلق البرنجّ
اللهجات العربية المذمومة -3-
ذكرنا في المحاضرة السابقة بعض اللهجات العربية المذمومة ، وسنكمل في هذه المحاضرة الأنواع الأخر ، وقال الفراء: كانت العربُ تحضر المَوسِم في كل عام وتحجُّ البيتَ في الجاهلية وقريشٌ يسمعون لغاتِ العرب فما اسْتحسنوه من لغاتهم تكلموا به فصاروا أفصحَ العرب وخلَتْ لغتُهم من مُستبْشع اللغات ومُستقبَح الألفاظ ، ومن اللهجات الأخرى :
- الفَحفَحة :
وتنسب إلى هذيل وهي قلب حاء حتى عينًا وبلهجتهم قرأ ابن مسعود "عتى حين". فأرسل إليه سيدنا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يقول له إن القرآن لم ينزل بلغة هذيل فأقرئ الناس بلغة قريش، وتسمى هذه اللهجة الفحفحة ويرى بعض العلماء أنها قلب الحاء عينًا ولم يقيدها بحاء حتى وهذا الرأي ضعيف ومنه قولهم: اللعم الأعمر أعسن من اللعم الأبيض ، أريد به : اللحم الأحمر أحسن من اللحم البيض .
-           العَنْعََنة:
وهي في كثير من العرب في لغة قيس وتميم تجعل الهمزة المبدوء بها عينا فيقولون في أنك عنك وفي أسْلم عَسْلم وفي أذُن عُذُن، كَقَوْلِهمْ: ظَنَنْت عَنَّكَ ذَاهِب أي: أنَّكَ ذَاهِبٌ. وقال الخليل: (( الخَبْعُ: الخَبْءُ في لغة تميمٍ، يجعَلُون بدل الهمزة عَيْناً)) ، وقال السيوطي : أما العَنْعَنة الَّتِي تُذكِر عن تَميم فقلبهم الهمزة فِي بعض كلامهم عيناً. يقولون: "سمعتُ عَنَّ فلاناً قال كذا" يريدون "أَنَّ".
ورُوي فِي حديث قَيْلَة: "تَحسب عَنِّي نائمةٌ" قال أبو عُبيد: أرادت تَحْسب أني، وهذه لُغة تميم. وكما قال ذو الرمة: [من البسيط] :
أعَنْ توسَّمْتَ من خَرقاءَ مَنْزِلَةً ... مَاءُ الصَّبَابَةِ مِنْ عَيْنَيكَ مَسْجُومُ.
أراد "أن", فجعل مكان الهمزة عيناً.
- ومن ذلك الطُمْطُمانية :
وينسب هذا اللقب الى طيء والأزد والى لغة حِمْيَر؛ وهي : إبدال لام التعريف (ميما) ، كقولهم: كَقَولِهِمْ: طَابَ امْهَوَاءُ يُريدُونَ: طَابَ الهَوَاءُ.
-           ومن ذلك: الوكْم :
ويعزى هذا اللقب إلى لغة ربيعة وهم قوم من كَلْب يقولون: عليكِم وبكِم حيث كان قبل الكاف ياء أو كسرة.
- ومن ذلك الوهْم :
وهو في لغة كلْب يقولون: منهِمْ وعنهِم وبينهِمْ وإن لم يكن قبل الهاء ياءٌ ولا كسرة.

اللهجات العربية المذمومة -4-
ذكرنا في المحاضرة السابقة بعض اللهجات العربية المذمومة ، وسنكمل في هذه المحاضرة الأنواع الأخر، فمن ذلك ما يلي :
- من ذلك الكشكشة, وهي في ربيعة ومضر، يجعلون بعد كاف الخطاب في المؤنث شيئًا، فيقولون: رأيتكش، وبكش وعليكش، فمنهم من يثبتها حالة الوقف فقط، وهو الأشهر، ومنهم من يثبتها في الوصل أيضًا، ومنهم من يجعلها مكان الكاف ويكسرها في الوصل ويسكّنها في الوقف فيقول: مِنْش وَعَليْش. وفي ذلك أنشد قائلهم:
فعيناشِ عيناها، وجيدشِ جيدُها ... ولونُشِ، إلا أنها غيرُ عاطلِ
ومنهم من يرى أنها تَعْرِضُ في لُغَةِ تَمِيم كقولهم في خِطَابِ المؤنَّثِ: ما الذي جَاءَ بِشِ؟ يُرِيدُونَ: بِكِ وَقَرَأَ بَعْضُهُم: قَدْ جَعَلَ رَبُّشِ تَحْتَشِ سَرِيّاً لقولِهِ تعالى: (( قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً)).
- ومن ذلك الكَسْكَسة :
وهي في ربيعة ومُضر يجعلون بعد الكافِ أو مكانها في المذكر سينا على ما تقدم وقصدوا بذلك الفَرْقَ بينهما.ويرى بعضهم أنَّ الكَسْكَسَةُ تَعْرِضُ في لُغةِ بَكْرٍ وهي إِلْحَاقُهُمِ لِكَافِ المؤنَّثِ سِيناً عندَ الوقفِ كقولهم: أكْرَمْتُكِسْ وبكِسْ يُريدونَ: أكرمتُكِ وبكِ.
-           ومن ذلك الوتم:
وهذا اللقب في لغة اليمن تجعلُ السِّين تاء كالنات في الناس.
-           ومن ذلك اللَخْلَخَانِيَّة:
تَعْرِضُ في لُغَاتِ أعْرابِ الشَّحْرِ وعُمَان كَقَوْلِهِمْ: مَشَا الله كَانَ يُريدُونَ مَا شَاءَ اللهّ كَانَ.
-           وفي كتب اللغة إشارات إلى بعض المذموم من لهجات العرب؛ من العرب من يجعل الكاف جيمًا كالجعبة يريد الكعبة.
وكان ابن دُرَيْد يقول: حروفٌ لا تتكلم بها العرب إِلاَّ ضرورة، فإذا اضطُرُّوا إِلَيْهَا حوَّلوها عند التكلم بها إِلَى أقرب الحروف من مخارجها، فمن تِلْكَ الحروفِ الحرفُ الَّذِي بَيْنَ الباء والفاء. مثل "بور" إِذَا اضطُروا. فقالوا: "فور".
فهذه الظواهر الصوتية المحلية كانت مما أثار انتباه اللغويين العرب. ولكن الشواهد التي جاءوا بها لبيان هذه الخصائص شواهد شعرية محدودة العدد تتكرر في كل الكتب، وكأنها انعكاس خافت للهجات المحلية. وبغض النظر عن هذه الظواهر المحدودة الأثر في الشعر الجاهلي فإن لغته لا تختلف باختلاف القبائل، ويبدو أن اللغة الفصحى وفق ما تعارف عليه القوم آنذاك كان ينبغي لها أن تخلو من مثل الظواهر المحلية. ولذا كان من الطبيعي أن يحاول المسلمون في صدر الإسلام تجنب استخدام هذه السمات المغرقة في المحلية في قراءتهم للقرآن الكريم، وأن يكون المثل اللغوي المنشود في لغة القرآن الكريم بعيدًا عن المحلية في الخصائص اللغوية بمثل ما هو بعيد عن المحلية في المضمون الفكري. ولذا فليس من الممكن تصور أن لغة القرآن الكريم تعكس لهجة الحجاز وأية لهجة أخرى، بل الأقرب إلى واقع الأمر أن يكون بتلك اللغة الفصيحة المحترمة من الجميع.
الإطلاق.









عيوب اللهجات العربية والقابها
درج اللغويون العرب على ذكر عيوب اللهجات العربية وتلقيبها بالقاب تدور في مؤلفاتهم ومن هذه
العيوب والالقاب:
الاستنطاء: وتعني جعل العين الساكنة نونا اذا جاورت الطاء وفي قراءة انا انطيناك الكوثر وفي ـ
الدعاء لامانع لما انطيت ولا منطي مامنعت وتنسب هذه اللهجة الى هذيل والازد وسعد بن بكر وغيرهم
وهذه الظاهرة واضحة في لهجات العديد من مناطق العراق والامارات الخليجية
ـ التلتلة: وهي عبارة عن كسر حرف المضارعة مثل تلعب ويدرس ونقرأ وتنسب هذه اللهجة الى قبيلة
بهراء وغيرها وهذه الظاهرة واضحة في لهجات العديد من مناطق العراق
الشنشنة: عبارة عن جغل الكاف شينا مطلقا فقد سمع بعض اهل اليمن في عرفة يقول لبيش اللهم لبيش
وفي حضرموت تقول العامة عليش بدلا من عليك
الطمطمانية: عبارة عن ابدال لام ال التعريف ميما مثل طاب امهواء اي طاب الهواء وروي ان
صلىالرسول محمد الله عليه وآله وسلم ـ نطق بهذه اللغة في قوله ( ليس من امبر امصيام في امسفر ) اي ليس ا
من البر الصيام في السفر وتنسب هذه اللهجة الى طيئ والازد وقبائل حمير
العجرفية: عبارة عن التقعر والجفاء في الكلام وتنسب هذه اللهجة الى قبيلة ضبة
العجعجة: عبارة عن تحويل الياء جيما نحو عشج في عشي وعلج في علي وتنسب هذه اللهجة الى
قضاعة وعندبني تميم نرى عكس هذه الظاهرة وهي قلب الجيم ياء يقولون شيرة في شجرة وهي
لهجة واضحة في وسط العراق وحنوبه يقولون ريال في رجال ودياية في دجاجة
العنعنة: عبارة عن ابدال العين من الهمزة يقولون اشهد عنك رسول الله اي انك وتنسب هذه اللهجة
الى تميم وتظهر في بعض مناطق العراق والخليج يقولون قرعان في قرآن
ـالغمغمة: عبارة عن صوت لايفهم تقطيع حروفه ولا يتبين الكلام فيه وتنسب هذه اللهجة الى قضاعة
ـ الفحفحة: عبارة عن قلب الحاء عينا وهي خاصة بكلمة حتى قرأ ابن مسعود قوله تعالى (حتى حين)
عتى حين وتنسب هذه اللهجة الى قبيلة هذيل
ـ القطعة: عبارة عن قطع الكلمة قبل تمامها يقولون يا ابا الحكا اي ياأبا الحكم وتنسب هذه اللهجة الى طيئ
ـ الكشكشة: هي عبارة عن ابدال كاف المؤنثة شينا يقولون عليش واليش في عليك واليك وقيل هي عبارة
عن زيادة شين بعد الكاف المجرورة عند الوقف يقولون عليكش ومنكش في عليك ومنك وتنسب هذه
اللهجة الى ربيعة ومضر وبني سعد
الوتم: عبارة عن قلب السين تاء يقولون النات واكيات في الناس واكياس وتنسب هذه اللهجة الى اليمن
ـ الوكم: عبارة عن كسر الكاف من ضمير المخاطبين المتصل اذا سبق بحرف جر مثل بكم وعليكم
وتنسب هذه اللهجة اى ربيعة وقوم من كلب وبكر بن وائل
الوهم: عبرة عن كسر الهاء من ضمير الغائبين المتصل مثل منهم وعنهم وتنسب هذه اللهجة الى بني كلب




اللهحات العربية واهميتها
اللهجة هي جرس الكلام ، يقال فلان فصيح اللهجة وهي لغته التي جبل عليها فاعتادها ونشا عليها ، وقد
شاع في كتب اللغويين العرب القدامى مصطلح (لغة) ويعنون به اللهجة فلغة تميم ولغة هذبل ولغة طيئ
التي جاءت في المعجمات لايريدون بها سوى ما نعنيه الآن اللهجة كما اطلق عليها مصطلح اللحن ،
واللهجة في الاصطلاح هي مجموعة من الصفات اللغوية التي تنتمي الى بيئة خاصة ويشترك في هذه
الصفات جميع افراد تلك البيئة وبيئة اللهجة هي جزء من بيئة اوسع واشمل تشمل عدة لهجات لكل منها
خصائصها ولكنها تشترك جميعا في مجموعة من الظواهر اللغوية التي تيسر الاتصال بين افراد هذه [
البيئات، فالعلاقة بين اللغة واللهجة هي علاقة العام والخاص فاللغة ثشمل عادة عدة لهجات لكل
منها ما يميزها وهناك اسباب عديدة لنشاة اللهجات منها :
اولا: اسباب جغرافية : يعيش اصحاب اللهجة الواحدة في بيئة جغرافية واسعة تختلف الطبيعة فيها من
مكان الى آخر كان توجد حبال او وديان تفصل بقعة عن اخرى بحيث ينشا عن ذلك عزلة مجموغة من
الناس عن مجموعة اخرى يؤدي ذلك مع مرور الزمن الى وجود لهجة تختلف عن لهجة اخرى تنتمي
الى اللغة نفسها 0
ثانيا: اسباب اجتماعية: للطبقات الاجتماعية المختلفة تاثير في وجود اللهجات فالطبقة الراقية تتخذ لهجة
غير لهجة الطبقة الوسطى او الدنيا وهناك لهجات بحسب طبقات المهن وما الى ذلك 0
ثالثا: اختلاط اللغات: يؤدي الاحتكاك اللغوي الى نشاة اللهجات كما حصل في المجتمع الاسلامي بعد توسع
الفتوحات حيث ظهرت الكثير من اللهجات بعد الاحتكاك بلغات البلدان التي فتحت 0
رابعا: اسباب فردية: يختلف افراد الجنس البشري فيما بينهم في النطق ويؤدي هذا الاختلاف مع مرور
الزمن الى تطوير اللهجة او الى نشاة لهجة او لهجات اخرى 0
اهمية دراسة اللهجات العربية القديمة
لدراسة اللهجات العربية القديمة اهمية كبيرة في الدراسات اللغوية فعن طريقها يمكننا معرفة التطور في
دلالات الالفاظ ومعرفة ما تؤديه من معان مختلفة لاختلاف البيئات وتعيننا في نسبة كثير من اللهجات
الحديثة واعادتها الى اللهجات القديمة وتفيدنا في رسم الخارطة اللغوية للتوزيع اللهجي وانتشار القبائل
العربية وهجرتها واماكن سكناها وتعد دراسة اللهجات المختلفة في اللغة الواحدة من وجهة نظر علم
اللغة الحديث افضل مساعد لفهم طبيعة تلك اللغة ومراحل نشاتها وتطورها وبيان تاريخها 0




اللغه المشتركة واللهجات:
من المسلم به أن معظم اللغات الادبية في العالم,توجد بجانبها مجموعات من اللهجات المحلية،والاجتماعيه واللغات الخاصة . هذه اللغات وتلك اللهجات تسير كلها جنبا الى جنب لا في الاقاليم وحدها بل في داخل المدن الكبرى ايضا،ففي جميع العواصم الكبرى الراقيه نجد لغات الصالونات الادبية ،ولغات العلماء المثقفين وغيرهم. كما نجد لغات العمال والعاميات الخاصة التي تتكلم في حواش المدينة،وقد تختلف هذه اللغات بعضها عن بعض ،والى حد إنه قد يعرف الانسان أحداها دون ان يفهم الاخرى،على أنه من الملاحظ ذلك،أن الانسان قلًما يعيش محصوراًفي مجموعة اجتماعية واحدة،ولذلك كان من النادر أن تبقى احدى اللغات دون أن تنفذ الى مجموعات اجتماعية مختلفة،ومن المشاهد أن كل فرد يحمل لغة مجموعته ، ويؤثر فيها في لغة المجموعه المجاورة التي يدخل فيها،أو يتأثر بلغة هذه المجموعة. وعلى هذا صار عاملان في اللغة،(عامل التفريق)و(عامل التوحيد) فالتفريق يؤدي الى انفصالات تزداد تعددا مع الزمن،وتكون النتيجه:تفتت اللغة تفتتاًيزداد بإزدياد استعمالها،اذ تضطرها الى هذا التفتت مجاميع الافراد التي تترك وشأنها دون احتكاك بينها. غير أن هذا التفريق اللغوي لايصل إطلاقالاالى تمامه لإن سبباً حيويا يقف في طريقه ويعمل دائما على مناهضته ألا وهو (التوحيد)الذي يعيد التوازن اللغوي.
فعلى هذا لابد من قيام اللغات المشتركه على اساس لغه موجودة تتخذ لغة مشتركة من جانب الافراد والجماعات التي تختلف لديهم صور التكلم والظروف التاريخية هي التي تفسر لنا تغلب هذه اللغة التي اتخذت أساسا وتعلل انتشارها في جميع مناطق التكلم المحلي المشتركة،فهي دائما لغة وسطى تقوم بين لغات اولئك الذين يتكلمونها جميعاً.وخير مثال لهذا لغتنا العربية التي كانت تحكي بها قبل قبائل مختلفة، فقد انقسمت الى لهجات متعددة تختلف فيما بينها في كثير من الظواهر الصوتيه والدلاليه كما تختلف في مفرداتها،ثم اتيحت لهذه اللهجات العربية فرص كثيرة للاحتكاك بسبب التجارة تارة وتجاور القبائل تارة اخرى، وتنقًل تلك القبائل في طلب الكلا والمرعى،أوتجمعها في مواسم الحج،فإشتبكت هذه اللهجات في صراع لغوي كان النصر فيها للغه مشتركة استمًدت أبرز خصائصها من لهجة قريش التي طغت على سائر اللهجات الاخرى،فأصبحت لغة الادب بشعره ونثره،ولغة الدين ولغة السياسه والاقتصاد.فقد سادت لهجة قريش بسبب العامل الديني اولاً لأن قريش كانت تتمتع بمنزله دينية خطيرة قبل الاسلام ،وان القريشيين كانوا جيران بيت الله وسدنته. وكذلك العامل الاقتصادي فهم كانوا يتمتعون بسلطان اقتصادي كبير لإن بيدهم جزءً كبيراً من تجارة الجزيرة العربية ينتقلون في بقاعها من سوريا شمالاً إلى اقاصي اليمن جنوباً.وقد اتاح لهم هذا النشاط التجاري شراءاً كبيراً،ومن ملك المال واحتضان الدين تحقق لهم سلطان قوي،ولهذا كله كانت اللغة القريشيه أقوى اللغات أثرا في تكون اللغه العربية المشتركة او العربية الفصحى.
ولمًا كانت الاقاليم تختلف فيما بينها في لهجاتها،فإن طبقات الناس التي تعيش فيها تختلف هي ايضاً في لغاتها فالطبقه الغنية ذات الجاه والنفوذ المادي والسيطرة السياسية تخالف في كلامها دون شك طبقات العمال والجنود والتجار والزراع وغيرها من الطبقات الاخرى. وسواء اكانت اللهجات محلية ام اجتماعية فإنها تمت بصلة وثيقة للغة المشتركة وقد يكون كلا النوعين متشعباً عن اللغه الاصلية يستمد منها اصول مفرداته وقواعده وتراكيبه غير أن السبب الرئيسي لنشأة اللهجات المحليه يرجع الى اختلاف الاقاليم وما يحيط بكل اقليم من ظروف وخصائص تأريخية وجغرافية وسياسيه،على حين أن السبب الاساس لنشأة اللهجات الاجتماعية يرجع الى اختلاف الناس في الاقليم الواحد وما يكشف كل طبقة من شؤون في شتى مظاهر الحياة.





الاصوات واللهجات العربية
كانت بين قبائل العرب فوارق لهجية واضحة المعالم فهناك فروق بين لهجة مكة ولهجات البادية، ويمكن القول ان هناك اسبابا متعددة لهذه الفروق منه
منها العزلة والاختلاط بغير العرب والذي يفرق بين اللهجات هو الاختلاف الصوتي في طبيعة الاصوات وكيفية صدورها
وتعد ظاهرة الابدال من الظواهر الصوتية التي تمثل قدرا كبيرا في تفسير كثير من الظواهر اللهجية فالقبائل البدوية تميل الى الاصوات الشديدة في نطقها
وهو ما يتاواءم مع ما عرف عن البدوي من غلظة وجفاء في الطبع لذلك يتميز نطقهم بسلسة من الاصوات القوية السريعة في حين ان اهل المدن يميملون الى رخاوة تلك الاصوات الشديدة فالباء والتاء والذال والكاف وغيرها من الاصوات الشديدة تستعمل في افواه المتحضرين على الترتيب فاء ، سين زاي ، شين والابدال ينتج من عوامل متعددة منها التطور الصوتي الذي يؤثر فيه تطور اعضاء النطق وعيوب تلك الاعضاء والمكان والزمان فاللغة في مدينة زراعية تختلف في اتجاهها عن مدينة صناعية او جبلية او صحراوية كما تؤثر في ذلك مسالة الثقافة والحضارة والاختلاط الاجتماعي ومن صور الابدال : الكشكشة وهي اضافة شين بعد كاف الخطاب في المؤنث رايتكش في رايتك وبكش في بك هذا ما نراه في اسد وهوازن، ومنها الشنشنة وهي جعل الكاف شينا مطلقا مثل لبيش اللهم لبيش وديش في ديك وهذا ما نراه في قبائل اليمن ومنها العنعنة وهي قلب الهمزة عينا اشهد عنك رسول الله وعمام في امام وسعال في سؤال وهذا ما نراه في تميم ، ومنها الفحفحة وهي قلب الحاء عينا مطلقا مثل علت العياة لكل عي في حلت الحياة لكل حي وهذا ما نراه في لغة هذيل
ومنها العجعجة وهي جعل الياء المشددة جيما مثل راعج في راعي وكوفج في كوفي وهذا ما نراه في لغة قضاعة
ومنها الوتم وهي قلب السين تاء عند اهل اليمن الناس: النات ولباس : لبات ، ولاباس: لابات هذا بادال في الحروف ومن الظواهر الصوتية الامالة والفتح وهي نوع من انواع التاثر الذي تعرض له الاصوات حين تتجاور او تتقارب وهي ان تميل الفتحة الى الكسرة والالف الى الياء مثل عالم عالم وخاتم والف التفحيم من صلاة وزكاة ومن الظواهر الصوتية تحقيق الهمز وتسهيله فبعض اللهجات تحقق الهمز وبعضها تسهل الهمزة بابدالها او بحذفها ، والهمزة صوت حنجري شديد يناسب البيئة البدوية وهي قبائل وسط الجزيرة وشرقها فالتحقيق من لهجات تميم وقيس واسد والتسهيل لهجة البيئة المتحضرة وهم اهل الحجاز قريش والاوس والخزرج مثل نبي ونبيء وشابة وشآبة ويؤت ويوت وانبئهم وانبيهم
ومن الظواهر اللهجية الصوتية الفك والادغام فففي بعض اللهجات نرى ترك الادغام موجودا وفي لهجات اخرى نرى الادغام واضحا مثل غض وغضض وجدّ وجدد وصدّ وصدد لم يصد لم يصدد لايضرّكم وا يضرركم ، وان يمسكم وان يمسسكم ومن فلب تاء افتعل اذا كانت ذالا الى دال ادكر واصلها اذدكر وادكرّ واصلها اذتكر واضطجع واصلها اضتجع

وهكذا نرى الاصوات لها دور فاعل ومؤثر في اختلاف اللهجات العريبة وذلك بحسب القبائل التي تنطق تلك الاصوات فنرى اختلافا في ابدال الحروف وابدال الحركات وفي الامالة والفتح وفي ادغام الحروف وفي فك ذلك الادغام وفي تحقيق الهمزة وفي تسهيلها وذلك ناتج عن عزلة تلك القبائل واختلاطها باقوام غير عربية وبحسب الموقع الجغرافي لتلك القبائل وبحسب ثقافتها وحضارتها

ليست هناك تعليقات: