2015/03/25

مقال عن لهجة بحارنة أبوظبي والامارات

نوادر الإبدال في اللهجات المحلية (إبدال حرف الثاء بـ الفاء )
أحمد محمد عبيد *
يتنوع التوزيع اللغوي الجغرافي في دولة الامارات تنوعا كبيرا وتتصف لهجات بعض القبائل بوجود ظواهر لهجية لاتوجدفي قبائل او مناطق اخرى ، او وجود ظواهر لهجية نادرة تشترك فيها ومعها بعض القبائل القليلة القريبة منها في مناطق التواجد.
(ابدال الثاء فاء):
هو من الظواهر العربية القديمة التي طغت في بعض لهجات الخليج العربي حتى صارت مستقلة بذاتها ، وخرجت عن نطاق الإبدال كما في البحرين والقطيف ، والثاء تنطق فاء في كلمات قليلة في عموم لهجات الإمارات .
فكلمة: ثلج تنطق فلج ومثلها ثلاجة التي تنطق فلاجة ، عدا لهجات الشحوح والظهوريين والحبوس التي تنطقها فلق كما سنتحدث عنه لاحقاً ، ومن ذلك كلمة "ثريد" في لهجات الساحل الغربي التي تنطق "فريد" في لهجات الساحل الشرقي .
اما (في الامارات) في لهجة البحارنة في ابوظبي فينطق كبار السن منهم حرف الثاء فاء في كل الكلمات (1) ، مثلهم فيذلك البحارنة في عدة مناطق (في البحرين) مثل "توبلي" و "جد حفص" و "جزيرة سترة" و "جزيرة النبيه صالح" و "الديه" وغيرها ،فأهلها يلفظون حرف الثاء في كل الكلمات فاء مثل فوب مفلا ، افنين ،فلافة، فمانية،كفر ، فعلب وغيرها (2) كما يوجد هذا النطق مع أهل القطيف (في السعودية) (3) .
وفي لهجات وسط اليمن في صنعاء وعمران وشبام وكوكبان ، تقلب أحيانا الثاء الى فاء ، فيقال مفل بدلا من مثل ، وكذلكفي المكلا والشحر يقولون فلافة بدلا من ثلاثة (4) ، ومثلهم البدو في مقاطعة مستغانم في المغرب العربي يبدلون الثاء فاء نحو قولهم في ثاني - فاني (4)
وهذا النطق عربي قديم اوردت كتب اللغة بعضاً منه ، كقولهم الإثلاج - الإفلاج ، أي الفاء بدل الثاء (5) ، ومن أسماء القبر الجدث والجدف (5) وقال ابن جني عن الجدث "هو القبر بلغة أهل الحجاز ، والجدف بالفاء لبني تميم ، وقالوا : أجدثت له جدثاً ، ولم يقولوا : أجدفت ، فهذا يريك ان الفاء في جدف بدلا من الثاء في في جدث" (6) ، وفي الصحاح " الجدف : القبر ، وهو إبدال الجدث . قال ابن الفراء : العرب تعقب بين الفاء والثاء في اللغة ، فيقولون : جدث وجدف ، وهي الأجداث والأجداف" (7) ، وقولهم فم بدلاً من ثم في العطف ، " فم لغة في ثم ، وقيل فاء فم بدل ثم ، ويقال رأيت عمراً فم زيداً ، وثم زيداً بمعنى واحد (8) وقولهم الحفالة والحثالة : الرديء من كل شيء وهو اللفام واللثام ، وقال الفراء : اللثام على الفم ، واللفام على الارنبة ، ويقال فلان ذو فروة وثروة ،اي كثرة (9) .
والتفسير الصوتي لهذه الظاهرة هو تجاوز هذين الصوتين الثاء والفاء ، فهما متقاربان مخرجا ومتفقان صفة ، فالثاء صوت مهموس رخو(10) عند النطق به يوضع طرف اللسان بين اطراف الثنايا العليا والسفلى بصورة تسمح بمرور الهواء من خلال منفذ ضيق فيحدث الاحتكاك ، مع عدم السماح للهواء بالمرور من الانف وعدم تذبذب الاوتار الصوتية (11) ، والفاء كذلك مثله رخو مهموس (12) حيث يندفع الهواء مارا بالحنجرة دون ان يتذبذب معه الوتران الصوتيان ، ثم يتخذ الهواء مجراه في الحلق والفم حتى يصل الى مخرج الصوت ، وهو بين الشفة السفلى وأطراف الثنايا العليا ، وحين يضيق المجرى عند مخرج الصوت نسمع صوتا عاليا من الحفيف ، وهو الذي يميز الفاء بالرخاوة(13) والذي نراه ، ان الثاء هو الحرف الاقدم في هذا الابدال ، وتأتي فيه الفاء تالية للثاء في ابدالها وفق ظروف معينة ، فكان عامة أهل صقلية يقولون لمن سقطت ثنيته اي سنه الامامية : افرم والصواب اثرم (14) بمعنى ان الثاء سابقة ، وهذا مانجده في اللغات السامية ، حيث أن الثاء هي الحرف الأصلي في العربية ، ذلك أن "الشين" العبرية التي تقابل "التاء" في الآرامية وتقابل الثاء في العربية ، وتلك قاعدة مطردة في مقارنة أصوات اللغات السامية ، فكلمة شور في العبرية تقابل تورا في الرامية وتقابل ثور في العربية وكذلك شوم العبرية هي توما الارامية وثوم في العربية ، ومعنى هذا ان اصل هذه الكلمة في العربية بالثاء واما الفاء فهي تطور عنها "(15).
________________________________________________ الهامش: _______________________
* باحث وكاتب وشاعر إماراتي مختص بالتراث والأدب والشؤون المحلية، له عدة كتب مهمة في التراث من بينها ،( لهجات الامارات ..مقدمات ودراسات ).

ليست هناك تعليقات: