2015/04/08

العربية تهان في عقر دارها

أكد رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة أن أكبر التحديات التي تواجه العربية حاليا هو ضعفها على ألسنة الناشئة, رغم أنها تتطور وتزداد مرونة وجمالا وقوة, لكن المشكلة تكمن في ضعف استعمالها وشيوعها، والاعتزاز بها لدى أصحابها.
وأبدى د. حسن الشافعي أسفه -في حديث خاص للجزيرة نت- من أن العربية الآن تُهان في عقر دارها، ولا يعرفُها أبناؤها الذين يتكلمون الآن هجينا وخليطا من لغات عدة.
ووصف التدريس بغير العربية في التعليم الرسمي والجامعات الحكومية، بأنه من المآسي التي تنفرد بها مصر، بل وأكثر البلاد العربية، من بين جميع دول العالم, ولم يقتصر في المجالات العلمية التجريبية، وإنما حتى في المجالات الإنسانية, بل إن بعض البلاد العربية تُدرس الشريعة الإسلامية لأبنائها بالإنجليزية.
الجامعات الأجنبية
ونبه رئيس المجمع اللغوي إلى الدور السلبي للجامعات والمعاهد الأجنبية في البلاد العربية, على نحو يكاد يستقطب كل أبناء الطبقة المقتدرة ماليا, ويعزلهم إلى حين تخرجهم عن لغتهم القومية، ويربطهم بالثقافة والحياة الغربية، وهؤلاء هم النخبة المتحكمة في برامج التنمية ووسائل التطور الاقتصادي والاجتماعي، بعيدا عن العربية وتراثها.
وأكد أن بقاء الإنجليزية مسيطرة على دنيا العمل والإدارة المالية والاقتصادية، هو أيضا من التحديات الخطيرة، ولا بد من تعريب الحياة الاقتصادية، ودنيا الشركات وسوق العمل، حتى يجد أبناؤنا فرصة العمل دون اللجوء للدراسة بالإنجليزية.
كما لفت إلى تدهور حال معلمي العربية فنيا وماديا، بالإضافة إلى عقم المناهج وسطحيتها وتعقدها، وقلة العناية بأمر اللغة وأنشطتها الفنية، ومكانتها التربوية بوجه عام، وسوء إعداد الكتاب المدرسي، وغياب الاعتزاز باللغة القومية، واختفاء الكتاتيب، وقلة حظ الناشئة من حفظ شيء من القرآن وحسن تلاوته.
معجم مصور
وكشف الشافعي للجزيرة نت أن مجمع اللغة العربية فكر في حل، وإن كان تنفيذه لا يزال بطيئا بسبب ضعف الإمكانيات الفنية, وهو إنتاج معجم مصور ناطق بالعربية للطفل العربي، بحيث يقرأ الكلمة، ويرى الصورة والشكل، ويعرف المدلول والمعنى, ويسمع تسجيلا صوتيا للنطق الصحيح.  وأضاف "نفكر في هذا المشروع منذ عام، ولكن لم نجد الشركة أو الجهة التي تنتجه على النحو المقبول, ورغم ذلك سوف نخوض التجربة، ونحسن المعجم شيئا فشيئا والمادة العلمية شبه جاهزة".
وأشار رئيس المجمع اللغوي إلى أن المَدرسة لا تؤدي دورها، وأصبح البيت يعاني عبئا شديدا، ولذا أنشأ المجمع منذ أكثر من عامين لجنتين، الأولى ترصد وضع اللغة في الإعلام، والثانية في التعليم، بهدف إصلاح الإعلام والتعليم فيما يتصل بالعربية.
ولفت إلى أن العربية تقدم من خلال قواعد النحو والصرف، وهذا ينفر الدارس لها، ولذا لا بد أن نغير منهج التدريس، حتى نربط تعليم اللغة بالحياة واحتياجات الإنسان، ومزج قواعدها بالأدب, من خلال شواهد شعرية وأدبية لكبار شعراء العربية في الماضي والحاضر.
وعن دور المجمع في الدفاع عن اللغة قال الشافعي إن "المجمع يصدر توصيات وتوجيهات وقرارات, ولكن مع الأسف غير ملزمة لأي جهة من الجهات، سواء الحكومية أو المدنية".
واستطرد "لسنا ضد تعلم اللغات الأجنبية، ولكننا ضد التعليم بها، الذي يجري الآن مع الأسف في الجامعات المصرية، ليس في كليات الطب والهندسة والصيدلة كما كان, إنما في كليتي التجارة والحقوق وغيرهما".
ودعا الشافعي الهيئات والمؤسسات والمسؤولين إلى إشاعة ثقافة الاعتزاز باللغة، والتكلم بها والحرص عليها، وتربية الشباب على حبها، وأن نناضل جميعا من أجل مواجهة المشكلات الداخلية والخارجية التي تهدد بقاءها.
المصدر : الجزيرة

ليست هناك تعليقات: