2016/02/05

في قواعد اللهجة الفلسطينية(2)..


د. محمد عقل
في فلسطين لهجات محكية كثيرة تختلف من منطقة إلى منطقة، ومن قرية إلى قرية، ومن مدينة إلى مدينة. يلاحظ تأثير اللهجة الشامية في الجليل ونابلس التي ما تزال تسمى "دمشق الصغرى"، وتأثير اللهجة المصرية في قطاع غزة، ورغم هذا الاختلافات إلا أنه توجد بين هذه المحكيات قواسم مشتركة كثيرة. في هذه الحلقة سنواصل دراسة مظاهر اللهجة الفلسطينية وقواعدها:   
4)القلب المكاني
وهو تقديم حروف أو تأخيرها في نفس الكلمة للتسهيل، أو اللثغة، ويسمى ذلك الاشتقاق الكبير حيث يقول أهل القرى في فلسطين: معلقة للملعقة، ورَعْبون للعَرْبون وهو دفع شيء من الثمن عند المشترى ليكون ما اشتراه له عندما ينقد ثمنه، وقد قال الأصمعي إنها كلمة أعجمية؛ وجوز للزوج، وجنزبيل لزنجبيل، وهص ل(صَهْ)، وأهبل للأبله، وأجا لجاء، وجنزير لزنجير، واقضب لأقبض، وبربيج لنبريج(أنبوب) . في كثير من الأحيان يجتمع القلب والإبدال في كلمة واحدة مثل قولهم (إجِر) لرِجل فقدموا اللام وأبدلوها همزة، وفي المدن (معلأه) لملعقة
حيث قدموا اللام وأبدلوا القاف همزة، وبحلق لحملق وفي المدن (بحلأ) لحملق حيث تقدمت الباء المبدلة من الميم، وأبدلت القاف همزة. وفي اللهجة الشامية قالوا: صخس للشخص، مرسحية للمسرحية، هيلطية للهيطلية، قعرب للعقرب، معجوز للمزعوج. وفي الفصحى جبذ وجذب بمعنى شد، وخج وجخ إذا نسف التراب برجله في مشيه، ومزراب ومرزاب (ميزاب الماء).  
5)تعاقب الحروف
تعد ظاهرة التعاقب، أو تبادل الأصوات بعضها مع بعض ظاهرة معروفة في التراث اللغوي العربي، وهي جعل صوت مكان آخر فيعقب هذا الصوت ذاك الصوت بسبب قرب مخارجهما ويكون المعنى في اللفظين واحداً، فعلى سبيل المثال في باب ما تعاقب فيه النون والميم يقال الغيم والغين للسحاب، منيح ومليح، إنتلا وامتلأ. ومن باب تعاقب القاف والكاف نذكر: دقمه ودكمه إذا دفع في صدره، ومتك الصبي ما في ضرع أمه، ومتق ما في ضرع أمه إذا شربه كله، وعربي قُحّ وكُحّ أي خالص والجمع أقحاح، وكَشَطتُ عنه جلده وقَشَطتُ، وقَهرتُ الرجل أقهره وكَهرته أكهره، والأقهب والأكهب: لون إلى الغبرة، وعليه جاز أن نكتب اسم عشيرة القبها بالقاف والكبها بالكاف. ومن باب تعاقب الهمزة والعين عند تميم وقيس وأسد وهو ما يُسمّى بعنعنة تميم: عَسْلَمَ في أسْلَمَ، عُذُن في أُذُن، ومن باب تعاقب العين والنون قولهم: أنطى في أعطى ويسمى ذلك في اللغة الاستنطاء، ومن باب تعاقب الفاء والثاء قالوا: ثِم/تم في فم. وما يجدر ذكره أن أهل المدن في فلسطين وسورية يلفظون القاف همزة نحو: مآلات في مقالات، وآل في قال، بينما أهل القرى يلفظون القاف كافًا على سبيل المثال: كهوة للقهوة ، كال لقال، كح لقح، يكوم ليقوم، كصة لقصة.
6)النحت:
النحت اصطلاحاً هو أن تعمد إلى كلمتين متعاقبتين أو جملة فتنزع من مجموع حروف كلماتها كلمة فَذّة تدل على ما كانت عليه الجملة نفسها طلبًا لسهولة التعبير وإيجازه، ولما كان هذا النزع يشبه النحت من الخشب والحجارة سمي نحتًا، وهناك من اسماه الاشتقاق الكُبّار، والنحت والتركيب من عوامل التوسع اللغوي، وفيما يلي أمثلة على ذلك:
بَسْملَ: قال بسم الله الرحمن الرحيم، والمصدر بَسْمَلة.
حَمْدَلَ: قال الحمد لله والمصدر حَمْدلة.
حَوقَل: قال لا حول ولا قوة إلا بالله، والمصدر حَوقلة.
حَتَّنة أو حَتْلنة: حتى الآن أي تحديث المعلومات(עדכון-updating). أجاز اللغويون قلب النون لاماً، والعجائز ما زالت تقول نيرة بدلاً من ليرة، ولتانيا بدلاً من نتانيا(مدينة).
يكثر أهل فلسطين من استخدام النحت في كلامهم، وفيما يلي بعض الأمثلة:
إيش: أي شيء. وقد استعمل هذه اللفظ الإمام أحمد بن محمد بن حنبل في القرن الثالث الهجري.
ليش: لأي شيء. لشو/ عشان شو/مشان شو: لأي شيء، على شأن أو من شأن أي شيء: ماذا.
مفيش: ما في شيْ.
ببلاش: ب بلا شيء، أي بدون مقابل. بلاش: بلا شيء بمعنى بدون.
شو عليه: لا عليه شيء.
شو بدّك: أي شيْ بودّك، وود معناها أراد، رغب.
شو: أي شيء، ماذا؟
ما بديّش: ما بودّي شيء.
مَدري: ما أدري. ودرى معناها علم، عرف.
بالمشرمحي: من (ألم نشرح) أي بكلام عربي واضح وفصيح وهي منحوتة من بداية سورة الانشراح.
هلق/هلأ: في هذا الوقت.
هلقيت/ هلجيت/ هلئيت/ هالوقيت/ دلوقيت: هذا الوقت، وذا الوقت.
هلحين: هذا الحين أي الوقت.
هسه/هسع/ هسعيات: هذه الساعة.
إسه/الساعتن: من الساعة.
لسه: ليس الساعة أي لم تحن ساعة ذلك.
منين: من أين.
إيمتى/ واينتى: متى
معلش/ ما عليشي: أي ما عليه شيء. تقال للاعتذار أي أرجو أن لا يكون لك عليّ شيء، أو ما عليه شيء.
جابو: جاء به.
مشان هيك: من شأن هكذا، والمعنى من أجل هكذا أمر.
مش/ موش: ما شيء، ما هو شيء أي غير موجود.
قدّيش/ أدّيش: قد أي شيء أي كم مقدار الشيء، قدّيش الساعة: كم الساعة.
ويقولون في التهديد والزجر: (ولاك) كأنها الويل لك، أو أولى لك وكلتاهما بنفس المعنى.
وفي التمني يقولون: يا ريت أي يا ليت وقد وردت في سورة يس آية 26:"قال يا ليت قومي يعلمون"، وإبدال الراء من اللام غير شائع في اللهجات العربية التي نعرفها.
ومن باب المجاملة يقول أهل فلسطين: "كُرْمالكَ" أي إكرامًا لك أو كَرَمًا لك إذا، وهنيالك أو نيالك أي هنيئًا لك وهي كلمة حسد لطيفة.
ما عرفتش: ما عرفت شيئًا.

ليست هناك تعليقات: