2016/02/09

أجدادنا تأثروا بالكلمات الفارسية والتركية.. وجيل اليوم «غربية»!

«قاموس المفردات» يعيدنا إلى أصل الكلمة وتناقلها بين الأجيال


أجدادنا تأثروا بالكلمات الفارسية والتركية.. وجيل اليوم «غربية»!

إعداد: منصور العسّاف


لا عجب إن وقف الباحث في أسرار اللغة على معين لا ينضب من المفردات والمصطلحات العربية التي تكتنز بها اللغات الأخرى كالفارسية والتركية والإنجليزية، لا سيما وإن معظم هذه المفردات كانت قد انتشرت واستخدمت حين كان الفاتحون العرب يستظلون بظلال رسالة الإسلام الوارفة، والتي انتشر معها الاسم والحرف العربي في كافة أصقاع الدنيا؛ ولأن هذه الحضارات جميعاً انصهرت واندمجت جميعاً في حضارة
الإسلام الخالدة، التي من خلالها استقبلت اللغة العربية كمّاً وافراً من المفردات الفارسية والتركية وحتى الهندية، التي ظل معظمها مستخدماً في زمننا الحالي، ونقله الأجداد للأحفاد مع بعض التحريف أو التعريب.
ومن المفارقة في زمننا هذا أن اللغة العربية التي استقبلت قبل ألف عام كمّاً وافراً من اللغات الشرقية أصبحت الآن مع تغير الزمن تستقبل معظم المفردات الأجنبية من الغرب الأدنى والأقصى، مع الأخذ بالاعتبار أن اللغة العربية لغة ولاّدة وجامعة، ولكونها لغة القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ فقد كان لها ما لم يكن لغيرها من الانتشار والعالمية.
أزياء وملابس
في عالم الأزياء واللباس لا تتعجب إن سمعت بمفردات عرفها اللسان العربي ودرجت بين ألسنتها، بل إننا نتداولها من باب الأناقة وحُسن الهندام؛ ولأن الشيء بالشيء يذكر فلا تعجب إن قيل لك إن مصطلح "هندام" إنما هو مصطلح فارسي يعني الهيئة أو المظهر وأصلها "أندام"، كما أن كلمة "قيطان" التي تعني في لهجتها الدارجة التطريز وحياكة الثوب بالخيوط البارزة ما هي إلاّ مفردة فارسية تأتي بلفظ "كيتان" وتعني الخيط السميك المغزول من القطن، وقد ظهرت "موضة" القيطان في الستينيات الميلادية وعادت مع بداية الألفية، أما في الحجاز فهي حاضرة في أزياء كثير من الشباب، بل إنها جزء من ثقافة اللباس الحجازي، أما البشت الذي يتزيا به معظم أبناء الجزيرة وبعض الدول العربية فهو يعود بمسماه إلى اللغة الفارسية، وهو اصطلاحاً عُرف بالعباءة الواسعة المنسوجة من الخيوط الغليظة رغم أنه في اللغة يعني الظهر أو الخلف وكذلك كلمة "فستان" فهي "أرنأوطية" أي ألبانية لأن "الأرناوط" هم الألبان ومعناها الملحفة الواسعة كثيرة الطيّات تلف على الخصر، ودخلت إلى العربية عن طريق الأتراك حين هاجروا إلى آسيا الصغرى وأقاموا دولة السلاجقة ثم الدولة العثمانية، وقد أطلق اللفظ على عموم أثواب النساء، أما "الصندل" فهو مصطلح هندي يطلق على نوع من الخشب ولذا أطلقته العامة في زمننا هذا على الحذاء الخشبي، أما ال "سروال" فهو مصطلح فارسي مُحرّف عن "شروال"، وكذلك ال "شملة" فهي مفردة تركية درجت في اللسان العربي وكذلك ال "شال" فارسية الأصل وتعني القماش الحريري الملون يلف حول الخصر أو يوضع فوق الكتف، واشتهرت به بلاد الشرق كالهند وكشمير وإيران، أما "الشاش" فهو مصطلح هندي يعبر عن الشريط الرفيع على طرفيه حرير أبيض، ويستخدم في زمننا هذا كإحدى أدوات طب الطوارئ، أما الشماغ وهو اللباس العربي المشهور فيعود في مسماه إلى مفردة "يشمك" التركية.
وعليك إن دخلت ال "بازار" وهو السوق أو مجموعة الدكاكين بلغة فارس، أن تجيد اختيار أقمشة "الديباج" وهو الحرير المنسوج المعرب من "ديبا" الفارسية وإن أضيفت لها "جه" وهي أداة التصغير بلغة فارس "جه" أصبحت ديباجة أي مقدمة الكتاب، على أن كلمة "بصطار" وقعت على اختلاف المفسرين وأهل اللغة بين كونها مفردة تركية أو فارسية، إلاّ أنها في معناها تدل على الحذاء ذي الساق الطويلة.

المشراق في نجد أحد مصادر نقل الأخبار بمفردات بلاد الشرق
الوراقة والمكاتبات
وقد يُعبر عن المبلغ الزهيد بقولهم "بلاش" وهي مفردة أيضاً واردة من الشرق حيث مفردة "بالش" التي تعني عند أهالي "منغوليا" عملة نقدية انتشرت أيام "جنكيزخان"، أما "بخشيش" فتعني الهبة والعطاء بالفارسية، وكذلك كلمة "بخور" التي تعني طيب العود، و"بولاد" المعربة إلى فولاذ وتعني الحديد الصلب، و"بوستان" التي ينطقها العرب "بستان" وهي معربة من الفارسية حيث تعني كلمة "بو" الرائحة، و"ستان" تدل على المكان، وكذلك كلمة "بندق" التي تعني بالفارسية ثمرة البندق، واصطلاحاً تدل على كريات صغيرة من الطين المشوي توضع وسط وتر قوس لرميها إلى مكان بعيد، ثم أطلقت على كريات الرصاص التي تطلقها البنادق، أما مصطلح "برداية" التي يطلقها بعض كبار السن لدينا على الستارة، فهي عائدة إلى أصلها الفارسي حيث "برده" بمعنى ستارة و"بردة دار" بمعنى المُمسك بالستارة وهو الحاجب، كما أن مصطلح "البقشة" عائد إلى أصله في اللغة التركية "بقجة"، ويقصد بها "الصرة" أو قطعة من القماش التي تحفظ بها الثياب والأموال، وكذلك مفردة "بصمة" ذات الأصل التركي التي تعني الضغط والطبع، أما "رزنامه" ففارسية من "روز" بمعنى اليوم، كما أنها نوع من الورد، و"نامه" بمعنى السجل، في حين وردت كلمة "البطاقة" من اليونان ويقصد بها الورقة الصغيرة، وكان الباعة في العصر العباسي يضعونها على معروضاتهم من ملابس وأقمشة ونحوها، ويكتبون في كل بطاقة سعر القطعة المعروضة، كما كان الأمراء في العصر المملوكي يستخدمونها في المراسلات الصغيرة عبر الحمام الزاجل، و"دفتر" وتعني باللغة الألمانية السجل، أما "الدبوس" ففارسية وتعني الإبرة الصغيرة، أما مفردة "برنامج" فهي معربة من "برنامه" بالفارسية وتعني الجدول والمخطط لمشروعات الأعمال لاسيما إذا احتوت هذه البرامج على عدة بنود، والبنود مجموع "بند" وهو مصطلح فارسي أيضاً يعني الربط أو القيد واصطلاحاً يدل على العلم والفقرة، أما كلمة "فهرس" فهي تدل على قائمة المواضيع في آخر الكتاب، أما مفردتا "بوجي" و"كبوت" فهما تركيتان الأولى تعني آلة من آلات الحدادة، كما يقال إنها بربرية الأصل، في حين كانت الثانية مفردة عثمانية يُقصد بها المعطف ويرتديها الجنود العثمانيون في الأيام المطيرة لتغطيهم عن المطر، وربما أطلقت العامة على غطاء مقدمة السيارة مصطلح "كبوت" من قبيل هذا التعبير، وكذلك مفردة "شمبر" التي تعني بالتركية الإطار وهو ما يستخدمها العامة لدينا في عجلات السيارة وجمعها "شنابر"، أما "الطبنجة" فهو مصطلح هزلي تردده العامة في زمننا هذا على الشخص الضعيف وأصله فارسي مأخوذ من مسمى إحدى الأسلحة العتيقة، كما هي مفردة "تنبل" التي تعني بالفارسية الكسول، و"شلة" تعني جماعة ويقصد بها من عددهم فوق الأربعين، على أن كلمة "بهلوان" تعني البطل الشجاع، أما الرجل "البلطجي" فهو حامل الفأس مأخوذة من "بالطة" وتعني باللغة التركية الفأس و"جي" علامة النسب في اللغة التركية، وقد أطلقت هذه اللفظة على حراس القصر السلطاني في الدولة العثمانية، وقد عرف اصطلاحاً بما في الشارع المصري بما يوازي معنى الزعران، والزعر لفظة عربية منتشرة في بلاد الشام، كما يسميهم أهل العراق سابقاً بالشطار، وهم صنف من الجند مهمتهم السير في مواكب أركان الدولة في العهد العثماني، أما في العصر العباسي فقد أُطلق على فئة الخارجين عن النظام وخريجو السجون كما يطلق عليهم "العيّارون" و"السرسرية"، وقد أسهب المؤرخون في شرح أفعال هذه الفئة إبان الحرب التي ثارت بين الخليفة الأمين وأخيه المأمون في نهاية القرن الهجري الثاني.

معلبات وأطعمة تباع في بقالة الحارة قبل نحو 60 عاماً بأسماء فارسية وتركية
الموائد والطعام
في بعض بلدان الخليج يطلق على الخبز "صمون" وهو مصطلح منقول من التركية، كما يطلق على القشطة "قيمر" وهي مأخوذة من "قيمق" التركية والتي تعني القشطة المأخوذ من حليب الغنم، أما الأكلات العراقية ك "اللوزينج" و"الفالوذج" فهي مفردات معربة من الفارسية، وكانت مثل هذه الأكلات مشهورة في العصر العباسي وتباع بالأسواق ويصفها الشعراء وأصحاب المقامات ولا تحضّر على مائدة إلا نادراً، ولا تشاهد إلا في موائد السلاطين لندرتها وغلاء ثمنها، وهي نوع من أنواع الحلويات كالهريسة والكنافة والقطائف، أما "الشاورما" فأصلها تركية من "جاورمة" وتعني اللحم المشوي على السيخ والمقطع على شكل قصاصات ويطلق عليها العراقيون "مقصقص"، كما يطلق عليها في بعض البلدان العربية مقصصة، أما "السنبوسك" أو ما نسميها "السمبوسة" فتعني الزاوية والكاف أداة التصغير باللغة الفارسية، وفي الاصطلاح تطلق على الفطائر المثلثة المحشوة باللحم والبصل، وقد وصف "ابن الرومي" والشاعر "كشاجم" كيفية إعدادها وقليها بقصائد ذكرها المسعودي في كتابة مروج الذهب، أما "السجق فهو عند الأتراك مأخوذ من "سو جوق" ويقصدون به اللحم المجفف المحفوظ في أمعاء الحيوانات، أما "الكباب" فهو مصطلح فارسي يعني الشواء، وكذلك "البقسماط" الذي يعني الخبز اليابس والمجفف وهو مصطلح فارسي وتركي، حمل منه "إبراهيم باشا" أطنانا هائلة حين حملته على الجزيرة العربية.
المال والأعمال
وفي عالم المال والاقتصاد، تأتي مصطلحات العملات ك "الريال" وهو مصطلح إسباني لوحدة نقدية، و"الدرهم" وهو يوناني من "دراخما" استعاره الإيرانيون بلفظ "درم" واستعاره العرب من الإيرانيين وأطلقوا عليه لفظ "درهم" للدلالة على المسكوكات الفضية، على عكس "الدينار" الذهبي وهو يوناني أيضاً وقد طوره العرب أبان حضارتهم وقيل لأحد الزهّاد لماذا تخاف الدينار؟ فأجاب "لأنه يجمع الدين والنار وأخشى منه الفتنة"، أما "الفلس" فهو يوناني يطلق على العملة الزهيدة، وتعد "الأوقية" و"القيراط" وحدتي وزن يونانيتين، أما "الروبية" فهي عملة هندية مأخوذة من عملة عربية كانت تسمى ربعية مسكوكة من الذهب وانتشرت بالعهد العثماني، أما مصطلح "عربون" فيوناني الأصل من "أربون" وتعني المبلغ المقدم قبل إكمال عملية البيع، أما "خردة" فمفردة فارسية تعني الشيء الصغير الذي يفتقد للأهمية، وأخذها الأتراك من الفرس واستخدموها كناية عن الأدوات المعدنية القديمة.
كما أن ثمة كلمات درجت على ألسنتنا واعتقدنا أنها من الألفاظ العامية كقولنا للطفل "بزر" وهذا المصطلح وإن كان عربياً قحاً إلاّ أنه يعود بمعناه إلى بيوض دود القز، وقد أخذ كناية لوصف الأطفال الصغار، كما أن لفظ "عزبة" عائدٌ إلى مفردة "إيربه" التركية والتي تعني المزرعة الخاصة، كما أن كلمة "خواجة" فارسية وتعني العالم أو السيد ويقصد بها في الغالب أكابر القوم، أما ال "خيش" ففارسي يقصد به القماش المصنوع من الكتان، وفي عصرنا الحالي يطلق على خيوط القنب المعد لصناعة الأكياس، أما ال "خربوش" فمعرب من "خربشته" بالفارسي وتعني الخيمة، في حين تعني كلمة "زكرت" باللفظ التركي الفقير وأطلقت أيضاً على الشهم الذي يأبى الضيم، أما "القشلة" فهي مفردة متداولة في المنطقة الغربية لدينا وأصلها تركي وتعني المشتى أو المعسكر الشتوي، في حين تعتبر "الفلكة" عند طلاب المدارس أنها ضرب الأرجل بالخيزران بعد رفعها بالحبل والعصا رغم أنها مفردة تركية بلفظ "فلقه" إلاّ أنها تعنى ذات المعنى الذي انتشر بين طلاب المدارس، كما أن مصطلح "كندرة" الذي احتار بأصله الباحثون عائدٌ إلى لفظ "قندرة" باللغة التركية أي الحذاء.

«البزر» يعني «بيض دودة القز» وليس طفلاً.. العقار والمقاولات
وفي عالم العقار والمقاولات، ستجد أن كلمة "صك" ذات الأصل الفارسي التي تدل على السند أو الوثيقة والإيصال المالي المصرفي وهي مأخوذة من المصطلح الفارسي "جك" وقد استعارها الأوروبيون من الفرس بنفس اللفظ، أما مفردتا "الطابوق" و"الطوب" فكلتاهما فارسية، وتعني الأولى الآجر والقرميد وهو الطين المشوي ويسمى عند العرب الجمالون، أما كلمة طوب فتعني الكرة من كلمة "توب" التركية ويعبر بها عن قذيفة المدفع التي ربما استخدمت في تحديد العقار، أما "الطابور" فهو عند الترك السند الذي يفيد بحق التصرف بالأراضي، وكذلك سند الملكية وأطلق فيما بعد على دائرة تسجيل العقارات، كما تطلق على صف العربات التي تتشكل على هيئة مربع ويربط بعضها ببعض بالسلاسل، أما "البدروم" فمصطلح يوناني يقصد به الغرفة تحت الأرض، أما "الروشن" فتعني بالفارسية الشيء المضيء وعُرفت في العهدين المملوكي والعثماني بالشُرفة، وكذلك "روزنة" الفارسية وتعني النافذة أو "الكوّة" وكذا يسميها كبار السن في بلادنا، أما مصطلح "كهرباء" فهي فارسية الأصل من "كاه ربا" وتعني جاذب الشيء، واطلقت على المادة الصمغية الجافة التي تصنع منها السبحات والعقود، وذلك عبر عنها بعقود الكهرباء والإضاءة التي تشبه السبحة، على أن مسماها في العربية البرق وقد استعارها الفرس من العرب، أما كلمة "سرداب" الفارسية التي تعني "سرد" أي البارد و"آب" بمعنى الماء وتعني القبو تحت الأرض، أما "الكرنتينة" فمصطلح إيطالي يعني المجموعة أو الأربعون القادمون من الخارج، ويشتبه في مرضهم ويُحجرون في المحاجر الصحية أربعين يوماً حتى تثبت سلامتهم من الأمراض، وقد أنشأت الدولة في بداية عهد المديريات الصحية في الحجاز عدد من "الكارنينات" لا سيما في مكة المكرمة وجدة، أما "القيشاني" ففارسي يعود إلى نوع من الخزف الملون المنسوب لمدينة قاشان الإيرانية، أما مصطلح "الوجار" العربي فهو عائد إلى كلمة "أوجاق" التركية التي تعني الموقد والكانون.

«بهلوان» البطل الشجاع، «البلطجي» حامل الفأس، «الزعران» في الشام، «الشطار» في العراق، «العيّارون» و«السرسرية» خارجون عن القانون وفي عالم السياسة والأعمال الدبلوماسية، تأتي مفردة "قنصل" من اللغة الإيطالية، وتعني في العصر العثماني ممثلة الدولة، وكذلك كلمة "قانون" اليونانية التي تعني التشريع، كما هي مفردة "دستور" الفارسية التي تدل على عدة معان منها القانون والقاعدة كما تطلق على الإذن والإيجاز، وغير ذلك من المصطلحات التي تداولها الآباء والأجداد وأخذ اللسان العربي على تعريب بعضها واستخدام البعض الآخر كما هو من دون تعريب أو تعريف؛ ولأن المقام يقصر عن حصرها وجمعها في تقرير عارض فإن العودة لمعاجم اللغة العربية وقواميس المفردات العربية والأجنبية كفيل بحصر ما يمكن حصره من هذه المصطلحات التي ليس من الغرابة أن تجد أن معظم أسماء ومسميات الأسر والعوائل العربية في بعض البلدان المجاورة عائدة في مسمياتها إلى مثل هذه المناصب والوظائف الإدارية والعسكرية في العصر العثماني والمملوكي والأمثلة على هذا كثيرة.

مدرسة في الخبر قبل 55 عاماً حيث تأثر الجيل الماضي بقاموس بلاد المشرق
صمود اللغة العربية
في زمننا هذا اختلف الحال وتبدلت الظروف، فبعد أن كان سيل المصطلحات الأجنبية قادماً -قبل ألف عام- من جهة الشرق حيث الفرس والترك وبلاد السند والقوقاز التي انصهرت في إرثها اللغوي مع لغتنا العربية في بوتقة واحدة إبان الحضارة الإسلامية، نجد اليوم أن سيل المفردات والمصطلحات اللغوية تفد في معظمها من جهة الغرب حيث اللغة الإنجليزية والفرنسية، لا سيما أنهما واكبتا حقبة الاستعمار وكذلك الثورة الاتصالية والتقنية الحديثة التي سهلت من رواج المصطلح الغربي، ناهيك عن أفواج البعثات والملحقيات الثقافية، ولذا لا عجب أن استبدل أبناء هذا الزمان مفرداتهم العربية الأصيلة، بمفردات إنجليزية تدل على ذات المعنى؛ ولأن هذه الأسباب لا تمثل بأي حال من الأحوال مسوغاً لهجر المفردة العربية، إلاّ أن المسؤولية في معظمها تعتمد على مجاميع اللغة، وكذلك وسائل الإعلام التي ربما ساهمت -لو أرادت- في تعريب أو على الأقل نقل جهود مجمعات اللغة عبر نشرها للجماهير، وتعريف العامة بها من خلال استخدامها مترجمة أو معربة.
ولعل الكثير منا شاهد بأم عينيه كيف ساهمت الشبكة العنكبوتية في بداياتها في رواج مصطلح "العربيزي" الذي اضطر معه بعض مبتعثون عرب إلى كتابة رسائلهم لأهاليهم وذويهم باللغة العربية، لكن بالحروف الإنجليزية لعدم تعريب لوحات المفاتيح آنذاك لا سيما الجوالات، وعليه استساغ البعض هذه الطريقة حتى بعد تعريب كافة أدوات وبرامج الحاسوب، وقيل إن البعض يرى أن في ذلك شيئا من علو الثقافة، لا سيما وأن هذا شعور رغم غرابته إلاّ أنه كان رائجاً منذ العهد الأيوبي والمملوكي، وكانت مثل هذه البرامج تجد قبولاً من الشركات القائمة على إدارة محركات البحث، خاصة حين تظهر المصطلحات العربية مكتوبة بالحروف الإنجليزية مع بعض الأرقام الإنجليزية التي تقارب رسم بعض الحروف العربية مثل (7) وترمز لحرف الحاء العربي و(3) وترمز لحرف العين العربي وهكذا.

ليست هناك تعليقات: