مازال الشيخ محمد العبودي بجده وجلده ومتابعته واهتمامه على الرغم من تقدمه في السن نموذجاً يحتذى 
للمؤلفين المعاصرين بتدفق إنتاجه وكثرة مؤلفاته وتنوعها وتميزها، وإن كان قد تخصص في المرحلة 
الأولى من حياته الثقافية في تأليف كتب الرحلات حتى تجاوز عدد كتبه فيها المئات حيث زار معظم دول
 العالم فأضحى عميدا للرحالين في العالم وحطم الرقم القياسي للتأليف في هذا الباب؛ فإنه في المرحلة
 الأخيرة من حياته الثقافية قد تخصص في إصدار المعاجم، فلا تكاد تمر فترة زمنية قصيرة إلا ويتحفنا
 بعدد من المعاجم الأدبية والجغرافية واللغوية والتاريخية دفعة واحدة، فقد برع الشيخ العبودي في فن تأليف
 المعاجم المتخصصة في شتى المعارف والفنون ليس ابتداء بمعجم الأمثال الشعبية أو معجم بلاد القصيم
 وليس انتهاء بمعجم أسر عنيزة، ولا يخفى أن للمعاجم أهميتها العلمية لأنها من الأسس التي تقوم عليها 
حركة الفكر والثقافة والبحث والتأليف في كل مكان.
وفي حين قد وصل عدد المعاجم التي أنجزها العبودي في مختلف الفنون إلى حوالي الثلاثين معجماً تتراوح
 أحجامها بين المجلد الواحد وبين عشرات المجلدات، فإن المعاجم التي تحت الطبع أو مازالت مخطوطة
 حتى
 الآن تتجاوز العشرين معجماً!!
هذا الكم الهائل من المعاجم يجعل العبودي يحطم الرقم القياسي في تأليف المعاجم كما حطمه سابقاً في
 تأليف
 كتب الرحلات، وعلى الرغم من القيمة العلمية لمعاجم العبودي بشكل عام فإن المعاجم المتعلقة باللهجة 
الدارجة والمأثورات الشعبية تكتسب أهميتها الخاصة من حيث ان المؤلف يتحدث عن ألفاظ عايشها 
وعرف معانيها وتعامل بها وخبر دلالاتها حقيقة ومجازاً وتزداد الأهمية إذا علمنا أن كثير من الألفاظ
 انقرض
 من الوجود لسانياً كما انقرضت بعض الكائنات الحية، كما أنه يتحدث في بعض هذه المعاجم عن أشياء
 ومأثورات أدركها واستخدمها وعرف كل ما يتعلق بها في حين لم يدركها كثير من الناس ولم يعرفوها، 
فهو بنشره هذه المعلومات التي اكتنزتها ذاكرته الغنية يحفظ للأجيال في هذه المعاجم كنوزاً لا تقدر بثمن
 من المعرفة واللغة والتاريخ والتراث.
وكان من آخر المعاجم اللغوية التي اطلعت عليها مؤخراً مجلدين تناول فيهما العبودي غرائب الألفاظ النجدية؛
 أحدهما: خصّص لغرائب الألفاظ النجدية ذوات الأصول الفصيحة، والآخر: خصص لغرائب الألفاظ النجدية
 ذوات الأصول الدخيلة، أما الأول فقد اشتمل على ألف وثلاث مئة لفظ وقد كان هو بداية عمل العبودي 
القديم 
في البحث عن أصول بعض الألفاظ العامية الشائعة حيث كان يهتز طرباً ويكاد يطير فرحاً عندما يجد 
أصلاً 
فصيحاً للفظ عامي فيسارع بكتابة ذلك حتى اجتمع عنده كتيب تركه جانباً عندما اتسع به البحث حتى
 ألف (معجم الأصول الفصيحة للألفاظ الدارجة) الذي طبع في ثلاثة عشر مجلداً.
ولكن بينما كان العبودي ينقب ذات يوم في أوراقه القديمة وجد ذلك الكتيب الذي تركه جانباً منذ سنوات
 طويلة، فعز عليه إهماله في وقت ربما يكون من القراء من كان في مثل حالته التي كان عليها عندما بدأ 
البحث وربما رأى فيما حواه هذا الكتاب ما يكفيه عن غيره ولذا رأى طباعته على اختصاره ومن أراد
 الاستزادة فسيجد ذلك في مؤلفاته الأخرى.
كما أن المعجم الآخر (معجم غرائب الألفاظ النجدية ذوات الأصول الدخيلة) يعتبر أيضاً اختصاراً ل 
(معجم الكلمات الدخيلة في لغتنا الدارجة) الذي يفيد المهتمين في الاطلاع على أثر تلك الألفاظ الدخيلة 
على اللغة العربية كما يفيد في معرفة الألفاظ الدخيلة لتجنب استعمالها.
أما لماذا وصفت الألفاظ بالغرائب فلأنها حسب كلام العبودي ليست من لغتنا العربية العالمية التي
 سيطرت
 على عدة لغات ولهجات غير عربية، لذلك صارت غرائب وليست كغرائب الألفاظ الأصيلة.