2015/01/01

العامية العراقية خصوصياتها وتفرعاتها



عموماً هنالك لهجة عراقية واحدة بالنسبة للناطقين بالعربية في العراق، وهي (اللهجة العراقية). وهي سائدة بين العراقيين حتى لمن يتكلم بلغة أخرى غير العربية. وهي مثل كل لهجات العالم، متداولة عادة كلغة شفاهية في الحياة اليومية بين الناس، وفي وسائل الاعلام والسينما والمسرح والبرامج الاذاعية والتلفزيونية، وفي محاضرات المعلمين وأساتذة الجامعات، وفي حوارات البرلمان والحكومة ودوائر الدولة. كذلك تستخدم اللهجة العراقية أحياناً
في النصوص الكتابية، وبالذات في الشعر الشعبي، والحكايات الشعبية، وأحياناً في حوارات النصوص الروائية والمسرحية، وكذلك في بعض رسائل الناس الشخصية.
من الخطأ الكبير محاولة بعض الباحثين العروبيين بإرجاع اللهجة العراقية الى واحدة من لهجات القبائل العربية، مثل (لهجة بني تميم) واعتبار الأصل هي اللهجات الخليجية. ان اللهجة العراقية تشكيل عراقي بحت نابع من التاريخ اللغوي العراقي، وقد امتد تأثيرها الى بلدان الخليج بحكم التمازج الأخوي والثقافي بين العراقيين وسكان الخليج الممتد الى آلآف السنين قبل ظهور العرب والعربية. وتذكر المصادر التاريخية، مثلاً إن أثر اللهجة كان واضحاً لدى (الجاحظ) وقد قام النساخ فيما بعد بالغاء هذا الأثر من كتبه. وتجلى أثر اللهجة العراقية بوضوح في (ألف ليلة وليلة). إن اللهجة العراقية وريثة تراكم عدة طبقات لغوية مرَّت في تاريخ العراق: السومرية والاكدية بلهجتيها الجنوبية البابلية والشمالية الآشورية، ثم الآرامية، ثم العربية. بالاضافة الى اكتساب مفردات اللغات الكردية والفارسية والتركية والانكليزية.
ان هذه اللهجة تتميز عن العربية الفصحى، بالقواعد والبلاغة وقاموس المفردات:
ـ القواعد : من أمثلة بعض التمايز في قواعد العامية استخدام كلمة (اللي) وحدها بدلاً من (الّذي والتي واللذين.. الخ)، وهي حالة سائدة في جميع اللهجات العربية. كذلك استخدام النصب دائماً في المثنى، مثل (فلاحَين) والجمع (فلاحِين).
ـ البلاغة : أما الناحية البلاغية والتعبيرية، فهناك صور خاصة بالعامية العراقية لا يمكن أن تفهم لو ترجمت الى الفصحى، مثلاً : (أخليك على عيني ورأسي، بمعنى الاعتزاز والتقدير). (إتسّخَم وجهه / إسوَّد وجهه وهبطت قيمته). (الله بالخير / عبارة ترحاب ضرورية بالضيف بعد جلوسه). (وريني ظهرك / اترك المكان). (بعد روحي / أنت أغلى مثل روحي). (سوده عليَّه / للحزن على شخص). (طاح صبغه / فقد قيمته). لهذا فأنه من الاخطاء الكبرى لدى مترجمي النصوص العراقية القديمة (السومرية والاكدية)، انهم لم يعتمدوا على بلاغة العامية العراقية في فهم النصوص القديمة. مثلاً، عندما تقول عشتار (أصبحت أيامنا من طين)، فان هذه الترجمة تمت بصورة حرفية ومعناها يبدوا مبهماً. بينما لا زالت العامية العراقية تقول عن شخص (مطّيَن)، بمعنى انه (وضعه سيء). إذن كان من المفروض أن تترجم العبارة بـ (تطينت أيامنا، أي أصبحت تعيسة).
ـ المفردات وتلفظها : ان من خصوصيات اللهجة العراقية، ان كلماتها تحتوي على حروف لم توجد في العربية، هي : (گ) أي (ج المصرية) إذ يحَّول حرف (ق)، مثل: (قال) تتحول الى (گال). كذلك حرف (چ) أي حرف (H) الانكليزي. وعادة يحوَّل اليه حرف التملك المؤنث (ك) بالعربي، مثل: (كتابك) للمؤنث، تحول الى (كتابچ).

ليست هناك تعليقات: