2015/03/30

اللغة العربية تحارب من قبل أصحابها

دمشق ـ "الوطن": '' كتب نحو 52 كتابا حول الدراسات البلاغية والنقدية والأدبية والفكرية، كما صدر له نحو 16 كتابا في التراث والتحقيق، إلى جانب 6 كتب مدرسية، وهو وزير سابق للثقافة والإعلام في العراق، وحاليا هو رئيس المجمع العلمي في بغداد، وأستاذ في جامعتها، إنه الدكتور أحمد مطلوب، الذي التقيناه أثناء زيارته مؤخرا إلى دمشق وكان هذا الحوار .. ،،
* ماذا عن واقع المجمع العلمي في بغداد.. نشاطاته، أهدافه؟
** تأسس المجمع العلمي في العراق عام 1947 وهو الثالث في القدم بالنسبة للمجامع العربية حيث سبقه في التأسيس مجمع دمشق والقاهرة وقد مر المجمع العلمي في بغداد بعدة مراحل وكان في كل مرحلة يصدر قانوناً جديداً ينظم أعماله ويعيد تشكيل الأعضاء العاملين فيه وآخر قانون صدر عام 1995 ويمتاز عن القوانين الاخرى بدقة تشكيلاته العلمية والإدارية..كان المجمع في السابق يتشكل من عدة دوائر تلبي حاجات العلوم الانسانية والصرفة، رياضيات، والعلوم التطبيقية، ولكن القانون الاخير نوع في تشكيل الدوائر فأصبح هناك دائرة علوم اللغة العربية والعلوم الصرفة ودائرة العلوم التطبيقية ودائرة المصطلحات والترجمة والنشر فضلاً عن وجود هيئتين الأولى تهتم باللغة الكردية والثانية باللغة السريانية، وكل دائرة تقوم بتقديم الدراسات والبحوث المتصلة بها وتنظر فيما يرد اليها من الدولة لابداء الرأي في القضايا المختلفة التي تحقق أهداف المجمع.
* ما هي الأهداف الحقيقية لهذا المجمع..؟
** لا تختلف أهداف المجمع العلمي في العراق عن أهداف المجامع العلمية الأخرى وهي بالدرجة الأولى الحفاظ على اللغة العربية والتراث العربي الإسلامي فضلاً عن التخصصات الأخرى التي تتصل بالدوائر.
* ماذا عن أولويات المجمع العلمي في العراق في الظروف الحالية التي يمر بها العراق؟
** من المفروض ان يستمر المجمع في أداء دوره وتنفيذ المهام التي حددها قانونه ولكن في الوقت الحالي توقف عن بعض النشاطات وعن عقد الندوات والمؤتمرات نتيجة الظروف الحالية التي يمر بها العراق الآن، ولكنه مع ذلك لا يزال يصدر مجلته الدورية في 4أجزاء كل عام ويصدر عدة كتب في موضوعات مختلفة يتقدم بها الباحثون والأساتذة وقد يسر أمر الطباعة وجود مطبعة كبيرة تقوم بطبع المجلة والكتب وكل ما يصدر عن المجمع، والمجمع لا يقتصر على هذه المهام انما حدد قانون الحفاظ على سلامة اللغة العربية ان يكون المجمع العلمي المرجع الوحيد للنظر في المصطلحات العلمية والألفاظ والموافقة على التسميات العربية التي تتقدم بها المؤسسات والشركات والمحال التجارية اذ لا يجوز لأي طرف من هذه الأطراف ان تختار اسماً لها دون موافقة المجمع الذي يجبرها على اختيار أسماء عربية لها والمجمع العلمي العراقي هو المجمع الوحيد الذي يقوم بهذه المهمة في الوطن العربي.
* ما زالت انجازات مجامع اللغة العربية متواضعة كيف تفسر ذلك؟
** نعم هذا صحيح والسبب برأيي يعود لفقرها المادي فأهم شيء لعمل أية مؤسسة توفر المال والعاملين وموازنات مجامع اللغة العربية لا تسد أجور ورواتب موظفيها ولذلك هي لا تستطيع ان تقوم بمشاريع حيوية ومهام قوانينها فضلاً عن انه - مع الأسف- لا ينظر في كثير من الأحيان الى المؤسسات العلمية والمجامع نظرة تشجع على العمل لذلك نجد معظم مجامع اللغة العربية لا تزال غير قادرة على تحقيق ما تريد ونتمنى ان تتغير نظرة المسؤولين الى المجامع فتقوم بما كلفت به من أعمال تتصل باللغة العربية وتنميتها وخاصة ما يتعلق بعملها في مجال المصطلحات العلمية والألفاظ الحضارية التي هي من أهم ما تقوم به المجامع لأنه كما قلت المجامع مسؤولة قبل غيرها عن هذا الجانب بخلاف الجامعات التي لها مهام أخرى وان كانت ترفد المجامع بالمصطلحات العلمية والألفاظ الحضارية والبحوث وتمد المجامع بخبراء علميين من اختصاصات مختلفة والمجمع العلمي في بغداد يضم مجموعة كبيرة من الخبراء العلمانيين يقدمون خير ما ينفع المجامع بتخصصاتهم الدقيقة.
* اتهامات كثيرة تطال اللغة العربية خاصة في مجال عجزها عن تقديم المصطلحات؟
** في البداية أقول انه لا توجد لغة متطورة في العالم لا تستطيع ان تضع المصطلحات العلمية والألفاظ الحضارية، والمنصفون يقولون إن اللغة العربية تمتلك الكثير من وسائل تنمية اللغة كالقياس والاشتقاق والتوليد والنحت والتعريب وهي بهذه الوسائل تستطيع ان تقدم المصطلحات المختلفة ولا يشترط في المصطلحات ان تطابق المدلول مطابقة تامة لأن أية لغة تستطيع ان تضع كلمة للدلالة على شيء معين فلو اسمينا القلم مثلاً اسماً آخر لبقي قلماً اذاً هناك بعض المعوقين يطلقون هذه الاتهامات على اللغة العربية لأنهم لا يريدون ان يعملوا ولان لدى البعض منهم توجهات خارجة عن أحداث الوطن..إذاً اللغة العربية لغة متطورة قادرة دوماً على استخدام وسائلها المختلفة لوضع المصطلحات والعرب وضعوا العلوم المختلفة وترجم الأوروبيون الكتب العربية في عصر النهضة الحديثة الى اللاتينية ثم الى لغاتهم للاستفادة منها ككتب الطب والفلك والهندسة وحتى الكتب التي ترجمها العرب في العصر العباسي ترجمها الاوروبيون لان قسماً منها كان غير موجود مثل كتاب الخطابة والشعر لارسطوطاليس فقد عرف الأوروبيون هذين الكتابين عن طريق الترجمة العربية لهما.
* كيف تنظر الى مسألة التدريس باللغة الأجنبية في بعض الدول؟
** التدريس باللغة الام يختصر الوقت ويكون أكثر وضوحاً من أية لغة أجنبية ولذلك ومع الأسف وحسب اطلاعي على كثير من الأمور وجدت ان الذين درسوا باللغة الام كانوا أحسن من الطلبة الذين درسوا المادة نفسها بلغة أجنبية ..في سورية أجريت الكثير من الامتحانات والدراسات ووجدت ان الطلبة الذين درسوا بالعربية تفوقوا على الذين درسوا بلغة أجنبية..ومع هذا أقول ان اللغة الأجنبية ضرورية ولكن لا يمكن ان يتقنها الا من يعيش في بلد اللغة والعرب الآن انفتحوا على العالم كله وأصبحت الدول ترسل بعثات الى دول متعددة وهناك يجب على المبعوث أو الطالب ان يدرس لغة البلد حتى يقبل ويستطيع ان يتابع الدراسة فيها، اذاً اللغة ضرورية ولكن لها مواقع معينة وليست نافقة في كل حين بدليل ان الذين يعودون من الخارج الى بلدهم لا يستخدمون اللغة التي درسوا فيها.
* بما تتميز اللغة العربية عن بقية اللغات الأخرى؟
** لكل لغة من لغات العالم خصائص معينة وان كان هناك منطق عام يشمل اللغات المتطورة بصورة عامة..أما سمة اللغة العربية فهي قدرتها على الاشتقاق والقياس و التوليد والتعريب والنحت وغيرها..وربما لا يوجد مثل هذا الامر في كثير من اللغات لان لديها وسائل أخرى في نموها وتطورها، لكن أهم ميزة للغة العربية هي مسألة التقديم والتأخير وتكاد اللغة العربية تنفرد بهذه الميزة لان التقديم والتأخير يتصل بالمعنى حينما نقدم أو نؤخر نريد ان ندل على معنى معين في حين ان اللغات الأجنبية الأخرى ليس فيها قدرة على التقديم وتراكيب جملها ثابتة غير متحولة وبالتالي ما تتصف به اللغة العربية يكسبها مرونة وحيوية ليس فقط في الشعر والأدب بل وفي التعبير، لذلك أقول دائماً ان دارسي القانون أو الحقوق يجب ان يدرسوا اللغة دراسة متقنة لان تفسير القوانين يعتمد كثيراً على اللغة وكثيراً ما يتصور القاضي او المحامي معنى للمادة القانونية فيحكم المتهم وهو بريء او العكس..لذلك كثيراً من الاحيان يرد الى المجمع في بغداد استفسارات من المحاكم والمؤسسات لتفسير مادة قانونية حتى لا يتلاعب بها القاضي او المحامي..
* ما رأيك بمن يقول ان اللغة العربية لغة فضفاضة المعنى غير مباشرة..؟
** قسم من المستشرقين يثنون على اللغة العربية قدرتها على التعبير في كل الحالات ومع الاسف ان من يقول ذلك فهو يفعل ذلك لاغراض سيئة.
* هل تعتقد ان اللغة العربية تحارب اليوم؟ ومن قبل من؟
** نعم تحارب اللغة العربية بالدرجة الأولى من قبل أصحابها بعد ان كانت تحارب مطلع القرن العشرين من قبل الأجانب الذين كانوا يشيعون اللغات المحكية أو اللهجات العامية بهدف تجزئة الوطن العربي ومن المعروف ان الامة التي ليس لديها لغة موحدة أمة ضعيفة من هنا يأتي اهتمام جميع الامم قديماً وحديثاً بلغاتها.
* ماذا عن خطر اللهجات المحلية على اللغة العربية..؟

** اللهجات المحكية أو المحلية تقترب كثيراً من اللغة الفصيحة والجميع يذكرون ان كثيراً من الألفاظ والتعبيرات التي كانت شائعة قبل عشرين عاماً اختفت الآن وحل محلها الألفاظ والكلمات العربية وان وجدت بعض الألفاظ فيمكن إرجاعها بسهولة الى اللغة الفصيحة وهذا يحدث أي ان اللغة المحكية تقترب من الفصحى كلما عمت الثقافة والوعي القومي والوطني وهذا ما نلاحظه على أطفالنا الذين يستخدمون كلمات أقرب الى الفصحى وهذا شيء يدعو للتفاؤل نوعاً ما.

ليست هناك تعليقات: