2015/03/04

اتجاهات الدراسة اللسانية المعاصرة في مصر

هذا كتاب للزميل الرائع الدكتور عبدالرحمن حسن العارف، وهو في أصله رسالة دكتوراه قدمت لكلية اللغة العربية بجامعة أم القرى (مكة المكرمة) نوقشت في 11/1/1415ه، أشرف عليها تمّام حسّان رحمه الله، وناقشها خليل عمايرة وعليّان الحازمي، وكنت أردت عرض الكتاب فرأيت فريدة أدبية رائعة زينت غلافه الخارجي كتبها الصديق العلّامة الأستاذ الدكتور سعد عبدالعزيز مصلوح (أستاذ اللسانيات في جامعة الكويت)، رأيت أن أضعها أمام القارئ الذي لا يتيسر له الاطلاع على الكتاب، يقول أستاذنا:
«لقد أَجْرى مؤلفُ هذا الكتابِ خَيْلَه في مِشوارٍ كثيرِ العِثار، متطاولِ الزمانِ، بعيدِ الشُّقَّة؛ فما هو بالعَرَض القريب ولا بالسَّفَر القاصِد، وصبَر نفسَه على قطع هذه الحُزون حتى تَسَهَّلَ له من جنَباتها ما توعَّر. وما ظَنُّك بمن يعكُفُ على المدوَّنةِ اللسانية في الديار المصرية حقبةً نَيَّفَت على نصف القرن، وما أدراك ما تلكم الحقبة؟ إنها حقبةٌ شهدَت طلائعَ الريادة العلمية الحديثة في بلاد العرب، وتقلَّبَت بها المراحلُ والأطوارُ من قُدْماها إلى حُدْثاها، واتصل فيها حاضرُ العلم بماضيه العريق.
لهذا كلِّه لم يكن بدٌّ من النظر الْمُتلبِّث، والدرس المستأني؛ لا على ملاحظةِ لعَرَض، أو مطالعةٍ لعِوَض، ولكّنه طلب الحقِّ والنَّصَفة بعين ناقدة وعقل نقّابة، وقصد إلى أهدى السُّبُل ومُثْلاها في إقامة الحُجّة وإضاءة المحَجَّة. وحسْبُ القارئ لهذا الكتاب أنْ يُراحَ فيه إلى صرامةِ الجِدّ وطَرافةِ الجِدَّة، وكلا الأمرين مُعْجِبٌ ومُعَجِّبٌ إلى ما لا تُحيطُ به حَيْطةُ المقال.
ثُمَّ إنَّ المؤلفَ، وهو يصْدع بالحُجّة البيِّنةِ في غير ضَعفٍ ولا قلاقةٍ عندما تَتَشاجبُ الآراء، تراه مع هذا يذهب في كتابِه مذهبَ أهلِ التّواضُع من طلّاب الحقيقة؛ فهو يُخافي شخصَه في غير تطاولٍ ولا تطالل؛ خافضًا جناحَه للأستاذِينَ وشيوخِ العلم ممن تربّينا على فضلِ علمِهم، وهو بهذا ممن يَسُنُّونَ لجيله وللأخْلافِ من بعده كلَّ حميد من السُّنَن.
لستُ أريدُ بهذه الكلمة أن أطيلَ الوقوفَ أمام أبواب هذا السِّفْر الرصين، وحَسْبي أنْ أهيِّئ للقارئ مُدخَلَ صِدْقٍ إلى شوابِك القضايا والمسائل، حتى يُؤسّس القارئُ على مُكْثٍ لنفسِه معرفةً وثيقةً بالسُّهْمَة المصرية في رأس المال المعرفيّ للسانيات العربية: تأمُّلاً منه لما كان، وتصحيحًا وتعميقًا لما هو كائن، واستبصارًا لأفق جديد تستحيلُ به هذا هذه السُّهمَة زادًا ونماءًا لمستقبل العلم اللساني والنهضة الشاملة في بلاد العرب.
ولا يلزم عن الإقرار بإخلاص النيَّة في الطلب، واستقامة المنهج في التصنيف، مطابقةُ المؤلف على كل ما انتهى إليه بحثُهُ، أو التسليمُ له بجَمْهَرة ما حصَّل من نتائج؛ فإن لقيتَ –أيّها القارئُ- مَظنَّة اعتراض، أو بدا ما يذهبُ بكَ إلى الخلاف، فاعْلَمْ أنَّك وإيّاه على مَحجَّة الجدل الْمُنتِج. والمثاقفة المستنيرة. تِلْكُم هي حركةُ العقل في فَلَك العلم؛ إذ يُكَوِّرُ ليلَ المجاهدة على نهار الكشف، ونهارَ الكشف على ليل المجاهدة، راصدًا لشمس الحقيقة؛ تلك التي تجري أبدًا لمستقرٍّ لها.»

هنيئًا لصديقنا الدكتور عبدالرحمن إشراف تمّام حسان على رسالته، وكلمة أستاذنا سعد مصلوح عن كتابه

ليست هناك تعليقات: