2015/03/04

فصيح العامي

فالح الشراخ
    تعتبر اللغة العربية الأصيلة لغة مرنة تتيح للمبدعين مجالا وافقا واسعا لصياغة الجملة بشكل ابداعي ومجالا ايضا لاستخدام العناصر التشبيهية ومنذ القدم والعرب أهل بلاغة في حديثهم وشكلت بلاغة الحديث لديهم مقياس للجمال في المنطق لذا كان لديهم ابداع في الجمل الوصفية وقد مثل الشعر لديهم ذروة البلاغة في الوصف وصياغة الجملة الشعرية، كما كان لديهم نقد لأي متحدث لهم ومن خلال حديثه يحكمون على مستوى عقليته ومكانته، لذا تقول العرب في المثل: (ليته سكت) كناية على أن الحديث هو معيار الرجل لديهم فالسكوت لديهم افضل من الحديث الهزيل الذي يعطي انعكاسا لضحالة فكر المتحدث.
ومن حرصهم على أن يكون الحديث على أكمل ما يكون في البلاغة كان الصمت لديهم إذا لم يكن الحديث له قيمة مثل الذهب، إذا كان الكلام من فضة، ومازالت العرب تتوارث هذا الإرث العربي.
فالبدو يحكمون على الرجل من منطقه لذا مازالت الجمل البليغة هي لب الحديث بينهم وعندما يتحدث أحدهم تدرك من كلامه أنه حريص كل الحرص على صياغة جملة بأسلوب مميز سواء في الوصف، أو شرح حالة معينة، ومن هذا المنطلق تكون لدى شاعرهم قوة في الوصف وعمق لجذور الكلمة، واستخدام موفق لعناصر المكان، ومن خلال الممارسة ومعايشة حالة النقد في الحديث يأتي الوصف دقيقا إن لم يكن مشابها للحالة الموصوفة.
كما شكل لهم المنطق اللغوي معيار جمال لدى المرأة ويسمونه المنطوق والحديث يقول الشاعر خلف بن هذال:
ياحلو منطوقه ويا خف دمه
ويادق مثناته وياحلو عوده
ومن منطلق أن الرقيب شديد الملاحظة تأتي العبارات في الحديث العادي أقرب ما تكون للشاعرية فعندما تستمع لحديث عن وصف المطر، أو الربيع، وموارد المياه، يعطيك المتحدث صورة تبهرك بالاستخدام الجيد للمفردة في الوصف، وتقريب الصورة لديك.
ومن أمثلة ذلك وصفهم المطر الخفيف يقولون عنه:
(رشاش يذبح الجرة) أي يخفي آثار الأقدام في الأرض، وإذا زاد المطر بدرجة عن وصفه الأول، فيقولون (يذبح جرة اللي يعدي)؛ لأن من يجري يكون أثر قدمه في الأرض أعمق.
ومازالت بعض المفردات العربية الأصيلة تستخدم لديهم بينما قل استخدامها لدى سكان المدن لذا يمثل قاموس البادية مصدرا مهما وثريا للمفردة الأصيلة ولو كانت بصيغة شعبية. ومن أمثلة ذلك المفردات التي استخدمها الشاعر الكبير عبد الله بن عون:
شعتني علوم الصيف وارقلت للمسناد
ولاعاد يعذل واحد طافح شبله

جريدة الرياض

ليست هناك تعليقات: