2015/04/02

إلى متى يحارب العرب لسانهم المبين؟

ا .د. سرى سبع العيش



انتظرت طويلا ورود استجابات لرسائلي لعدد كبير من المستهدفين  من جامعات رسمية وأهلية ولأربع كليات طبية ولأكثر من ثلاثين من الجمعيات الطبية التي تنتمي لنقابة الأطباء ولعدد من النقابات التي تدور في الفلك الطبي كالتمريض وفحص النظر, وتزويد النظارات الطبية والصيدلة وطب الأسنان والهندسة الطبية. فخاب أملي عندما لم يجب على الرسائل غير ثلاث مؤسسات منها وهي جامعة مؤتة, والجامعة الهاشمية, والجمعية الأردنية للطب الشرعي.. أما الرسالة فهي الإعلان عن تأسيس اللجنة المختصة بالمصطلحات الطبية في مجمع اللغة العربية والترحيب بانتماء من ترشحهم تلك المؤسسات والجمعيات الطبية للتعاون والعمل في إغناء المصطلح الطبي بالمرادف العربي .. فالكل يدرك وفر وتسارع ظهور وتوالد وتكاثر المصطلحات الإنجليزية المرافقة للنمو المتعاظم للمخترعات والمصنعات الطبية الدوائية والتكنولوجية والتقنيات الطبية في العالم الغربي والشرقي الناهض الذي لا ينتمي إليه عالمنا العربي اللهم إلا بمهارة الشراء والإقتناء, وسرعة التلقي ومد اليد السُّفلى.. فلا بد من وضع المصطلح العربي الذي يتوافق مع تلك المصطلحات.فلماذا نتطفل على الشعوب الأخرى في كل شيء حتى على الأسماء ولدينا ذلك الوفر والليونة وسهولة التعبير وتمايز الأشتقاق وغنى التصريف وجمال الكلم باللسان العربي المبين. ولماذا نلبس لبوس التهجين والتغريب ونحن أهل الفصاحة ولدينا أم اللغات وأكرم لسان في أعظم كتاب..
المشكلة هي اللامبالاة وانعدام الحرج من الدرك الذي نسير عليه ونحن نزدري لغتنا العربية العظيمة ونرى أن جميع المؤسسات والجمعيات التي تنادي بالتعريب وبحماية اللغة العربية أو بالدفاع عنها تسير ببطء السلحفاة في الزمن المتسارع الرقمي, فإذا بنا لا ننتج طحنا ولا نسمع إلا جعجعة وعواء ريح. 
الحقيقة المؤلمة هي أن الكثيرين من أبنائنا الذين درسوا وتخصصوا في البلاد الغربية الأوروبية والأمريكية باللغات الإنجليزية والفرنسية والإيطالية والأسبانية واليونانية وكذلك الذين درسوا بشتى اللغات السائدة في ما كان يسمى بالدول الاشتراكية المنفكة عن الإتحاد السوفييتي وعادوا إلينا بألقاب علمية طنانة وهم يحاربون ويزدرون لغتهم العربية والكثير منهم يرطن باللغة الإنجليزية المتعثرة ويقوم بالتدريس في الجامعات بلغة ركيكة عسرة والنتيجة تنعكس على المحصلة العلمية وبخاصة لدى الطلاب الذين يعتمدون على المحاضرات والملازم..  أما المدارس الحديثة فهي تتولى عملية التغريب وإهمال اللغة العربية والمفاخرة بتعليم الأطفال في السني الأولى باللغات الأجنبية على حساب العربية. والمشكلة أن الصحافة العربية هي أيضا تعمل على تفكيك وتشويه اللغة العربية الفصيحة. والشاهد على ذلك الكثير من المقالات المدلجة على الصفحات الأدبية والدعائية في الصحف اليومية سواء منها الورقية أو الإلكترونية والمجلات المختلفة.. 
إن الجامعات الرسمية والأهلية لا تنتمي مطلقا إلى العربية في كلياتها الطبية والعلمية وتظن أن ذلك تقدما ورقيا..  فعلى من نعتمد ولمن نوجه اللوم أو العتاب؟؟ أنعتب على جامعتنا الأردنية وعلى منتسبيها من الزملاء الكرام وهم أهل العلم وأساتذة الطب وفيهم الكثير من العلماء والمختصين.. فأين هم من التعريب..؟ .. أم نعتب على جامعة العلوم والتكنولوجيا وعلى أهل الطب والصيدلة والتمريض والتخصصات الطبية المساندة فيها.. أم نعتب على نقابات الأطباء وأطباء الأسنان والصيدلة التي هي رمز كبير ومفاعل حيوي في الجسم الطبي الأردني..! لا يجوز السكوت عن مجافاة التعريب.  فالذود عن الطبيب والممرض والصيدلي لا يتم بدون الذود عن اللغة العربية التي لا يجوز أن تتنافر مع الطب أو الصيدلة أو فحص النظر أو التمريض. ولا يكفي أن يتوكأ المحاضر على بعض الكلمات العربية العامية يخلطها مع اللغة الإنجليزية المتعثرة أصلا لديه ويسمي ذلك تعريبا. إننا نعيش في غربة وتناقض في هذا الزمن الغريب  الذي أوضعنا في المراتب المتدنية من حيث المبادرة والبحث العلمي والمساهمة في صنع الحضارة الإنسانية. فمتى نفيق من سباتنا الذي استطال أمدا.. متى نفيق..؟


http://m.alrai.com/article/497476.html

ليست هناك تعليقات: