2015/04/02

حماية اللغة العربية


احمد ذيبان
وسط زحمة الاحداث التي يشهدها الوطن العربي، يغيب عن بال الكثيرين خطر داهم يهدد اللغة العربية، يتمثل بالتراجع الكبير لمكانتها والاستخدام غير السليم لها في حياتنا اليومية ،فيما يتزايد استخدام اللغة الانجليزية بوتيرة عالية، وثمة شريحة اجتماعية تتباهى باستخدام الانجليزية في الحياة اليومية ،وتعتبر ذلك مظهرا للتقدم والثقافة ! واصبح كثيرون ممن لا يجيدون الانجليزية يواجهون مواقف محرجة في لقاءات وجلسات لا تتطلب الحديث بالانجليزية، ومؤخرا كتبت الدكتورة سرى سبع العيش مقالا شكت فيه بمرارة من استخدام الانجليزية في مؤتمرات طبية تعقد في الاردن ، بينما الاصل ان تكون اللغة العربية هي المستخدمة !
 المسؤولية الاساسية عن حماية اللغة القومية تتحملها الحكومات ومجامع اللغة والمؤسسات الاكاديمية والتعليمية، فضلا عن الدور المفترض لوسائل الاعلام لجهة الحرص على الاستخدام السليم للغة في المنتج الاعلامي.لكن ما يلاحظ ان الحكومات تزدحم اجندتها بمشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية ، فضلا عن تراجع اهتمام المؤسسات الاكاديمية والتعليمية ، اما وسائل الاعلام فيبدو ان كثيرا منها يسيء استخدام اللغة ويسهم في تشويهها! بل ان بعضها يستخدم اللهجة العامية وخاصة في الاذاعات والفضائيات والمواقع الالكترونية .
في مناخ عام محبط كهذا ، اطلقت نخبة من المثقفين والاكاديميين مبادرة 
 « المشروع الوطني للدفاع عن اللغة العربية»،» تبناها مركز البيرق للدراسات والمعلومات الذي يديره الزميل بلال حسن التل،وتضم اللجنة العليا للمشروع «الدكتور العلامة ناصر الدين الاسد، د . عون الخصاونة،ليلى شرف، د.زيد حمزة،د منذر حدادين، د.عبد الناصر ابو البصل،د.صلاح جرار، بالاضافة الى بلال التل».
 وهي مبادرة تستحق الدعم والاسناد من قبل كل مهتم وحريص على حماية اللغة العربية، الحصن الاساسي لحماية الثقافة والوجدان والتراث القومي،وتأكيد الاعتزاز الوطني والقومي، و»اشعال شمعة افضل من لعن الظلام « .ولأن الهم واحد فاعتقد ان مثل هذه المبادرة حري بان يتم استنساخها ،او التفاعل معها من قبل هيئات ومؤسسات وجهات معنية في بقية البلدان العربية .
ولعل أخطر ما يهدد اللغة العربية اليوم ،هو كثافة الاستخدام اليومي لمنتجات التكنولوجيا وخاصة شبكة الانترنت ووسائل الاتصال الحديثة التي اصبحت محركا اساسيا لحياتنا ، مثل الهواتف النقالة واجهزة الحاسوب بانواعها المختلفة ، وما توفره هذه التكنولوجيا من فرص واسعة للتفاعل عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مثل الفيس بوك وتويتر ويوتيوب ،حيث تطغى اللغة الانجليزية على استخداماتها،فيما يشكل قطاع الشباب الزبون الاساس لهذه التكنولوجيا،وهو الجيل الذي يمثل المستقبل، ومن ضمن اولويات المشروع السعي لتطويع منجزات العصر العلمية وأدواتها للغة العربية ،وهذه مسؤولية الحكومات من خلال اصدار تشريعات وانظمة بهذا الصدد .
ربما يخطر في بال الكثيرين سؤال مشروع،وهو لماذا تنتشر اللغة الانجليزية في مختلف انحاء العالم بهذه القوة ،واصبحت اللغة الاولى في المحافل الدولية وفي العلوم الحديثة ؟ اعتقد ان قوة اي لغة وانتشارها يتطلب نهوض الامة التي تنطق بتلك اللغة،اما اللغات الاجنبية الرئيسية التي انتشرت في العالم مثل الانجليزية والفرنسية والاسبانية فكان السبب في ذلك التوسع الاستعماري للدول التي تنطق بتلك اللغات ،وكانت الامبراطورية البريطانية في حقبة تاريخية لا تغيب عنها الشمس ، اما دول اميركا اللاتينية فقد انتشرت فيها اللغتان الاسبانية والبرتغالية جراء الاستعمار الاسباني والبرتغالي لتلك الدول، فيما كانت تركة الاستعمار الفرنسي في دول المغرب العربي تهميش اللغة العربية وتقديم الفرنسية عليها ،لكن سر احتلال الانجليزية المرتبة الاولى في الانتشار ،رغم انهيار الامبراطورية البريطانية ،هو ان الانجليزية هي اللغة الرسمية في الولايات المتحدة الاميركية ،بكل ما تعنيه اميركا من قوة سياسية وعسكرية واقتصادية وثقافية ،مكنتها من فرض نفوذها وهيمنتها على العالم ، فضلا عن السجل الزاخر من المنجزات والبحوث العلمية التي تنتج بالانجليزية ،ولو كانت امتنا العربية في حالة صحية جيدة ،لكان وضع اللغة العربية افضل من حالتها الراهنة بكثير،وهي تنفرد بعنصر قوة غير موجود في اي من لغات الارض ،وهو ان القرآن الكريم أعظم وثيقة عرفتها البشرية نزل باللغة العربية ،وهناك نحو مليار ونصف مليار شخص يدينون بالاسلام ويقرأون القران ، وهذا يسهل انتشار العربية .
theban100@gmail.com

ليست هناك تعليقات: