2015/08/26

الألفاظ الدخيلة في الصحافة اليمنية

الألفاظ الدخيلة في الصحافة اليمنية – دراسة تطبيقية على صحيفة الثورة عام 2005م


الباحث:  أ / عبد المجيد محمد علي الغيلي
الدرجة العلمية:  ماجستير
الجامعة:  جامعة الأزهر
بلد الدراسة:  مصر
لغة الدراسة:  العربية
تاريخ الإقرار:  2008
نوع الدراسة:  رسالة جامعية
خلاصة البحث
وبعد تلك الرحلة في الألفاظ الدخيلة والصحافة اليمنية، يتوقف القلم؛ ليسجل ملخصا للرسالة، ثم أهم النتائج التي تم عرضها خلال البحث، ثم بعض التوصيات.
بدأت الرسالة بفصل تمهيدي يمثل الإطار المنهجي للبحث، تناولت فيه مشكلة البحث، وجزء من المشكلة يتعلق بمفهوم الدخيل وتقعيده، والجزء الآخر يتعلق بدراسة الدخيل في الصحافة،
حيث لم يحظ بدراسة وافية، وعليه تبرز أهمية البحث أنه من أسبق الدراسات التي تتناول الألفاظ الدخيلة في الصحافة. وقد هدف البحث إلى الكشف عن المؤثر اللغوي الأجنبي في الصحافة اليمنية، وفي مختلف الأشكال الصحفية، ثم مدى اقتراب الصحافة اليمنية من المؤسسات اللغوية في التعامل مع الألفاظ الدخيلة.
ثم أوضحت حدود البحث، ومناهجه المختلفة: الوصفي، والتاريخي، والمسح بالعينة، ثم بينت الدراسات السابقة التي لها صلة بالموضوع، وأنها تنقسم على قسمين: دراسات تناولت الألفاظ الدخيلة عموما، ودراسات تناولت الدخيل في الصحافة اقتضابا. ووقفت بالتفصيل عند بعض الدراسات منها، ثم بينت ما في هذه الدراسات من جوانب الإيجاب أو السلب. ثم تناولت الإجراءات المنهجية للدراسة، فحددت عينة الدراسة، وهي على مستوى المصادر: صحيفة الثورة، ثم العينة الزمنية، وهي أعداد عام 2005م، وبينت طرق مسح العينة، والمشاكل التي واجهتني، وتقسيم العينة على قسمين: عينة التكرار، وعينة الألفاظ العامة. ثم تناولت أدوات جمع البيانات، وقسمتها على مرحلتين، المرحلة الأولى: جمع الألفاظ الدخيلة من الصحيفة، والمرحلة الثانية: جمع البيانات المختلفة المتعلقة بالألفاظ الدخيلة، وتناولت أثناء ذلك وحدات التحليل وفئاته، سواء ما يتعلق بفئات الموضوع، أم فئات الشكل، وأخيرا تناولت أساليب معالجة البيانات، حيث اعتمدت على أسلوبين من أساليب التحليل، وهما: التحليل النوعي، والتحليل الكمي.
والباب الأول ـ يمثل الإطار النظري للبحث، وهو أربعة فصول، تناولت في الفصل الأول مصطلحات الدخيل، بدءا بالمصطلحات التي استخدمها القدامى، وأشهرها: المعرب والدخيل. وقد ذهب العلماء في النظر إلى مصطلح الدخيل ثلاثة مذاهب، كل مذهب استند إلى معيار، فهي ثلاثة معايير، معيار زمني، ولغوي، ومعيار المستوى اللغوي. أما مصطلح المعرب فقد اختلفوا في تعريفه اختلافا كبيرا، فبعضهم أطلق التعريف، ولم يقيده بأي معيار، وآخرون عرفوه وفقا لمعايير شتى، وهناك من اشترط عدم التغيير. والذين أخضعوه لمعايير ـ من خلال تتبعي لتعريفات المعرب عندهم ـ وجدت أنهم عرفوه وفقا لأربعة معايير، وهي: المعيار الصوتي والصرفي، المعيار الدلالي، معيار الفصيلة الصرفية، المعيار الزمني. ثم بينت مسالك العلماء في النظر إلى مصطلحي الدخيل والمعرب، وأنها ثلاثة مسالك رئيسة: عدم التفرقة بينهما، وهو مسلك القدامى، ومسلك النظر إليهما باعتبار الخصوص والعموم، ويمثله الخفاجي، ومسلك التفرقة بينهما، وهذا يعد وليد العصر الحديث، وقد استندت التفرقة بينهما إلى معيارين: المعيار الزمني، ومعيار التغير الصوتي والصرفي. وقد رجحت المسلك الأول؛ فهذا استعمال القدامى، وهذا مقتضى التعريف اللغوي لكلا المصطلحين، والفرق بينهما إنما هو في اعتبار النظر، فالنظر إلى الكلمة كونها أجنبية وافدة ـ يجعلهم يسمونها دخيلة، والنظر إلى الكلمة كونها أصبحت عربية مستعملة ـ يجعلهم يسمونها معربة، وعليه فالتدخيل يتعلق بالنقل، والتعريب يتعلق بالاستعمال. إذن الفرق بينهما ـ ليس فرق ذات، إنما هو فرق اعتبار.
ثم تناولت المولد والمحدث والعامي، وعلاقة هذه المصطلحات بالدخيل، فالمولد والمحدث يلتقيان مع الدخيل إذا كان الدخيل مما دخل بعد عصر الرواية، ثم ما دخل قبل عصر النهضة فهو مولد، وما دخل بعدها فهو محدث ـ وفقا للتعريفات المختلفة، وبمقارنة بين تعريفات المولد مع استخداماته ـ تبين لنا المدى الذي بلغه هذا المصطلح في الاضطراب. كما عد بعض العلماء الدخيل جزءا من العامي. وبينت أن العامي يختص بما استعمله العامة بغض النظر عما يستعملونه، والمحدث لا يختلف عن مصطلح المولد إلا في أنه يحمل بعداً زمنيا، وليس هناك ما يبرر هذا التخصيص، فهو يدخل في مدلول مصطلح المولد، ومن ثم فلا داعي لإبقائه. والمولد مصطلح فضفاض، اضطربت المعاجم في تعريفه، واضطرب العلماء في استخدامه.
ثم تناولت مصطلحات الاستعارة، والاقتراض، والاقتباس، وهي مصطلحات محدثة، وبينت قصور هذه المصطلحات، فلا توجد بين تعريفاتها اللغوية والاصطلاحية ـ مناسبة، كما أن مصطلح الاقتراض فضفاض، ومصطلح الاستعارة والاقتباس من المشترك. ثم تناولت بعض المصطلحات القديمة، كمصطلح: إعراب، وأعجمي، إضافة إلى بعض المصطلحات المركبة ـ استقرأتها من كتاب شفاء الغليل للخفاجي، ومن خلالها ظهر كثير من أوجه القصور والتناقض في استخدام تلك المصطلحات. ثم تناولت بعض المصطلحات الحديثة، كـ: المَجْمَعي، المُـعَـجَّـم.
وقد خلص الفصل إلى أن هذه المصطلحات ـ عموما ـ لا تعبر بدقة عن ظاهرة دخول الألفاظ الأجنبية، وأن أقرب هذه المصطلحات هو (الدخيل)، فيستحسن استخدامه، ولا بأس باستخدام  مصطلح (التعريب)  لغويا للدلالة على استخدام العرب للفظ الدخيل ـ ويظل مجال مصطلح (التعريب) الواسع في الدلالة على عملية الترجمة والتعريب الثقافي والحضاري. وأما مصطلح (محدَث) فليس له رصيد تاريخي ولا علمي ولا تخصصي ـ فالأحسن نبذه واطِّراحه، وأما مصطلح (مولد) ـ فقد استخدمه علماؤنا في فترة سابقة، وأرى أن يدرس بصفته مصطلحا تاريخيا لا غير.
وفي الفصل الثاني تناولت نشأة الدخيل ومصادره، وبدأت ببيان قضيتين، الأولى: دور الاحتكاك اللغوي في التدخيل، والثانية: النظريات التي تفسر الدخيل. والقضية الأولى تبين الظروف التي يدخل في ظلالها الدخيل، والقضية الثانية تبين الأسباب التي ينشأ عنها الدخيل، وعوامل الاحتكاك اللغوي يمكن حصرها في عاملين كبيرين: الجوار الجغرافي، والتبادل الحضاري، وعامل الجوار لا يُـعَـدّ اليوم ـ من وجهة نظري ـ ذا جدوى كبيرة؛ لأن ثورة المواصلات والاتصالات جعلت العالم قرية كونية صغيرة، يسمع من بأقصاها همس من بأدناها، وأصبح من بالشرق جاراً لمن بالغرب، وإنما تكمن أهمية هذا العامل في الدراسة التاريخية لقضية التأثير والتأثر بين اللغات. أما القاعدة التي يقوم عليها التدخيل، فهي الاختلاف، الاختلاف بين الأمم ـ هو الذي يولد الحاجة، ومجمل الأسباب الدافعة إلى التدخيل ترجع إلى ثلاث نظريات: المحل الشاغر ـ أو الحاجة، والتقليد السلوكي ـ أو الإعجاب، والاقتصاد اللغوي، وأقصد بالاقتصاد اللغوي شيئين: الأول: التقليل من الجهد، والثاني: التقليل من الاختلاف.
ثم تناولت العناصر اللغوية التي تستوردها اللغة، والدخيل اللغوي ـ نادراً ما يكون في المستويات الصوتية والصرفية والنحوية، وغالبا ما يكون في المفردات، واللغة العربية فيها دخيل في مختلف المستويات اللغوية، ولكن التأثير الأجنبي في المستويات الصوتية والصرفية والنحوية ـ بالنسبة لها ـ لا يكاد يذكر، ولهذا لم يهتم به علماء اللغة قديما. أما الدخيل الدلالي فقد يكون مفردات، وقد يكون أساليب. والمتتبع للألفاظ الدخيلة في اللغة العربية ـ يستطيع أن يصنفها إلى: مصطلحات علمية، وألفاظ عامة، وأعلام. ثم أشرت إلى الأدلة التي يتم بها تمييز الدخيل، وهي: الدليل التاريخي، والحضاري، واللغوي، والطعون الموجهة إلى هذه الأدلة.
ثم تناولت مصادر الدخيل، فالمصدر المتفق عليه للدخيل ـ هو اللغة الأجنبية، أما ما انتقل من لهجة إلى لهجة ـ فلا يعد دخيلا، إلا إذا كانت اللهجة وسيطا للهجة أخرى، أو قد تكون وسيطا، ينتقل اللفظ عبرها إلى اللغة، وفي هذه الحالة ـ فإن الأصل ألا ينظر إلى مثل هذا الوسيط بالاعتبار اللغوي، حيث إن هذا الوسيط قد يدخل الكلمة الأجنبية دون تغيير، وقد يشوهها بالتغيير ـ وفي كلتا الحالتين، فإن نظام اللغة الفصحى لا يتسق مع العامية، فهو يغير وفق قواعد التعريب. وأما ما دخل من اللغات السامية ففيه خلاف، وينبغي أن نفرق بين ما دخل إلى العربية من اللهجات السامية قبل استقلالها ـ أي: عندما كانت لهجة سامية، فلا يعد من الدخيل الأجنبي، وما دخل إليها بعد انفصالها عن أخواتها الساميات ـ فإنه دخيل.
وفي مصادر الدخيل ـ أيضا، تناولت الألفاظ العربية المهاجرة العائدة، واقترحت تسميتها بالهجين، وأشرت إلى خلاف العلماء حولها إذا عادت، هل ترد إلى أصلها أو لا؟ وذكرت أن الأقرب إلى الصواب ـ فيما يبدو لي ـ أن ينظر إلى الدلالة الحادثة للفظ الهجين، فإن بقيت دلالته كما هي ـ رُدّ إلى أصله العربي، وإن تغيرت أو تطورت بتخصيص أو تعميم ـ فيبقى اللفظ بهجنته، أما في الأعلام فيُـرَدُّ إلى أصله.
وفيه تناولت أيضا: أن مفهوم توافق اللغات يرجع إلى القرون الأولى، حيث نشأ مرتبطا بسؤال كبير: هل في القرآن كلام غير عربي؟ ففرارا من القول بالدخيل ـ نشأ القول بتوافق اللغات، وقد دحض العلماء هذا القول، وبينوا تهافته. وإذا كنا نرفض مثل هذا القول القائم على أساس أن اللغة نقية من الدخيل ـ فإننا نرفض كذلك الادعاء بأن أي لفظ عربي وجد ما يشبهه في لغة أخرى، أو تُـكُـلِّـف له هذا الشبه ـ بأنه دخيل، فكلا القولين مذموم. ونحن عندما نجد تشابها بين لفظين في لغتين ـ فلنا حالتان: إما أن يكون اللفظان منتميين إلى فصيلة واحدة، وهنا لا يحكم على اللفظ بأنه دخيل في إحدى اللغتين، وإما أن يكون اللفظان منتميين إلى فصيلتين مختلفتين، كالعربية والفارسية، وفي هذه الحالة ـ فإننا نقطع بأن اللفظ دخيل في إحداهما، وتبدو هنا مشكلة قبل تعيين إحداهما، إما عدم معرفة الآخذ، وإما احتمال كون الألفاظ هجينة، فإذا انتفى هذان الاحتمالان، ووجدت أدلة تدل على أن اللفظ غير أصيل ــ حكم على اللفظ بأنه دخيل.
وفيه تناولت أيضا مفهوم اللغة الوسيط عند انتقال اللفظ عبر سلسلة من اللغات إلى لغة ما، وطرحت قضية حول اللغة التي ينسب إليها اللفظ، وأوردت الأقوال العديدة في ذلك، ووصلت إلى أنه يطلق على هذا النوع من الألفاظ (الدخيل المسلسل)، أي أنه وصل إلينا عبر سلسلة، قد تكون ذات حلقة واحدة، وقد تكون ذات أكثر من حلقة. وعند بيان الدخيل المسلسل ـ ينسب اللفظ بحسب تسلسله، فيقال: دخيل من الفارسية، عن الهندية...وهكذا، فيكون دخيلا مباشرا من الأولى، وغير مباشر من الثانية. ولا داعي لأن يكتفى بنسبته إلى إحدى لغاته، أو اللغة التي أخذت عنها العربية مباشرة. ثم أشرت إلى عيوب استخدام اللغة الوسيط في اقتراض الألفاظ، ويتمثل في مسخ النظام اللغوي للفظ، وتعدد المصطلحات واضطرابها.
ثم تناولت الترجمة، فبينت خطورتها، وأن المترجم غير الأمين قد يقتل لفظا، ثم بينت أن الترجمة قد يقوم بها فرد، وقد تقوم بها مؤسسة، وبينت أن المترجم الفرد نوعان: مترجم متخصص، ومترجم غير متخصص. ولكن الترجمة المتخصصة تعاني من نقص شديد، وقد حاول المعاصرون التخلص من هذا القصور بوسائل ترقيعية لم تغن شيئا. وأما المؤسسات المعنية بالترجمة فهي كثيرة، ومتنوعة، ودوافع الترجمة تختلف من مؤسسة إلى أخرى ـ ولكن ما زالت معدلات الترجمة في الدول العربية متدنية إلى حد كبير، وجهود المؤسسات مبعثرة. ثم بينت وسائل الترجمة، وأثرت السؤال حول هذه الوسائل ـ هل هي متكافئة أو متفاضلة؟ وبمعنى آخر: أيهما أولى بالتقديم: التوليد أم التعريب؟ وعرضت لآراء كلا الفريقين، ويستند القائلون بتقديم التعريب على ثلاثة أدلة: بيان عيوب التوليد، وبيان مزايا التعريب عموما، وبيان مزايا تعريب المصطلح العلمي خصوصا. وقد فندت مزاعمهم حول عيوب التوليد، وتبين أنها تحاك، ويراد بها النيل من اللغة ذاتها. وبعد مناقشة طويلة حررت المسألة على وجه آخر: أيهما أولى للمترجم: التوليد أم التعريب في كل من ألفاظ الحياة العامة والمصطلحات العلمية؟
وما ينبغي قوله هنا أن المصطلح الأجنبي إذا وجد مماثله في التراث العربي ـ تعينت الترجمة بالمعنى، إما إلى المصطلح العربي ذاته ـ إذا اتفق المفهومان ـ وإما إلى مصطلح عربي آخر ـ إذا اختلف المفهومان، وكان بالإمكان إيجاد مصطلح عربي.  فإذا لم يجد المترجم للفظ الأجنبي مرادفاً، فهنا نفرق بين ألفاظ الحياة العامة والمصطلحات العلمية، فألفاظ الحياة العامة ـ الأولى فيها اللجوء ـ قدر المستطاع ـ إلى التوليد. وأما في المصطلح العلمي ـ فإذا كان المصطلح العلمي ـ سواء في المجال النظري أم في التطبيقي ـ يحمل اسم عَـلَـم، فالأولى التعريب، مثل: قناة فالوب. وأما بالنسبة للعلوم التطبيقية، فالأولى في المصطلحات الجديدة التي لا توجد في لغتنا، ولم تترجم من قبل ـ هو التسوية بين التعريب والتوليد. فإن استطاع المترجم أن يولد لفظا عربيا ـ فبها ونعمت، وإن لم يستطع فالتعريب. وأما بالنسبة للعلوم النظرية (الإنسانية والاجتماعية)، فالتوليد فيها أولى؛ لأن اللغة إذا لم تلج أبواب العلم ضمرت. ثم إن كثيرا من الجامعات العربية تدرس هذه العلوم بالعربية، وهذا يساعد اللغة على الإبداع والابتكار. ومع ذلك فلا مانع من اللجوء إلى التعريب ـ إذا لم يستطع المترجم ترجمة اللفظ، أو التوليد من العربية، أو إذا شاع استخدام الدخيل، وقبِـلَه الذوقُ العربي، مثل: رومانسية، وكلاسيكية، أو إذا كان من المصطلحات العالمية المشتركة، مثل: أيدلوجيا، وديمقراطية. وأما الأعلام فلا خلاف بين العلماء في أنها لا تترجم بمعناها، وإنما تنقل إلى العربية بألفاظها الأجنبية.
وفي الفصل الثالث - أشرت بدايةً - إلى ضرورة التفريق بين قواعد التعريب ومظاهر الاستعمال، فقواعد التعريب يعني النظر إلى الكلمة كونها أجنبية، ومظاهر الاستعمال ـ يعني النظر إلى الكلمة كونها عربية ـ أو جرت مجرى العربي. ثم دلفت إلى بيان قضية مهمة جدا، وهي: إذا دخل اللفظ الأجنبي على العربية ـ فهل يترك ليترعرع ويحيا؟ أو يستاصل؟ واتجه العلماء تجاه هذه المسألة إلى اتجاهين، اتجاه يدعو إلى الاستبدال، وآخر يدعو إلى الاستعمال. وتقوم حركة الاستبدال على أساسين، الأول: مفهوم الفصاحة القديم، وهو أساس عام تقوم عليه حركة التنقية اللغوية عموما، فتشمل الدخيل والعامي والمولد. والثاني: ارتباط الدخيل بالغزو، وهو أساس خاص تقوم عليه حركة استئصال الدخيل. ولا يصح أن يتخذ مفهوم الفصاحة القديم الضيق ببعديه الزماني والمكاني ـ سلاحاً يشهر في وجه كل جديد أو حديث، فكل ما استوعبته اللغة العربية  (وما تستوعبه) بقدراتها التوليدية والتعريبية من ألفاظ وتراكيب ـ فهو فصيح. ولا يصح أن يوضع في مقصلة الفصاحة القديمة. وأما ارتباط الدخيل بالغزو ـ فقد أشرت إلى موقف الفقهاء من الدخيل، ورفضهم القول بوقوع المعرب في القرآن. ثم أشرت إلى أن هذين العاملين ـ ضعف الرقابة اللغوية، وارتباط الدخيل بالاستعمار ـ أوجدا رد فعل مضاد لدى الشارع العربي، تمثل ـ كما يرى تيمور ـ في أنفة العوام من العامي والدخيل. ثم عرضت حجج الرافضين لهذا الاتجاه، وخلاصته أن المبدأين: شيوع اللفظ الدخيل باستعماله، وارتباطه بمسماه، فيبقى ما بقي ـ يقفان عائقاً يحول دون نجاح المحاولات التي تهدف إلى استئصاله، ونبذه.
ثم أشرت إلى دور الاستعمال في تغليب الأصيل أو الدخيل، وأن العربي باستعماله الدخيل ـ أو الأصيل ـ إنما يعطي شهادة ضمان استمرارية، وفي حال تمكن الدخيل وبقائه ـ فإنه غالبا ما يندمج كليا (أو جزئيا) في اللغة المستخدمة، وينصهر في وعي المستخدمين، حتى يتناسى أنه دخيل، وينظر إليه على أنه من رصيد اللغة ذاتها، فيعامل معاملة مفردات اللغة نفسها. ثم أثرت قضية تغيير الدخيل وهل يلزم أو لا؟ فبعض الباحثين ذهب إلى القول بأن التغيير ضرورة لازمة، وذهب آخرون إلى القول بعدم الضرورة، مستدلين بأن العرب لم تلتزم التغيير، وأن تغيير الكلمة يشوهها، وأن في التغيير صعوبة عملية تواجه المترجم ـ وقد نوقشت تلك الأدلة. أما القائلون بضرورة التغيير فيرون أن تغيير الدخيل تستلزمه ضرورتان: ثقافية ولغوية، فثقافة كل أمة كائنة في لغتها، ومن الضرورة البالغة أن تحاط بسياج قوي من الحماية، ولا يسمح لأي عنصر باختراقه، وإذا ما دخل عنصر غريب ـ وجب أن يخضع لنظام هذه اللغة، وأن يتكيف مع ثقافتها. وأما الضرورة اللغوية فهي أن يتكيف اللفظ الدخيل مع الأنظمة المغلقة للغة، فلا يكون شاذا عنها، بل لا بد من أن يكون بناؤه اللغوي ـ صوتيا وصرفيا ونحويا ـ متكيفا مع لغتنا، إما تكيفا تاما (وهو الدمج الكلي) ـ فلا ينِـدّ عن بنائها، وإما تكيفا ناقصا (وهو الدمج الجزئي)، والمراد به ألا يشتمل اللفظ على وحدة لغوية لا تسمح بها اللغة، وإن اشتمل على ما ليس منها، ويطلق على هذه العملية التعريب. ومصطلح (التعريب) يعبر عن الضرورة اللغوية، في مقابل مصطلحات (الدمج، والتَّــبْـيِـئة، والتقريب التداولي، والاستيعاب) التي تعبر عن الضرورة الثقافية. وأنا مع الجمهور في أنه لا يلزم إلحاق اللفظ بأبنية العرب، فيسمى اللفظ معربا، متى توفر فيه الحد الأدنى من خصائص اللغة العربية. وهذا بخلاف الأعلام الدخيلة فنطاق التغيير فيها ضيق، ويمكن التساهل فيها.
ثم تناولت حكم الألفاظ الدخيلة المعربة من قبل، وهل تظل كما هي؟ أو تغير. وبينت مذهب مجمع اللغة العربية القائل ببقاء القديم كما هو، وما يرد عليه من إشكالات، كاعتماد العرب الوسيط السرياني، واختلاف معرب المشرق عن معرب المغرب، والاشتهار الحديث المخالف للقديم، ثم تلاعب العرب بالدخيل. وهناك آراء متباينة في هذه القضية، ولكن ما أرجحه أن العلم المعرب قديما إذا اشتهر وشاع فيظل كما هو دون تغيير في تعريبه، أما إذا لم يشتهر فلا بأس أن نعيد تعريبه بما يوافق القواعد الملائمة، وأما ما اشتهر حديثا فأزكي قرار المجمع بخصوصه، وهو أن تبقى كما اشتهرت، نطقا وكتابة. كما أشرت إلى قضية شائكة في ظاهرة الدخيل، وهي اختلاف مصادر المعربين في اللفظ الواحد، مما يؤدي إلى تعدد الصور للفظ واحد، وبينت قرارات المجمع الخاصة بذلك.
ثم بينت بعد ذلك قواعد التعريب، وبدأت بالمستوى الصوتي، وبينت أن الصوامت بعضها لم يختلفوا في تعريبه، وبعضها اختلفوا في تعريبه، وهذا المختلف فيه قسمان: أصوات موجودة في العربية، وأصوات غير موجودة في العربية. وبخصوص تعريب الصوامت اللاتينية، فيعرب اللاتيني بنظيره العربي في النطق، وما اختلف نطقه في الأصل ـ روعي ذلك عند التعريب، وما لا يوجد له نظير في العربية ـ فإما يغير إلى أقرب الحروف منه، أو ينقل كما هو ـ على سبيل الجواز ـ في الأعلام. ثم تناولت قضية حذف الصوامت في التعريب، وبينت أن حذف صامت أو زيادته في الكلمة المعربة ليس من قواعد التعريب في شيء، وما ورد عن العرب من حذف أو زيادة ـ فهو راجع إلى تلعب العرب بالألفاظ المعربة، وهذا ناتج عن استعمال العرب للفظ، وليس قاعدة تعريبية. ثم تناولت الصوائت المفردة ثم المزدوجة، وخلاصة القول فيها أن (a) مقابل الفتحة العربية، و(e,i) يقابلان الكسرة، و(o,u) يقابلان الضمة. فإذا جاءت الأصوات في أول الكلمة ـ وضعت الحركة العربية المقابلة على همزة، وإذا جاءت داخل الكلمة أو آخرها ـ قوبلت بالحركة العربية الطويلة، إلا (e) في الآخر فتقابل بالفتحة الطويلة. وبالنسبة للصوائت المزدوجة، فالأغلب أن يُـغَـلَّبا معا عند التعريب، إلا في (eu) في داخل الكلمة ـ فيُـغَـلَّـب الأول فقط. أو يُـغَـلَّـب الصوت الثاني إلا (oe) ـ فإما يُـغَـلَّبان معا، أو يُـغَـلَّـب الأول فقط. وبالنسبة لـ(ai,ae) في آخر الكلمة فـيُـغَـلَّـب الأول.
ثم تناولت المقاطع الصوتية، وأهم ما يثار الحديث حولها هنا ـ قضية هل يجوز البدء بساكن في التعريب؟ وهل يجوز توالي ساكنين؟ وفي القضية الأولى خلاف، وما يراه الباحث أن الألفاظ الدخيلة المبدوءة بساكن، إذا كانت أعلاما أو مصطلحات علمية ـ فالأولى أن يحرك هذا الساكن عند التعريب، ولا يضاف إليه همزة؛ حتى لا تتغير صورته بالإضافة. وأما ألفاظ الحياة العامة ـ فيتخلص من الساكن إما بتحريكه، وإما بإضافة همزة. وتكتب بهمزة قطع، وتُـعَـدّ الهمزة همزة قطع لا وصل. وفي هذا الرأي اتباع لمنهج العرب في التخيير بين الإضافة والتحريك فيما يخص ألفاظ الحياة العامة، أما فيما يتعلق بالأعلام والمصطلحات ـ فالأصل أن نحافظ قدر المستطاع على صورة الكلمة، ولا نغير إلا ما يلزم، مراعين في ذلك النظام اللغوي العربي، ولا شك أن إضافة همزة فيه تغيير أكثر من اللازم، وخاصة في الصورة الكتابية، وما دمنا قادرين على التغيير بالتحريك ـ فيُـكتفى به. وأما ما يخص التقاء ساكنين في اللفظ ـ فالصور الممكنة لالتقاء السواكن، أو السواكن والمدود داخل الكلمة، بشكل عام ـ هي: لين وساكن مدغم في مثله، ومد وساكن مدغم في مثله، ولين ـ أو مدّ ـ وساكن، وساكن وساكن (ساكنان). فالصورتان الأوليان قد وردتا في العربية، فلا إشكال فيهما. وأما الصورة الثالثة والرابعة فلم تردا في العربية. وأرى جواز تعريب الصورة الثالثة، فيلتقي مد ـ أو لين ـ وساكن ؛ لإمكان ورود ذلك في العربية، وإن لم يرد الالتقاء ـ فعلا ـ إلا مع ساكن مدغم في مثله، غير أن صورة الورود واقعة على أي حال. فيجوز نحو: مورْس. أما الصورة الرابعة ـ فيمنع قبولها؛ لثقل ذلك على العربية، ولإمكان تحريك الثاني دون أي مشقة.
ثم تناولت قواعد التعريب على المستوى الصوتي، وما يقال هنا أن العرب كانوا غالبا ما يزيلون العلامة الصرفية الأجنبية، ويستبدلون العلامة العربية بها، ولكن لم يطرد ذلك. وبالنسبة للسوابق واللواحق ـ فالعرب المعاصرون ترجموا أحيانا، وعربوا أحيانا أخرى. وكذلك فالعرب كانوا يحذفون العلامة الإعرابية من النكرة وجوبا، أما إذا كانت الكلمة الدخيلة علما ـ فيعرب بعلامته في حالة الرفع في اليونانية واللاتينية. وتبين من عينة البحث أن العرب لم يطرد عندهم حذف العلامة الإعرابية؛ حيث سلكوا مسلكين مع العلامة الإعرابية، وهما: الحذف والتعريب.
ثم تناولت مظاهر استعمال اللفظ الدخيل ـ سواء النكرة أم العلم، فاللفظ الدخيل إذا عرب واستعمله العرب جرى مجرى اللفظ العربي، ومن مظاهر الاستعمال الصوتي: خضوعه لقانون المماثلة والمخالفة، ومن مظاهر الاستعمال الصرفي: التعبير به عن مختلف الوحدات الصرفية، وإضافة العلامة الصرفية العربية إليه، والاشتقاق منه، وخضوعها للنحت والتركيب. ومن مظاهر الاستعمال النحوي: استخدام العلامة النحوية العربية، وخضوع الكلمة في الجملة للترتيب العربي. ومن مظاهر الاستعمال الدلالي: تخصيص ـ أو تعميم ـ معنى اللفظ الدخيل في العربية، والانحطاط الدلالي، وتأثرها بالعلاقات الدلالية العربية من ترادف، واشتراك، وتضاد. وعند الاشتقاق من الكلمة الدخيلة، فإذا كانت مشتملة على ثلاثة صوامت، أو أربعة ـ فإن الصوائت (حروف المد والحركات) تعامل معاملة الزائد، ويجري الاشتقاق على الصوامت. أما حين يكون عدد الصوامت أكثر من أربعة ـ فإن الاشتقاق منها يكون باطِّراح بعضها، وهو ما كان من حروف (سألتمونيها)؛ إجراء لها مجرى العربي. والعلم الدخيل المركب ـ الأصل أن ننظر إليه ككلمة واحدة، ونغير داخلها بما اقتضاه التعريب، لا بما اقتضاه الإعراب. فإذا كان الإعراب يقتضي في المركب المزجي العربي أن يفتح آخر صدره ـ فإن هذا لا ينقاس على المركب الأجنبي، فإن جاء آخر صدره ساكنا سكناه، أو مفتوحاً فتحناه، أو مضموماً ضممناه، أو مكسوراً كسرناه ـ والتعريب لا يقتضي تغيير هذه الحركات.
ثم تناولت في الفصل الرابع الصحافة اليمنية ولغة الصحافة، عرضت فيه تاريخا موجزا للصحافة اليمنية، وصنفها البعض إلى أربع مراحل: مرحلة النشأة (1872م ـ 1940)، ومرحلة التعدد (1940م ـ 1962)، ومرحلة الثورة (1962م ـ 1990)، ومرحلة الوحدة (1990م ـ ...). وأبرزت من خلال العرض التاريخي أهم الاتجاهات الصحفية. ثم عرضت لقانون الصحافة والنظام الصحفي في اليمن، ثم خصصت الحديث عن صحيفة الثورة، فعرضت لنشأتها وتطورها، والتحرير الصحفي فيها، ومضامينها، وأبوابها، وملاحقها.
ثم تناولت لغة الصحافة، وتطور هذه اللغة منذ نشأتها، ومميزات اللغة الصحفية العامة، وآثارها الإيجابية، والسمات اللغوية للغة الصحافة، سواء في الألفاظ، أم في الأساليب، ثم عرضت لموقف اللغويين من هذه السمات، سواء الداعين إلى التنقية، أم المتساهلين. ولقد جاءت اللغة الصحفية، أو لغة العصر بسمات جديدة، وبعض هذه السمات يخالف الأساليب النحوية التقليدية، وهناك أحيانا تجوز في استخدام العامية، كما أن بعض السمات فيها توسع دلالي، وتظهر فيه آثار اللغات الأخرى. وقد تنازع العلماء الموقف من هذه السمات بين رافض ومجيز ـ غير أن العمل الصحفي يتطلب إنتاجا يوميا متنوعا يملأ أبواب الصحيفة على اختلاف صفحاتها، ويتطلب ترجمة سريعة لما تنشره وكالات الأنباء والصحف العالمية. هذا من ناحية، ومن ناحية ثانية فإنه يكتب لجمهور متنوع متعدد، ويتناول موضوعات شتى، والصحفي يحاول تطويع اللغة استجابة لكل هذه المتطلبات، فتبدو لغة سهلة واضحة. ثم عرضت لأشكال الكتابة الصحفية، تعريفها، ولغتها، والقوالب المختلفة التي تكتب بها، وتنوع تلك القوالب بتنوع الأشكال، وتنوع الأساليب بتنوع المضمونات. ثم تناولت علاقة الدخيل بالصحافة، فالوسيلة الإعلامية ـ ليست بمأمن عن التأثير الثقافي، وتصدير هذه الآثار إلى جماهيرها، سواء أكانت آثار ثقافية أم غيرها. ومن ذلك التأثر ـ التأثر اللغوي بين اللغات، وبينت مصادر التأثير اللغوي الأجنبي، وتحدثت عن مصادر الخبر الصحفي، بدءا بالوكالات الأجنبية، والصحف الأجنبية. ثم عرضت لقنوات التأثير، ثم آثاره اللغوية على الألفاظ والأساليب. وعرضت أخيرا لأبرز مظاهر لغة الصحافة اليمنية.

أما الباب الثاني ـ فقد خصصته للإطار التطبيقي للدراسة، وبدأت فيه بالتحليل الصوتي للألفاظ الدخيلة، فتناولت التغييرات المطردة في الصوامت أولا، ثم في الصوائت ثانيا. وبينت كافة المقابلات الصوتية الواردة في العينة للصوامت المفردة، والصوامت المركبة من أكثر من صامت، والمركبة من صامت وصائت، ثم بينت كذلك المقابلات الصوتية للصوائت المفردة والمزدوجة، وقارنتها مع تعريبات مجمع اللغة العربية بالقاهرة، وغيره، ومن خلال ذلك بينت عوامل اختلاف تعريب الصامت الواحد. ثم تناولت الحذف والزيادة في الصوامت والصوائت، ثم تناولت قصر الحركة ومدها ونقلها، ثم تناولت النقل الصوتي والنقل الحرفي سواء على مستوى النطق بالصوت، أم حذفه، ثم تناولت التغييرات السياقية في تعريبات العينة، المماثلة، والمخالفة والقلب. وسنورد أهم نتائج التحليل لاحقا. ثم حللت المقاطع الصوتية، مبتدءا بالنظام المقطعي، فتناولت المقطع الأول في الكلمة، وكيف تم التخلص من التقاء السواكن فيه، ثم تناولت توالي السواكن في المقاطع الأخرى من الكلمة، وقارنت ألفاظ العينة بتعريبات مجمع اللغة العربية، مقارنة رقمية. ثم عرضت نظام توالي المقاطع داخل الكلمة الواحدة، من الكلمات المعربة.
وفي الفصل الثاني حللت الألفاظ على المستوى الصرفي من حيث التقعيد، فتناولت كيفية تعامل العرب مع العلامة الصرفية الأجنبية، ثم تناولت السوابق واللواحق في المصطلح العلمي، ثم بينت نسبة ما اتفقت فيه الصحيفة في تعريب ـ أو ترجمة ـ السوابق واللواحق مع مجمع اللغة العربية بالقاهرة. ثم تناولت أصل اللفظ الدخيل صرفيا، من حيث النوع:(اسم، صفة،...)، ومن حيث العدد:(مفرد، جمع)، ومن حيث النحت والتركيب والاختصار. وتبين أن الغالب في الألفاظ الدخيلة الاسمية، ولكن ورد في العينة ألفاظ دخيلة ليست بأسماء، وهي: فعل، أداة نفي، خالفة، صفة، مشتق ـ كاسم المفعول، وكاسم الفاعل. كما أن أغلب الألفاظ الدخيلة جاءت مفردة، ولكن بعض الألفاظ دخلت وهي جمع. كما يلاحظ أن معظم الألفاظ الدخيلة ـ هي كلمة واحدة، ولكن هناك ألفاظ دخيلة أدخلت ككلمتين معا. كما تبين أن هناك عددا من الألفاظ الدخيلة ـ بعضها منحوت من أكثر من كلمة، وبعضها منحوت نحتا ارتجاعيا، وبعضها مركب، وبعضها مختصر من كلمة، وبعضها مختصر اختصارا أوائليا... وللألفاظ المركبة ثلاث صور، الأولى: مركب عربي ـ عربي في أصله الأجنبي، والثانية: مركب عربي ـ أجنبي. والثالثة: مركب أجنبي ـ أجنبي. والمركب الأجنبي ـ أجنبي إما أن يكونا حديثين، وإما أن يكون اللفظ في أصله مركبا من أجنبي قد عرب قديما ـ مع أجنبي عرب حديثا.
ثم تناولتها بالتحليل الصرفي من حيث الاستعمال، وبالنظر إلى مظاهر استعمال الألفاظ الدخيلة، على المستوى الصرفي نجد أنه قد عبر باللفظ الدخيل عن مختلف الوحدات الصرفية، تعريفا وتنكيرا، إفرادا وتثنية وجمعا، ونسبا إليه، وتصريفه للدلالة على الزمن، والمجيء بالمصدر منه. ومن الأمثلة الواردة ما استوى فيه المذكر والمؤنث، وهو لفظ: جنرال. كما أن من أمثلة الإفراد: كعك، توهم جمعه، فاستخدم مفردا: كعكة. ثم تناولت الاشتقاق منه. وقد جرى الاشتقاق من هذه الألفاظ، اشتقاق اسم الفاعل، واسم المفعول، وتركيب اللفظ الدخيل مع غيره. وكل هذا يدل على مدى تصرف العربية المعاصرة في الألفاظ الدخيلة.
ثم تناولتها بالتحليل النحوي على مستوى القواعد، وهو ما يتعلق بإبقاء أو حذف العلامة العربية، ثم على مستوى الاستعمال، ويتمثل الاستعمال النحوي في ناحيتين: الأولى: المجيء بالعلامة الإعرابية، والثانية: استخدام اللفظ في الأبواب النحوية.
وفي الفصل الثالث حللت الألفاظ على المستوى الدلالي، فتناولت المجالات الدلالية لها، وقد بلغت ألفاظ العينة (739)لفظا، منها (309) ألفاظ عامة، والباقي مصطلحات علمية، ونسبتها(58%)، وكما ترى فإن نسبة المصطلحات العلمية أكثر من الألفاظ العامة. وقد توزعت الألفاظ ـ بالنظر إلى المجالات الدلالية ـ على أحد عشر مجالا تقريبا، يأتي في مقدمتها المجال العلمي(28.6%)، ثم مجال التقنية والتعليم(13.5%)، ومثله المجال الاجتماعي، ثم مجال الأدب والفلسفة والفن(12.6%)، وأقل المجالات هو مجال الدين، فالألفاظ الدخيلة في هذا المجال تبلغ نسبتها(1.8%). ثم تناولت التطور الدلالي للألفاظ، وظهر ذلك في التوسع الدلالي للفظ في العربية، وتضييق الدلالة، ونقله إلى المجاز، كما أن هناك من الألفاظ ما ظهر له استخدامات جديدة في العربية المعاصرة. كذلك خضعت الألفاظ الدخيلة للعلاقات الدلالية من ترادف واشتراك. واستخدمت في التعبيرات المجازية.
ثم تناولت مصادر الألفاظ الدخيلة، وفيه تناولت عدة أمور، وهي: لغاتها، والدخيل المباشر والمسلسل والهجين، والفترة التاريخية لدخول اللفظ، والمعرب والمترجم، وما أصله علما. وقد تعددت اللغات التي دخلت منها الألفاظ إلى اللغة العربية، حتى بلغت أربعا وعشرين لغة، وهذا يدل على انفتاح العربية المعاصرة على لغات العالم، من ناحية، ومن ناحية ثانية يدل على ذوبان الحدود في زمن أصبح العالم فيه قرية صغيرة، يأخذ أقصاه عن أدناه. واللغة الإنجليزية هي المصدر الأكثر للتدخيل، بنسبة (38%)، تليها الفرنسية بنسبة (19%)، ثم الفارسية بنسبة(11%). وهذا مؤشر على غلبة اللغات الحديثة في الدخيل المعاصر، وبالأخص الإنجليزية ثم الفرنسية. وهناك إشكاليات عديدة في تحديد اللغة المصدر التي دخل منها اللفظ، ومن مظاهر هذه الإشكالية: ألفاظ يقع الوهم في أنها من الدخيل، فتنسب إلى لغة ما، وبعد التنقيب يظهر أنها عربية، مثل: نفط(naphtha)، بالة، تابـَـل. أيضا، قد يكون الوهم في نسبته إلى لغة هي أخذته من العربية، أو لغة حديثة مع أنه في العربية قديم، أو وهم في النسبة مطلقا، مثل: طربوش، صابون، فوطة، باقة، كومبارس، دفتر، بجامة. أيضا، تعدد مصادر اللفظ الواحد؛ حيث يحدث أن يستورد بعض العرب لفظا من لغة، ثم يستورد آخرون لفظا دالا على نفس المعنى من لغة أخرى، وقد يكون الاختلاف بين اللفظين متقاربا، وقد يكون اللفظان متباعدين، وسبب التعدد الاختلاف المكاني ـ كما ذكرت، أو الاختلاف الزمني، كأن ينسى المتأخر أن العرب قد أدخلت لفظا لذلك المعنى، وخاصة إذا كان الدخيل الأول قديما.
وأغلب الألفاظ الدخيلة من الإنجليزية هي في المجال العلمي، بنسبة(36%)، ثم في مجال التقنية والتعليم، بنسبة (25%)، أما اللغة الفرنسية فأكثر الدخيل منها في المجال العلمي، بنسبة(32%)، ثم في مجال الأدب والفلسفة والفن، بنسبة (15%). أما اللغة الفارسية ـ فأكثر الدخيل منها في المجال الاجتماعي، بنسبة (35%)، ثم في مجالات القانون والبناء (أخرى)، بنسبة (29%). كما نلاحظ أن اللغة الألمانية أكثر الدخيل منها في المجال العلمي، بنسبة (75%)، وكذلك اللغة اللاتينية، بنسبة(34%). وأكثر الدخيل من الإيطالية في مجال الفلسفة والفن والأدب، بنسبة (33%)، ومثلها اليونانية، بنسبة(35%)، واليابانية، بنسبة(40%).
وقد أظهرت العينة غلبة الدخيل المباشر، حيث يشكل نسبة (73%)، بينما تبلغ الألفاظ الدخيلة غير المباشرة نسبة (24%)،  كما أظهرت العينة قلة الألفاظ الهجين حيث تمثل نسبة (3%)، وهي نسبة ضئيلة، وبعض الهجين ألفاظ مركبة، من العربية ومن غيرها. وغلبة الدخيل المباشر هو الأمر الطبيعي، فالأصل أن اللغة تأخذ اللفظ من لغته مباشرة، وأما الألفاظ غير المباشرة، فذلك راجع في كثير من الأحيان إلى اللغة المأخوذ منها اللفظ، فالإنجليزية ـ مثلا ـ يكثر فيها الدخيل اللاتيني واليوناني. كما أظهرت العينة أن الألفاظ الدخيلة في العصر الحديث هي الأغلب، حيث وصلت نسبتها إلى 87% تقريبا، وهي نسبة عالية جدا، بينما لم تتجاوز هذه النسبة الـ(14%) للدخيل في ما قبل العصر الحديث. وتعلل كثرة الدخيل في العصر الحديث عموما بالتواصل القوي بين الشعوب، وذوبان الحدود في هذا العصر، مع سرعة الاتصالات والمواصلات، ومن جهة ثانية، فقد أدت القفزات العلمية الكبيرة إلى كثرة التدخيل. وتعلل كثرة الدخيل المعاصر خصوصا في الصحيفة ـ أو في الصحافة بشكل عام ـ بأن الصحيفة إخبارية، وذات صفحات متخصصة، ومقتضى كونها إخبارية أنها تستقي مادتها من إعلام محلي وعربي وعالمي، وخاصة الإعلام الناطق بالإنجليزية، وهذا يحتوي على مادة كبيرة من الدخيل. ومقتضى كونها ذات صفحات متخصصة أنها تغلب فيها المصطلحات المتخصصة ـ ومعظم هذا هو من الدخيل المعاصر. وهناك ألفاظ قد عربت في زمن ما، ثم عربت في زمن آخر، وعادة ما يكون في المعرب المعاد اختلاف، ونسمي هذا: إعادة التعريب، مثل: بطريرك ـ وعرب قديما: بـَـطـْـرَك، وهو معرب من اللاتينية، وأورج ـ عرب قديما: أرغن، وأرغانون، من اليونانية، وعرب حديثا: أورج من الفرنسية.
وأظهرت العينة أن نسبة ما اتفقت الصحيفة مع المجامع في تعريبه هي (39%) تقريبا، ويضاف إليها(28%) وردت معربة ومترجمة في المجامع، وبهذا تبلغ النسبة التي وافقت الصحيفة فيها المجامع (67%) تقريبا. أما نسبة ما عربته الصحيفة مما ترجمته المجامع فهي (15%) تقريبا، وهي نسبة لا بأس بها. وأخيرا نجد أن نسبة ما ورد في الصحيفة ولم أجده في المجامع بلغت (17%) تقريبا، وهي نسبة عالية، أي أن ما يقارب من خمس ألفاظ العينة في العصر الحديث لم تقل المجامع فيها كلمتها بتعريب أو ترجمة. ومن خلال هذه النسب يمكن القول أن الألفاظ الدخيلة الحديثة في الصحيفة في جزء كبير منها لا تتحرى الدقة في التعامل مع الألفاظ الأجنبية، وإنما تدخلها دون الرجوع إلى مجامع اللغة، والمعاجم الحديثة، فنصف هذه الألفاظ التي لا توجد في المعاجم قد ترجمها قاموس المورد، والمكنز السعودي الآلي للمصطلحات (باسم)، ولكن نظرا للعجلة وعدم المبالاة الصحفية نجد هذا الكم الكبير من المعرب. ومن ناحية ثانية فإن اللوم يقع على مجامع اللغة في عدم متابعتها للألفاظ الأجنبية أولا بأول، حتى وجدنا كمية لا بأس بها من الألفاظ غير موجودة فيها.
كما أن بعض الألفاظ الدخيلة وردت في الصحيفة مترجمة أحيانا، وأحيانا معربة، ويفسر ذلك بأمور، منها: أن المقال عادة يغلب اللفظ العربي؛ فكاتب المقال عادة ما يكون متخصصا، وذا خبرة لغوية ما، بخلاف كاتب الخبر أو التقرير، فخبرته اللغوية أقل، وكثير من الألفاظ المترجمة جاءت في مقالات. وأحيانا يرد اللفظان من باب أن أحدهما يفسر الآخر. أيضا لسهولة تصريف اللفظ العربي. وأحيانا لعدم ثبات المقابل العربي للفظ، وكذلك عدم اطراد التعريب، أيضا اختلاف السياق أحيانا يؤدي إلى اختلاف اللفظ المستخدم، فـ(مستر) تستخدم مع الرجل الأجنبي عادة، أما: (السيد) فتستخدم مع الرجل العربي غالبا. وكما جمع بين الدخيل واللفظ العربي ـ فقد جمع أيضا بين الدخيل وكتابة اللفظ بالأجنبي، ويرد غالبا في مصطلحات الكمبيوتر والتقنية، وغالبا ما يكون ذلك للإيضاح، وخصوصا في المقالات التعليمية.
أما الفصل الرابع فقد خصصته للأعلام، فحللتها على المستوى الصوتي والصرفي والدلالي، وتناولتها ـ في الجملة ـ بنفس التحليل الذي تناولت به الألفاظ العامة، إلا بعض الاختلافات التي يقتضيها تحليل الأعلام. وهناك تشابه بين تعريب العلم وتعريب الألفاظ الدخيلة في بعض القضايا واختلاف في بعضها الآخر، سنشير إلى أهمها في قائمة النتائج، ومما نورده هنا أن هناك مجموعة من الأعلام المختصرة في الصحيفة، وقد أخذ هذا الاختصار ثلاثة طرق في التعريب، الأولى: أن يكون الاختصار حرفا أو حرفين، يرد في اسم علم، وينطق الحرف بنطقه الأجنبي، والثانية: أن يكون اختصارا أوائليا للعلم، وينطق كل حرف مستقلا، والثالثة: أن يكون اختصارا أوائليا، وينطق العلم ـ ويكتب أيضا ـ كما لو كان كلمة واحدة. والعربية ـ في الصورتين الأوليين ـ تعرب حروفا أجنبية، ولكن ليس لكونها حروفا، وإنما لكونها أعلاما اختصرت إلى حروف. كما يلاحظ أن الصورة الأولى تغلب في أعلام الأشخاص، والصورة الثانية تغلب في أسماء المؤسسات الإعلامية، والصورة الثالثة تغلب في أسماء المنظمات، وهي ملاحظة لا نستطيع أن نرتب عليها أي نتيجة.
وبالنظر إلى الأعلام المركبة الموجودة في العينة ـ أمكن تقسيمها على مجموعتين، المجموعة الأولى:  الأعلام المركبة من أجنبي ـ أجنبي، وأغلب الأعلام المركبة هي مركبة من لفظين أجنبيين، وهذا المركب إما أن يكون مركبا في لغته، فتعامله معاملة العلم دون مراعاة معاني الألفاظ، وإما أن لا يكون مركبا فيها، بل إن لغته تراعي معنى ألفاظه، فتركبه العربية، فتعريب العلم بهذه الصورة يدخله في دائرة التركيب، ويجعل العربية تتعامل معه كما لو كان كتلة واحدة، وليس ألفاظا عدة تحمل معاني معينة، بل تتناسى تلك الدلالات. المجموعة الثانية:  المركبة من عربي ـ أجنبي. وهي أعلام قليلة، وهي ثلاثة أنواع، الأول: أعلام دخلت وهي مركبة في لغاتها الأجنبية من عربي وأجنبي، مثل: برفيز مشرف(پرويز مشرف). والثاني: أعلام غير دخيلة، ولكن العرب هم من ركبوها من لفظ أجنبي وعربي، ويكثر في تسمية الشركات. والثالث: علم مركب دخيل، ولكن العرب لحظوا تركيبه، فعربوا ما عد علما، وترجموا ما لوحظ فيه المعنى، مثل: الاتحاد السوفيتي.
وقد توزعت الأعلام الدخيلة على مجالات عديدة، وقد احتلت أعلام الأشخاص المرتبة الأولى، بنسبة تتجاوز الثلث، وتقارب النصف، وهي(39.9%)، يليها أعلام الأمكنة بنسبة (28.7%). وكثرة علم الأشخاص يعد أمرا منطقيا، فهي أكثر الأعلام التي يدور حولها الحدث، ثم يلي ذلك أعلام الأمكنة، وهي المكان الذي يدور فيه الحدث ـ ومن هنا احتل هذان المرتبتين الأوليين. وبتحليل أعلام الأشخاص فقد ظهر أن السياسيين يحتلون المرتبة الأولى بنسبة (33.2%)، يليهم الرياضيون بنسبة(26.4%)، وأقل أعلام الأشخاص ورودا هم الأدباء بنسبة(1.6%). ونيل السياسيين المرتبة الأولى يعد أمرا طبيعيا؛ فالصحيفة بالأساس إخبارية، تعنى بالحدث والتحليل السياسي، وأما ارتفاع نسبة الرياضيين؛ فذلك لأمرين، الأول: أن في الصحيفة قسما رياضيا، يتكون من صفحتين متخصصتين، وأحيانا ثلاث صفحات. والأمر الثاني أن الصحيفة كثيرا ما تغطي أخبار الرياضة الأوروبية والأمريكية، وغيرها؛ مما سبب كثرة الأعلام الدخيلة في هذا المجال.
وبالنظر إلى الدول التي جاءت منها الأعلام الدخيلة تبين أن أمريكا تحتل الصدارة في الدول التي دخلت منها أعلام إلى الصحيفة، بنسبة(18.4%)، تليها بريطانيا بنسبة (9.4%)، ثم ألمانيا بنسبة(5.9%)، ثم اليابان وفرنسا بنسبة(5.2%). كما أظهرت العينة أن أمريكا احتلت الصدارة في مجال أعلام الأشخاص، وفي أعلام الأمكنة، وفي أعلام الشركات، وفي أعلام المؤسسات الحكومية، وأعلام الأسلحة، وتفردت بأعلام الكمبيوتر. أما بريطانيا فقد تصدرت في الأعلام الدالة على الإعلام، وفي أعلام نوادي كرة القدم، وتصدرت ألمانيا الأعلام الدالة على الفرق الفنية. وتصدرت فرنسا الأعلام الدالة على المنظمات. وتصدرت اليابان الأعلام الدالة على المواصلات. وبالنسبة لمصادر أعلام الأشخاص فنجد أن الأعلام الدخيلة من أمريكا تحتل المرتبة الأولى بنسبة(18%)، ثم ألمانيا بنسبة(8.8%)، ثم فرنسا بنسبة(5.6%)، ثم بريطانيا، بنسبة(4.8%). كما يلاحظ أن أمريكا تحتل المرتبة الأولى في الأعلام السياسية والعسكرية، بل تكاد تقصر عليها الأعلام العسكرية، وكذلك في الأدباء والصحفيين، وتحتل الصدارة مع ألمانيا في أعلام العلماء والفنانين. وأما فرنسا فتحتل الصدارة في الأعلام الرياضية. وهذه مؤشرات كما قلنا على عمق العلاقات، كما أنها مؤشرات من جهة أخرى على الدور الذي تلعبه هذه الدول على الساحة العالمية في مختلف المجالات.
وبالنظر إلى لغات الدول التي دخلت منها الأعلام، باعتبار لغاتها الرسمية نجد أن الإنجليزية احتلت المرتبة الأولى في اللغات الأجنبية للأعلام الدخيلة، بنسبة(34.8%)، ثم الألمانية بنسبة(7.5%)، ثم الفرنسية بنسبة(7.1%)، ثم اليابانية بنسبة(5.6%). ويلاحظ أن الهوة بين الإنجليزية، وما عداها من اللغات كبير، فالنسبة بينها وبين الألمانية ـ ثاني لغة، بما يعادل (1:5) لصالح الإنجليزية، وهي هوة كبيرة؛ ويعلل كثرة الأعلام الدخيلة من الإنجليزية؛ بأنها لغة رسمية لدول عديدة، ومنها أمريكا، وكما سبق أن أمريكا تحتل الصدارة في كثير من أعلام المجالات، والأعلام الدخيلة من أمريكا وحدها تبلغ(116) علما، ويمثل نسبة (58%) من الدخيل من الإنجليزية، وهذا كله يصب لصالح اللغة الإنجليزية. ومما جعل لها الصدارة أن أسماء برامج الكمبيوتر، وما يتعلق به ـ أغلبها مصاغة باللغة الإنجليزية. وأيضا؛ لأنها بمثابة لغة دولية ـ فكثير من الشركات والمؤسسات والمنظمات تصوغ أسماءها بها، بل إن بعض الشركات المحلية ـ وخاصة القطاع الخاص ـ تصوغ أسماءها بعبارات إنجليزية.
كما أن معظم الأعلام من الدخيل المعاصر، والدلالة على ذلك واضحة؛ إذ إنها أعلام لأشخاص أو منظمات أو أشياء معاصرة. ولكن هناك بعض الأعلام وخاصة أعلام الأمكنة ـ وبعض أعلام الأشخاص ـ تعد من الدخيل قديما نسبيا. ونلاحظ أن الصحيفة ـ في الغالب ـ تورد الأعلام التي عربت سابقا بالاسم الذي اشتهر به، كأفلاطون، وأرسطو، وخوارزم وأنقرة. ولكنْ هناك أعلام اختلف تعريبها السابق عن تعريبها الحالي، مثل: سلانيك، وبلرم.
وهناك بعض المظاهر الدلالية في دراسة الأعلام الدخيلة، منها: أحيانا يكتب العلم كاملا، ومختصراـ فيذكر الاسم أولا كاملا، فإذا ذكره ثانية ذكره مختصرا. وأيضا: استلهام العلم، واشتقاق وصف منه، يستخدم مجازا لدلالة ما. أيضا: المجيء بالعلم معربا أحيانا، وأحيانا مكتوبا بلغته الأجنبية ـ وهي الإنجليزية في العادة. وأيضا: العلامات الصرفية المصاحبة للعلم، وردت معربة أحيانا، ومترجمة أحيانا أخرى.
وفي الفصل الخامس تناولت الألفاظ الدخيلة والجانب الشكلي للصحيفة، من خلال مجموعة من الجداول، وقسمتها على قسمين: جداول عينة التكرار، وجداول العينة بلا تكرار. وتناولت في المجموعة الأولى: أكثر الألفاظ الدخيلة تكرارا، وأقلها، ونسبة تكرار الألفاظ الدخيلة في مختلف الأشكال التحريرية، ونسبة تكرارها في مختلف صفحات الصحيفة، ونسبة تكرارها في العناوين الرئيسة وغيرها، ونسبة تكرارها في المجالات الدلالية المختلفة.
ثم تناولت أكثر ـ وأقل ـ الأشكال التحريرية الحاملة للدخيل، وأكثر ـ وأقل ـ الصفحات الحاملة للدخيل، ونسبة حجم الدخيل في العناوين، ونسبة تردد الألفاظ العامة والمصطلحات العلمية في الأشكال التحريرية، والفترة التاريخية لدخول الألفاظ الدخيلة ـ الواردة في الأشكال التحريرية، ومصادر الألفاظ الدخيلة ـ بالنظر إلى الأشكال التحريرية، والمجالات الدلالية للألفاظ الدخيلة بالنظر إلى الأشكال التحريرية. وهذه الجداول تــتناول تحليل الألفاظ الدخيلة بالنظر إلى كميتها في الأشكال التحريرية، وفي الصفحات المتخصصة، وفي العناوين. كما تحلل الألفاظ الدخيلة في الأشكال التحريرية بالنظر إلى الفترة التاريخية لدخولها، ولغاتها، ومجالاتها الدلالية.
وأكثر الألفاظ الدخيلة تكرارا هي: برنامج، وديمقراطية، وقانون، وإستراتيجية. وبالمقارنة بين تكرار الألفاظ العامة، والمصطلحات العلمية نتج أن تكرار الألفاظ العامة أكثر، وإن كانت النسب متقاربة. ومن الطبيعي أن تكون نسبة الألفاظ العامة أكثر؛ لتعدد استخداماتها، ولأن كثيرا منها قد هضمته العربية، فأصبحت كالألفاظ العربية، مثل: برنامج، بنك، بطاقة... كما تبين أن الألفاظ التي تنتمي إلى مجال التقنية والتعليم ـ هي أكثر الألفاظ تكرارا، حيث بلغت نسبة التكرار (27%)، ويليها بعد ذلك ألفاظ أخرى( ألفاظ مجال: البناء والقانون، والعام) بنسبة (16%)، ثم الألفاظ العلمية بنسبة (14%) تقريبا، ثم بعد ذلك ألفاظ الأدب والفلسفة والفن والإعلام، والمجال السياسي والاجتماعي بنسب متقاربة. كما نلاحظ من جهة أخرى أنه لا علاقة بين عدد الألفاظ في المجال وتكرارها، فعدد ألفاظ التقنية لم تتجاوز (15%)، بينما بلغ تكرارها الـ (27%)، في حين نجد الألفاظ العلمية بلغت نسبتها (26%)، بينما لم تتجاوز نسبة تكرارها الـ (14%). وأما في بقية المجالات فالنسب تتقارب بشكل عام.
وبينت النتائج أن الخبر هو أكثر شكل تحريري ـ تكررت فيه الألفاظ الدخيلة، حيث بلغت نسبة التكرار فيه (34%) تقريبا، وهي نسبة عالية قياسا إلى الأشكال التحريرية الأخرى ـ فهو حامل كبير للدخيل، يليه في ذلك المقال فالتقرير بنسب متقاربة (15%) تقريبا، ثم الإعلان (13%) تقريبا ـ وهذه حامل متوسط للدخيل، ويلي ذلك الحديث الصحفي ثم العمود الصحفي ثم الاستطلاع بنسب متقاربة (7 ـ 4%) ـ وهذه حامل منخفض للدخيل، ثم يأتي بعد ذلك التحقيق والمتابعة ـ وهي حامل أدنى للدخيل. وغلبة تكرار الألفاظ الدخيلة في الخبر ـ ليس بالمستغرب؛ فالأخبار تقوم أساسا على الترجمة الفورية السريعة المعتمدة على السبق الصحفي، مما يجعل هذا الشكل عرضة لفيروس الدخيل أكثر من غيره. ثم إن الأخبار متنوعة، ومنتشرة في مختلف الصفحات. كما تأتي صفحات الأخبار ـ وهي عادة ما تحتل الصفحات الأربع الأولى ـ في مقدمة الصفحات الحاملة للدخيل، بنسبة (23%)، تليها في ذلك صفحات الإعلانات والاقتصادية بنسب متقاربة(11%، و10%)، ثم صفحات فنون وآراء ورياضة بنسب متقاربة (7 ـ 5%)، ثم الصفحات الباقية تحت الخمسة في المائة. والجدير ذكره أن معظم هذه الصفحات غير ثابتة في الصحيفة. ومن الملاحظ أن الصفحة الأولى والصفحة الأخيرة يحملان نسبا متقاربة (3.3%، 3.9%). وغلبة التكرار في صفحة الأخبار يعود إلى أن معظم المواد الموجودة في هذه الصفحات هي أخبار داخلية وخارجية، وغلبة تكرار الدخيل في الأخبار يعود أيضا بذلك على صفحاتها. كما تبين أن نسبة تكرار الألفاظ الدخيلة داخل النص ـ مضافا إليها الألفاظ الواردة في المقدمات الاستهلالية ـ تبلغ (93%) تقريبا، والألفاظ الواردة في العناوين يصل تكرارها إلى (7%) تقريبا، وهي نسبة عالية أن يصل تكرار الألفاظ الدخيلة في العناوين إلى (7%)، وخاصة أن (5%) منها هي في العناوين الرئيسة.
كما تصدر الخبر الأشكال الأخرى في عدد الألفاظ الدخيلة، يليه في ذلك المقال ثم الإعلان ثم التقرير، بنسب متقاربة، ثم العمود والحديث الصحفي بنسب متقاربة، ثم الاستطلاع والتحقيق والمتابعة بنسب متقاربة. ونلاحظ أن الأشكال هنا حافظت على ترتيبها تقريباـ من حيث تكرار الألفاظ الدخيلة، مع تأخر الحديث الصحفي عن العمود. وهذا مؤشر على أن الأشكال التحريرية ـ تأخذ نفس الترتيب ـ سواء من حيث عدد الألفاظ الدخيلة فيها، أم من حيث تكرارها. ويعلل كثرة الدخيل في الخبر والتقرير ـ بما ذكرناه سابقا، من اعتمادهما على الترجمة، وخاصة الخبر، فيعتمد كثيرا على الترجمة السريعة. أما غلبة الدخيل في المقال ـ فذلك يرجع إلى تنوع المقال، فمنه المقال السياسي والرياضي والاقتصادي والأدبي والعلمي...الخ، وعادة ما تمتلئ المقالات بمصطلحات الفن الذي يكتب فيه، وكثير منها مصطلحات متخصصة، كما أن المقالات العلمية لها دور كبير في رفع النسبة، فهي عادة ما تمتلئ بالمصطلحات العلمية الدخيلة. أما الإعلانات فيرجع شيوع الدخيل فيها إلى عدم تحري الترجمة من ناحية، ومن ناحية ثانية يرجع إلى أنها أحيانا تكون إعلانات عن مواد غذائية، فتكثر فيها المصطلحات الإعلانية.
كما تبين أن (74%) من الألفاظ الدخيلة في الخبر مما عربته المجامع، وأن (12%) مما ورد مترجما، وأن (14%) مما لم يرد فيها. وقريب من الخبر ـ التقريرُ؛ حيث إن نسبة الدخيل فيه مما عربته المجامع تصل إلى (74%). وقريب منهما أيضا الإعلان، حيث بلغت نسبة الموافقة لمعرب المجمع (75%). أما أكثر الأشكال موافقة لمعرب المجامع ـ فهو: الاستطلاع، حيث بلغت نسبة الموافقة (89%)، يليه التحقيق، بنسبة (81%). وأقل الأشكال موافقة ـ هي المتابعة(68%)، والمقال، بنسبة (69%)، والعمود، بنسبة (71%). ومن الغريب أن المقال يحتوي على (69%) فقط مما عربته المجامع، [وقريب منه العمود الصحفي (71%)]، وهي نسبة أعلى من الخبر، فالأصل في كاتب المقال أن يكون أكثر دراية لغوية من محرر الخبر، فلا يتساهل في تدخيل الألفاظ دون حاجة إليها، ولكن للأسف نجد أن الخبر ـ برغم من أن كتابته تقوم على السرعة، والترجمة الفورية، فإنه ـ أكثر تحريا من المقال، ومن الألفاظ الدخيلة في المقال التي ما كان ينبغي لها أن تدخل: نو (بمعنى: لا)، كوكتيل، بزنس.
ويلاحظ أن الألفاظ المنتمية إلى المجال العلمي تحتل المرتبة الأولى في كل الأشكال التحريرية ـ باستثناء الحديث الصحفي، حيث احتلت المرتبة الأولى فيه ألفاظ الأدب والإعلام والفن. وقد سبق أن أشرنا إلى علاقة المصطلحات العلمية ـ عموما، والمنتمية منها إلى المجال العلمي، خصوصا ـ بالسياسة وشؤون الحياة، ثم إن عدد الأخبار والمقالات والتقارير التي تتناول قضايا علمية ـ يأخذ حيزا لا بأس به من الصحيفة. كما نلاحظ أن الألفاظ الاجتماعية تزيد نسبتها في العمود الصحفي، وهذا مرده إلى أن الأعمدة كثيرا ما تهتم بقضايا اجتماعية. أما ألفاظ الأدب والفن والفلسفة فأعلى نسبة لها في المقال، والمقالات يغلب عليها الطابع الأدبي. وألفاظ التقنية والتعليم يغلب مجيؤها في الإعلانات، وكثير منها أسماء مخترعات، ومن الطبيعي أن يكون ورودها أكثر في الإعلانات، التي يكثر الإعلان فيها عن التلفزيون والدجتل، والتراكتور، والبلدوزر، والجريدر، والسكريبرات، والموبايل، والكمبيوتر، والتلفاكس، والمودم. وألفاظ التعليم: كالدبلوم، والماجستير، والبكالوريوس، والأكاديمية ...
والألفاظ الدخيلة من اللغة الإنجليزية تحتل المرتبة الأولى في كافة الأشكال التحريرية، ثم الفرنسية ثم الفارسية.
هذا، وقد ألحقت بالرسالة مجموعة من الملاحق المهمة، بعضها معاجم دلالية للألفاظ الدخيلة، وبعضها معاجم تأثيلية لبعض الألفاظ الدخيلة، وبعض الأعلام الدخيلة.

ليست هناك تعليقات: