2015/08/30

ذكريات ومفردات

ذكريات ومفردات!

ماجد بن مطر الجعيد
ماجد بن مطر الجعيد
    خواطر تداعب حاضرنا بذكريات محفورة في عمق الذاكرة ومفردات بالكاد تُنطق لندرة تداولها!
رغم شظف العيش والضيق في المسكن إلا أن بساطة الماضي تجعل القلوب تتسع للكون كله، الرضا والقناعة هي الغنى، لا ملهيات على إثرها تولد النكبات، فقط طاعة وإيمان وقضاء حاجات الأحبة والجيران، قيم ومعاني جميلة تربينا عليها ومع حداثة العصر تبقى قديمة لكنها في نفوسنا جليلة، عادات وتقاليد دوّنها الأجداد من طبائع البداوة الأصيلة فكانت الشهامة والشجاعة لها عنوان، نعم أحن لتلك الأيام التي لم تختلط بالتقنية التي قربت البعيد وأبعدت القريب!
صحيح أنها أيام قاسية حد الاحتياج وحياة لم تخلُ من الفقر والعسر ولولا عوز المعيشة لما تماسك المجتمع آنذاك، لكننا نفتقد بساطتها وروح التعاون والجماعة والوصل الذي انقطع الآن ومع مرور الوقت ازداد البغض واحتدم الصدام حتى بين أفراد العائلة الواحدة، لا ننكر فضل الحاضر والنعم المتوفرة معه لكن الرخاء جلب لنا الكسل والاتكالية، ويا لتلك المفردات التي وقفت صامدة لم تندثر كما أن لها وقعا خاص عندي وعند من يتذكرها، فما ننادي به أن اللهجات ومفرداتها ومعانيها لابد أن تُوثق لأنها حفظ للموروث الفكري والشعبي. قد لا أستطيع كباحث هاوي توثيق كل اللهجات الدارجة المحلية السعودية لاختلافها من منطقة لأخرى لكني سأحاول الحصر في هذه المقالة على قدر المستطاع مما هو حولي، فالبيئة التي نسكنها تتنوع بالمفردات الغنية التي بدأت تندثر بفعل تأثر الشعب بلغات عالمية عوضا عن اللهجات المحلية، فالمعلوم أن اللهجات المحلية وأقصد هنا "العامية" التي هي بمثابة وعاء فكري يهتم بالأدب الشعبي من أمثال و أشعار وغيرها من الألوان الشعبية الأخرى في حالة خمود مؤقت، ينبغي علينا إيقادها حتى لاتصبح في مركز يتسم بالجمود التام. هذه المفردات العامية لم تأتي من فراغ وإنما خرجت من بين ظهراني لغتنا العربية الفصحى إذ الغالبية بنسبة كبيرة تعود إليها والأمثلة سندرجها فيما بعد!
حين تجمعك الحياة بزملاء عمل أو غيرهم ستلحظ عليهم بعد مدة الحديث بلهجتهم الدارجة فتجد بعض مفرداتها تتوافق مع لهجتك الدارجة أيضا إذ تجمعكم حدود واحدة، ومن هذا المنطلق نستعرض بعضاً مما حصرته مبينا معناه بالفصحى:
مصتغيه: أي مائلة.
منكفي: مُنسكب.
أنت توحي: هل تفهم!
المعاميل: أدوات تحضير القهوة والشاي.
الزهاب: ما يتزود به المسافر من مأكل ومشرب.
افهق: تراجع وهي كلمة فصيحة.
التبسي: طبق أو إناء يوضع به الأكل.
مصقّر: مهذب أو منظم.
اقشر: الرجل المشاكس الكثير المشاكل وفي معجم لسان العرب هو:
الأَقْشَرُ: الذي يَنْقَشِرُ أَنفه من شدة الحر، وقيل: هو الشديد الحمرة كأَنَّ بَشَرته مُتَقَشِّرَة،
وبه سمي الأُقَيْشِرُ أَحد شعراء العرب كان يقال له ذلك فيغضب؛ وقد قَشِرَ قَشَراً.
جغمة: حفنة من ماء وماشابه ذلك.
صامل: مِقدام.
حنشل: لصوص وقطاع طرق.
الغبشة: أول طلوع الفجر وهذا حسب المعجم وهي كلمة فصيحة.
العشيّة: الوقت من زوال الشَّمس إلى المغرب وهي أيضا فصيحة.
القابلة: الليلة القادمة.
القايلة: وقت الظهيرة وهي في الأصل كلمة فصيحة اِستُبدلت فيها الهمزة على نبرة بياء.
عيّنت: أي شاهدت وليست بمعنى خصصت.
فلان بات خامر: أي غلبه النوم وهو جائع لم يتناول وجبة العشاء.
فانَ: بفتح النون بمعنى ظهر وليس فانٍ من الزوال والفناء.
بنادر: جمع بندر وتعني المدينة وهي كلمة فصيحة تطلق على بلد كبير يتبعه بعض القرى.
جناب: وتعني الأرض المستوية.
وهناك الكثير من المفردات التي غابت عني أو قد تكون تلاشت واندثرت، وبعضها لا يليق بهذا المقام ذكرها.
خاتمة:
الحنين للذكريات المتربعة في عمق الذاكرة ليس فقط للزمن والمكان أيضا للشخوص التي لا ترسم طيبها الكلمات ولا تصور عفويتها المشاهد.
وعذرا لكم إن عاد صرير الباب الخشبي من جديد مع هذا الموضوع وثار معه غبار الحجرة المهجورة!

ليست هناك تعليقات: