2016/03/22

دراسة تستخدم «تويتر» للكشف عن انتشار اللهجات عالمياً

موقع التدوين المصغر يُسهل دراسة اللغات واللهجات بشكل لم يُتح سابقاً لعلماء اللغات

دراسة تستخدم «تويتر» للكشف عن انتشار اللهجات عالمياً

التاريخ::
المصدر: دبي ـــ الإمارات اليوم
  •  الشبكات الاجتماعية توفر مجالاً أوسع لدراسة المجتمعات والاتجاهات المعاصرة وطرق التعبير عن الأفكار. الإمارات اليوم

  1. 1
يشكل تنوع اللغات معجزة فريدة باختلاف الأصوات والحروف والتعبيرات، وحتى داخل اللغة الواحدة تتنوع اللهجات التي تستخدم كلاً منها فئة اجتماعية بعينها، ولا يفسر تعدد اللهجات جانباً من الاختلافات بين المناطق وجماعات البشر فحسب، بل يكشف أيضاً عن الطبقات الاجتماعية المختلفة، وأنماط الهجرة في المراحل التاريخية المتعاقبة، وكذلك تأثير الجماعات البشرية في بعضها بعضاً.
وتهتم علوم اللغة بدراسة اللهجات، على الرغم من أن بحثها ليس بالأمر اليسير، ويعتمد الأسلوب التقليدي في الدراسة على عقد مقابلات مباشرة مع عدد من الأشخاص من متحدثي لهجة معينة للإجابة عن أسئلة الباحثين، وعادةً لا يزيد عددهم على بضع مئات. ويلي ذلك استخدام الباحثين للنتائج لرسم ما يشبه الأطلس المتخصص باللغات، يُظهر أماكن انتشار اللهجات، لكن تظل هذه الطريقة محدودة إلى حد كبير بالأماكن المختارة والأشخاص الذين خضعوا للدراسة.
وحالياً توفر الشبكات الاجتماعية مجالاً أوسع لدراسة المجتمعات والاتجاهات المعاصرة وطرق التعبير عن الأفكار، وتالياً فليس غريباً البحث في إمكانية الاستفادة من موقع مثل «تويتر» لدراسة انتشار اللهجات، وبدلاً من عقد مقابلات محدودة، يتيح موقع التدوين المصغر دراسة أحاديث ملايين الأشخاص من مختلف أنحاء العالم، ولذلك اتجه الباحثان برونو جونسالفيس من جامعة «تولون» الفرنسية، وديفيد سانشيز من معهد الفيزياء المتخصصة والنظم المعقدة في جزيرة «مايوركا» الإسبانية، لاستخدام موقع «تويتر» في دراسة اللهجات على مستوى عالمي اعتماداً على التغريدات المنشورة.
وانتهت دراستهم إلى نتائج مفاجئة عن توزيع لهجات اللغة الإسبانية على مستوى العالم، كما ألمحت إلى كيفية تطور اللهجات المحلية بسبب أحداث تاريخية تعود لقرون عدة مضت. وبدأ الباحثان بجمع عينات من جميع التغريدات المكتوبة باللغة الإسبانية على مدى عامين، شرط أن تتضمن معلومات الموقع الجغرافي للمستخدم، ووفر ذلك قاعدة بيانات تتألف من 50 مليون تغريدة ترد من مواقع جغرافية محددة، ويعود معظمها إلى إسبانيا وأميركا الإسبانية (أي البلدان الناطقة بالإسبانية في الأميركتين)، والولايات المتحدة.
وكانت المرحلة التالية البحث في التغريدات عن الكلمات المختلفة التي تُعبر عن لهجة معينة، مثل الكلمات المتعددة التي تُستخدم للإشارة إلى السيارة في اللغة الإسبانية، ويشيع استخدام كل واحدة منها في لهجة مختلفة، منها auto ،carro ،movi ،concho. وأيضاً الكلمات التي تشير إلى الكمبيوتر، منها: PC computador microcomputador ،ordenador.
ثم حدد الباحثان الأماكن التي استخدمت فيها هذه الكلمات لرسم خريطة توزيعها، ما أوضح مدى انتشار استخدام كلمات مختلفة في أجزاء معينة من العالم. كما تطرقت الدراسة للبحث في البيئات التي استخدمت فيها هذه الكلمات، لمعرفة ما إذا كانت تتضمن مدناً كبيرة أم مناطق نائية.
وكشف البحث عن نتائج غير متوقعة، فتبين انقسام اللغة الإسبانية إلى مجموعتين رئيستين ضمن ما أسماه الباحثان Superdialects أو «اللهجات الكبرى». وتُستخدم الأولى منهما بشكل كامل تقريباً في المدن الرئيسة في إسبانيا وأميركا، ويمثل هذا اللون من اللغة الإسبانية شكلاً متشابهاً عبر القارات، وعزت الدراسة وجودها إلى زيادة تجانس اللغة بفضل أنظمة الاتصال العالمية مثل «تويتر».
وفي ما يتعلق باللهجة الرئيسة الثانية، فإنها تستخدم بشكل شبه حصري في المناطق الريفية. واستعان الباحثان بخوارزميات التعلم الآلي للتوصل إلى التجمعات الفرعية التي تنضوي تحت هذه المجموعة، وكشف البحث عن ثلاثة تجمعات مختلفة: أولها في إسبانيا، والثاني في منطقة البحر الكاريبي، بينما يوجد التجمع الثالث في أميركا الجنوبية.
وأشار الباحثان إلى أن هذه المناطق تعكس أنماط استيطان المهاجرين الإسبان قبل قرون مضت، فبدأ الغزاة والمستوطنون باحتلال أراضي المكسيك وبيرو ومنطقة البحر الكاريبي أولاً، وبعدها بفترة طويلة أنشأ المستعمرون أماكن للإقامة الدائمة في أميركا الجنوبية، وبقيت بعيدة عن المعايير اللغوية المرموقة.
ولفتت الدراسة إلى أهمية العلاقة بين أنماط اللغة والتاريخ؛ فقد حفظت هذه الأنماط تاريخاً يعود إلى مئات السنوات، وبحسب ما ذكرت: «يستحق هذا التراث الثقافي القوي، الذي لايزال من الممكن ملاحظته بعد قرون عدة في مجموعة البيانات، أن يتم تحليله لاحقاً في أعمال مستقبلية».
وتشير الدراسة إلى مدى انتشار اللهجات على مستوى عالمي وتوزعها على مساحات جغرافية واسعة، كما تكشف عن الإمكانات الكبيرة لعلم اللغة الحاسوبية، أو اللسانيات الحاسوبية وتطبيقاتها في الأشكال الحديثة للاتصال مثل «تويتر»، وما يُسفر عنه من الكشف عن أنماط واسعة الانتشار دولياً.
ومع ذلك، حذر الباحثان من أن بعض اللغات يصعب دراستها بهذه الطريقة مثل «الماندرين» في الصين، نظراً لصعوبة وصول المستخدمين في الصين لموقع «تويتر»، إلا أنه يُتوقع تجربة مزيد من تقنيات اللسانيات الحاسوبية في المستقبل القريب.




































ليست هناك تعليقات: