2016/03/05

بين اللغة العربية ولغات الهند وحضارتها ـ مقارنة لفظية ـ

بقلم محمد رشيد ناصر ذوق 


((امنت اوروبا ايمانا اغتبطت له، بان الهند قد كانت مباءة وحشية حين هاجر اليها (الآريون) ابناء عم الاوروبيين الذين هاجروا من شطئآن بحر قزوين ليحملوا معهم الفنون والعلوم الى شبه جزيرة وحشية يكتنفها ظلام الليل، لكن الابحاث الحديثة قد افسدت هذه الصورة الممتعة ...... اذ اعلن (سير جون مارشال) ان اعوانه من الهنود قد اكتشفوا عند (موهنجو - دارو) على الضفة الغربية من السند الادنى اثارا من مدنية ....... تنهض الدلائل على ان (موهنجو دارو) كانت تتصل مع سومر وبابل بصلات تجارية ودينية وفنية، وانها ظلت قائمة اكثرمن من ثلاثة الاف عام حتى كان القرن الثالث الميلادي*)) (1)

ان اهمية هذا الا كتشاف هو انه يمكننا من اعادة تاريخ الهند الى 5000 سنة مضت بخلاف ما اعتقده الاوروبيون دائما، فلقد تبين انه لم يكن للهند لغة مكتوبة في ذلك الوقت بل لهجات محكية عديدة.
اما اللغة السنسكريتية المشهورة (في الهند) فانها تعتبر اقدم المجموعات الهند-اوروبية التي تنتمي اليها معظم لغات اوروبة (كما يعتقد الكثيرون) مثل (اللغة اليونانية والاتينية والانكليزية وغيرها)، هذه اللغة السنسيكريتية المقدسة هي اللغة التي كتبت بها اسفار (الفيدا) التي سنشرحها:
لا يوجد اشارة الى مؤلفي (الفيدا) لكن اللغة التي كتبت بها تعود الى طائفة من (الدرافديين) الاتين الى الهند بكتابة قريبة الشبه باللغة الفينيقية في القرن التاسع والثامن قبل الميلاد، والتي اطلق عليها فيما بعد اسم الكتابة البراهمية ومنها اشتقت كل الحروف في الهند (2)-
ان هذه المقدمة الصغيرة ادخلتنا في سطور الى تاريخ الهند ومن هنا نبدا بشرح عقائدها وعلاقتها باللغة العربية الام.
ان المقارنة اللغوية اللفظية بين اللغتين تجعلنا ندرك عمق الجذور للغة ادم في كل لغات الارض، خاصة اذا تعمقنا بنظرتنا الى هذه اللغة واسقطنا من حسابنا المقارنات (بواسطة الحروف) واعتمدنا المقارنة اللفظية كانت العلاقة بين اللغات صحيحة.
مثلا فكلمة GOOD ،GUT
كلمة واحدة مشتركة بين الالمانية والانكليزية والكل يعرف انهما من مصدر واحد رغم اختلاف الحروف ولكننا إذا اجرينا المقارنة اللفظية بين هاتين الكلمتين وبين كلمة (جيد من مصدر الجودة) تبين لنا انها تشترك ايضا مع اللغة العربية باللفظ رغم اختلاف الحروف و شكلها فيصح ان نقول ان هذه الكلمات الثلاث من مصدر واحد ايضا، كما ان هذا يدلنا على أن هناك في عمق التاريخ، حدث ان تفرعت اللغات من لغة واحدة اولى، وهذا يجعل الفوارق بين اللغات السامية والهندية- الاوروبية يزول. لذلك فعلم اللغات (اللفظية) المقارن هو مفتاح علم اللغات.
ان كلمة ( موهنجو - دارو) التي تم فيها اكتشاف اصول ومصدر المدنية الهندية تقسم الى ثلاث مقاطع لفظية هي -( موه - نجو - دارو) او الى ثلاث كلمات عربية هي (موه= ماء) - (نجو = ناس) - (دارو = دار) فتكون بذلك (دار ناس البحر).
فالسكان الذين كانوا فيها هم (الناجا) التي يمكن قراءتها (ناسا - ناشا) ومعناها الناس و(الناجا) هم اقدم سكان الهند ((تشمل اثار الهند ختم عجيب يتالف من راسين من رؤوس الثعابين، وهم (اي الناجا) الذين كانوا يعبدون الثعبان والذين وجدهم الاريون الغزاة قابضين على المناطق الشمالية والذين لاتزال سلالتهم ممتلكة على قيد الحياة في التلال البعيدة ))(3).
اما في الجنوب فقد سكن سكان سود البشرة فطس الانوف، كانوا اصحاب مدنية عندما غزاهم الاريون، كما كانت تجارتهم تشق البحار وانهم بلغوا سومر وبابل - كما ان الاريون استمدوا منهم نظام ملكية الارض والضرائب.
كان يطلق على رئيس القبيلة اسم (راج ) وه وما معناه ( راس - قارن ذلك مع راسا) وهذه الكلمة لها لفظات مشابهة في كل اللغات السامية.
ان ديانة الـ( فيدا) والتي معناها (معرفة - او فايدة) تعد من اقدم الديانات التي عرفتها الهند - تلك الديانة التي وجد الاريون (الناجا) ( الناس) يعتنقونها. وكلمة (فيدا) يمكن ارجاعها الى كلمة (فائدة - فايدة) العربية التي تفيد اللفظ والمعنى حيث تعطي المعنى الحقيقي لاديان (الفيدا) كما سنرى.
ان عبادة الفيدا هي عبادة روحية طوطمية لارواح تسكن الصخور والحيوان والمياه والشجر (والثعبان هو من المقدسات لدى معتنقيهما) وهنا نلفت النظر الى رمز الثعبان – الحية الذي يعني الحياة ايضا، هذا الرمز الذي وصل الينا في العديد من التشكيلات الرمزية لنراه في شعار الصيدلة والطب ليدل على الحياة، كما نراه في العصا التي يحملها المطارنة في الديانة المسيحية للدلالة على الحياة بعد الموت ايضا.
ونظرا لان في الحياة ارواح شريرة وارواح طيبة، كما يعتقد الهنود، فقد نشات مجموعة من التعاويذ والرقي من الارواح الشريرة سميت بـ(فيدا اتا رافا) ومعناها سفر الالمام بالسحر، ولفظها بالعربية (فايدة العرافة).

اسفار الفيدا:

لقد حاول بعض العلماء قياس كلمة ( فيدا) على الفاظ بعض الكلمات الاوروبية الحديثة فقيل انها تشبه الاتي: (اويدا) باليونانية - (فيديو) بالاتينية - (ويز) بالالمانية - وغيرها مما لا نرى اي منها اقرب الى المعنى من كلمة (فايدة) العربية التي وحدها تفيد كل المعنى واليكم البيان.
تتالف الفيدا من عدة اسفار فقدت ولم يبق منها الا اربعة هي:
ا- سفر رج: ومعناه معرفة ترانيم الثناء - او بالعربية سفر الرجاء (بلفظ مطابق)
ب- سفر سما: ومعناه معرفة الانغام -او بالعربية سفر سمع (بلفظ مطابف أيضا)
ج- سفر ياجور: ومعناه معرفة الصيغ الخاصة للقرابين - او بالعربية سفر (يأجر) من (اجر - جمعها اجور)
د- سفر اتارافا: ومعناه معرفة التعاويذ والرقى السحرية - وبالعربية سفر العرافة.

تقسم الفيدات الى اربعة اقسام:

1- منترا: ومعناه الترانيم ..... لاحظ الشبه بينها
2- براهمانا: ومعناه قواعد الطقوس والدعاء لهداية الكهان في مهمتهم - وبالعربية (التراحم والرحمة).
3- ارانيكا: ومعناه نصوص الغابة وهو خاص بالقديسين والرهبان والنساك -او بالعربية (يرنقة) وهو التنسك الذي تقوم به الدود لتتحول الى فراشات.
4- يوبا نشاد: ومعناه المحاورات السرية - او بالعربية (النشيد والانشاد).
اضاف الهنود الى الفيدات شروحات اسموها (سترة) ومعناها (خيوط ....او نسيج او لباس) ويمكن قراءتها (سطرة) بمعنى كتابة.
تحتوي اسفار (يوبا نشاد) على قصة سبب وجود الناس فتقول ان (بوروشا) ومعناه الروح الاعلى هو سبب الوجود. لاحظ شبهها بكلمة (روخ - روح) – ابو الروح.

يتالف المذهب السري للهند من ثلاث خطوات:

الخطوة الاولى: وهو (اتمان) ومعناه نفس النفوس كلها والوجود العميق الصامت - وهذه الكلمة من مصدر (عتم) العربية.
الخطوة الثانية: وهو (براهمان) وهو جوهر العالم الواحد الشامل الذي لا هو بذكر ولا هو بانثى، غير مشخص بصفاته، المحتوي لكل شيء - وهذه الكلمة من مصدر (رحمة) العربية.
الخطوة الثالثة واهمها ( اتمان - براهمان).
نجد في اسفار ( يوبا نشاد) ايضا عقيدة التناسخ وشروحات خاصة للـ(يوجا) - وهذه الكلمة معناها ترويض النفس على نزع الشهوات بالتزهد عن كل شهوة. عند ذلك لا يعود الانسان الى التناسخ بل يدخل في الفناء النهائي والنهاية. اما كلمة يوجا فهي من مصدر (جاء - يجْىء) العربية والتي معناه - طريق او طريقة او مذهب، فنقول طرق طريقا وطريقة وذهب مذهبا وعلى اساس ذلك نقول (جاء مجيئا).
ومن قصة مولد بوذا (التي فيها شبه كبير لقصة ميلاد يسوع - المسيح) - راجع قصة الحضارة ص-64 - نرى ان اسم الملكة (مايا) يمكن مقارنته مع (مار-يم)، كما ان (بوذي ساتو) معناها بوذا نفسه - تقارن بالعربية - بوذا ذاته.
تذكر القصة ايضا غابة (الملح) ولا نستطيع ان ندرك هذه الغابة الا بعد محاولة حرف ( ميم - بالباء) مثل (بكة) فتصبح غابة (بلح).
لقد تحدث بوذا المتنور عن الـ(نرفانا) التي معناها بالسنسكريتية (منطفيء - كما ينطفيء المصباح) او ما يقصد به بالسكينة العليا التي لا عودة بعدها الى حياة جديدة على الارض (للتعذب) - وبالعربية يمكننا قراءتها ( نور - فناء) (نر - فنا) - اللفظ المطابق تماما لما قصده بوذا بـ(النرفانا).
تسمى تعاليم بوذا (البتاكات) ومعناه -سلاسل القانون الذي وافق عليها مجمع الهند الذي عقد سنة 241 ق. م. وقال عنها انها تعاليم بوذا الصحيحة التي لم يدخل عليها تحريف - بالعربية فان كلمة ( بطاقات ) توافق اللفظ والمعنى.
من مذا هب الهند ايضا ( كما - سوترا) - او بالعربية ( جماع - سطرا) وهوما يسمى بادب الزواج، ويحتوي الـ(كما سوترا ) على طرق الزواج عند الهنود وانواعه.
كان يسمى الملك ( رايا) ويمكننا قراءتها باللغة العربية ( راعي ) وهو ما يطابق معنى ولفظ كلمة (رايا).
اشتهر في الهند ايضا نهر يسمى بـ(الغانج - او الكانج) وهذا النهر هو بالنسبة للهنود ( نهر الخلاص ) حيث يتطهر الهنود للنجاة من الامراض والذنوب - اما لفظه العربي فهو - (كا - نج) او لاجل النجاة.
لقد ظهرت في الهند بعد العقيدة البوذية عقائد جديدة، احداها عقيدة البساطة والصفاء والهناء يسميها الهنود (ها نا يا نا) وهذه الكلمة من مصدر (هين - او هناء) العربي، ثم ظهر من بعدها عقيدة مضادة لها يسميها الهنود (ماهانايانا)، وعقيدة اساسها التشاؤم والتزمت عرفت باسم (شاكيا- موني) وهي من مصدر ( شقاء- شقي)، كما نشا بين البراهمة نوع من الانتحار يسمى (هارا - كيري) وهذه الكلمة كما يقال هي من اصل ياباني ومعناها الانتحار تخلصا من العار، واعادتها الى اللغة العربية رغم كونها كما يقال ( يابانية) يجعلنا نؤكد ان اللغة اليابانية ايضا وغيرها هي من مصدر عربي، فهي (عارا- كيري) او كما يقال بلهجة عربية (كري – اختصارا لكلمتي كرما- لِ) بمعنى (من اجل) - فيكون لفظها العربي (عارا -كري) مطابقا للفظها ( هارا-كيري) ومطابقا للمعنى ايضا.
كان للهند ايضا ادبا خاصا بالعقيدة اسماه الهنود ( بيورانا ) ومعناها القصص القديمة -ونلاحظ الشبه بينها وبين كلمة ( يروى - رواية) وهو ما معناه القصة الطويلة بالعربية - تتالف البيورانا من شعر طويل يصل الى اربعماية الف بيت من الشعر - يسميها الهنود ( دو - بيت) ومعناها بيتان من الشعر، ونلاحظ ان كلمة (دو) هي كلمة (زوج) نفسها بلهجة القطع، وان كلمة ( بيت ) مطابقة للغة العربية.
تقسم كتب الـ(بيورانا) العالم الى دورات -ومراحل تسمى كل منها (كالبا) او بالعربية (قالبا) تقسم الى عصور كبرى كل عصر طولة اربعة ملايين عام يسمى (ماها-يوجا) تقسم هذه بدورها الى اربع (يوجات) او حقبات -او طرق، واننا اليوم نعيش في (يوجا -كالي) وهو ما يعتبره الهنود عصر الشقاء - وبالعربية (قلة - او قالي من قلى).
نذكر ايضا كتب النصوص التي يسميها الهنود (تا- نترا) ليميزونها عن الشعر - والشبه باللفظ بين (نترا) وبين كلمة (نثر) العربية يوافق المعنى.
يستوقفنا ايضا في حضارة الهند اسم الاله (شيفا) الذي حير العلماء، فمعنى الكلمة الحرفي عند الهنود (عطوف) مع انه اله القسوة والقتل والتدمير، اما علاقة ذلك باللغة العربية فهو ان (شيفا) العطوف من مصدر ( شفاء) العربية، وان (شيفا) اله القسوة فهو من مصدر (سيف) العربية- ونرى ان كلا المعنيين يدلنا على عمق العلاقة بين (الهند-ولغة العرب).
وهناك مفردات كثيرة في لغة (الهند) لم يحاول اي من الناس اعادتها الى اللغة العربية، لكنني وجدت صلتها بالعربية مذهلة الى الحد الكافي لاقناع كل الناس بان العربية (الارامية – الاربية بالابدال اللفظي الجائز بين حرفي باء و ميم) هي ام اللغات، هذه الكلمات هي (سوريا) ومعناها الشمس - من مصدر ثريا - وكلمة (سوما) التي معناها الدواء - من مصدر (سم) - وكلمة (اجني) ومعناها النار - من مصدر (اج).
هكذا تكون احدى اهم فروع الثقافة العالمية ولغاتها، من مصدرواحد ومن لغة واحدة، هي اللغة العربية الام - لغة ادم.
مقطع من كتاب لغة آدم – عطاء أبدي لبني آدم – منشورات جروس برس- طرابلس لبنان.
3

ملاحظة

(1)(2)(3) - كتاب قصة الحضارة – و. ديوارنت –حضارة الهند
 
 

ليست هناك تعليقات: