سلكت الجغرافية اللغوية –التي تعد من أحدث وسائل البحث اللغوي في الدرس
اللساني- منهجاً علمياً في دراسة اللغة إذ يعنى بالواقع اللغوي و يسجله تسجيلاً أميناً
دون النظر في الأسباب و الدواعي التي قادت إليه، فضلاً عن ذلك أنه لا يعنى بأصول الظاهرة
اللغوية([7]) وهذا ما تمثل في عمل الأطالس اللغوية التي تعد من حيث الإعداد الأسبق
((في الوجودِ مِنْ مُعظمِ الإنجازاتِ الوصفيةِ الحديثةِ وهو يعتمدُ – إلى حدٍّ كبيرٍ-
على مفرداتِ اللغةِ التي تُعدُّ في نظرِ الوصفيين
في الدرجةِ الثانيةِ من الأهميةِ))([8]) ، لأنَّ الاهتمامَ الأولَ مِنْ وجهةِ نظرٍ
وصفيةٍ ينصبُّ على الأصواتِ وعلى الصيغِ النحويةِ للغةِ المُتَكَلَّمِ([9]) أمَّا المُفرداتُ
فهو+ يهتمُّ بها من جانبِها الوظيفيِّ لا من جانبِها الاشتقاقيِّ التاريخي أو الدلاليِّ([10])
((ولكنّه مع ذلك اتّبعَ منهجاً يمكنُ أنْ يوصفَ على الأقلِّ بأنَّه وصفيٌ، و بأنَّهُ
خيرُ مثلٍ للعملِ اللغويِّ تحتَ ظروفِ البيئة المعينةِ))([11]). ومن خلالِ اهتمامِ
علماءِ اللغةِ بالأطلسِ اللغويِّ مِنْ حيثُ الإعداد و التكنيك العلمي الذي ينتقلُ بهم
إلى حقلِ التجربةِ اللغويةِ جعلَ مِنْ عملِهِم هذا أقربَ إلى المجالِ الوصفيِّ للغةِ([12]).
إنَّ الأطالسَ اللغوية مثالٌ مِن أمثلةِ تطبيقِ المنهجِ الوصفي -الذي يقومُ
على أساسِ وصفِ اللغةِ أو اللهجةِ في مُستوياتِها المُختلفةِ أي في نواحي أصواتِها
و مقاطعِها و أبنيتِها و دلالاتِها و تراكيبِها و ألفاظِها وهو في كلِّ ذلك لا يتخطّى
مرحلةَ الوصفِ- على اللغاتِ و اللهجاتِ، فهي لا تعرضُ علينا سوى الواقعِ اللغويِّ مصنَّفاً،
دون تدخلٍ من الباحثِ بتفسيرِ ظاهرةٍ أو تعليلٍ لاتجاهٍ لغويٍّ هنا أو هناك([13]).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق