2015/02/12

المنهــج العلمــي لعمــل الأطالس اللغوية

سلكت الجغرافية اللغوية –التي تعد من أحدث وسائل البحث اللغوي في الدرس اللساني- منهجاً علمياً في دراسة اللغة إذ يعنى بالواقع اللغوي و يسجله تسجيلاً أميناً دون النظر في الأسباب و الدواعي التي قادت إليه، فضلاً عن ذلك أنه لا يعنى بأصول الظاهرة اللغوية([7]) وهذا ما تمثل في عمل الأطالس اللغوية التي تعد من حيث الإعداد الأسبق ((في الوجودِ مِنْ مُعظمِ الإنجازاتِ الوصفيةِ الحديثةِ وهو يعتمدُ – إلى حدٍّ كبيرٍ- على مفرداتِ  اللغةِ التي تُعدُّ في نظرِ الوصفيين في الدرجةِ الثانيةِ من الأهميةِ))([8]) ، لأنَّ الاهتمامَ الأولَ مِنْ وجهةِ نظرٍ وصفيةٍ ينصبُّ على الأصواتِ وعلى الصيغِ النحويةِ للغةِ المُتَكَلَّمِ([9]) أمَّا المُفرداتُ فهو+ يهتمُّ بها من جانبِها الوظيفيِّ لا من جانبِها الاشتقاقيِّ التاريخي أو الدلاليِّ([10]) ((ولكنّه مع ذلك اتّبعَ منهجاً يمكنُ أنْ يوصفَ على الأقلِّ بأنَّه وصفيٌ، و بأنَّهُ خيرُ مثلٍ للعملِ اللغويِّ تحتَ ظروفِ البيئة المعينةِ))([11]). ومن خلالِ اهتمامِ علماءِ اللغةِ بالأطلسِ اللغويِّ مِنْ حيثُ الإعداد و التكنيك العلمي الذي ينتقلُ بهم إلى حقلِ التجربةِ اللغويةِ جعلَ مِنْ عملِهِم هذا أقربَ إلى المجالِ الوصفيِّ للغةِ([12]).


إنَّ الأطالسَ اللغوية مثالٌ مِن أمثلةِ تطبيقِ المنهجِ الوصفي -الذي يقومُ على أساسِ وصفِ اللغةِ أو اللهجةِ في مُستوياتِها المُختلفةِ أي في نواحي أصواتِها و مقاطعِها و أبنيتِها و دلالاتِها و تراكيبِها و ألفاظِها وهو في كلِّ ذلك لا يتخطّى مرحلةَ الوصفِ- على اللغاتِ و اللهجاتِ، فهي لا تعرضُ علينا سوى الواقعِ اللغويِّ مصنَّفاً، دون تدخلٍ من الباحثِ بتفسيرِ ظاهرةٍ أو تعليلٍ لاتجاهٍ لغويٍّ هنا أو هناك([13]).

ليست هناك تعليقات: