مداخلات لغوية
أبو أوس إبراهيم الشمسان |
والأمر على طرافته يحوك في النفس لأمور: الأول أنّ كثيرًا من كتب العربية لمّا تحقق بعدُ، فلعل هذه البيوت واردة فيها، والأمر الثاني استبعاد غفلة النحويين الخالفين ابن مالك عن الفرق بين التمثيل والاستشهاد، والأمر الثالث أنا نجد الشواهد في كتب القدماء لا ينص على أنها شواهد بل تساق مساق بيوت ابن مالك هذه، ومن تلك البيوت مجاهيل لا يعلم لها قائل، والأمر الرابع أن عبارة ابن مالك أقرب إلى الإشعار بالاستشهاد بالبيت لا التمثيل، كما في قوله في (ص28) من شواهد التوضيح والتصحيح «أما مخالفة السماع فمن قِبَل أن الاتصال ثابت في أفصح الكلام المنثور. كقول النبيّ صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه (إنْ يكُنْهُ فلن تسلَّطَ عليه، وإن لم يكنه فلا خير لك في قتله). وكقول بعض العرب: عليه رجلا ليسي. وفي أفصح الكلام المنظوم كقول الشاعر:
لجارِيَ من كانه عزّةٌ
يُخالُ ابنَ عمٍّ بها أَوْ أَجلّ
والأمر الخامس أنه يلي هذا البيت بيت آخر صُدّر بعبارة ابن مالك «ومثله» وهذا البيت من شواهد سيبويه وما نصّ ابن مالك على أنه شاهد وما نسبه لقائله، وهو أبو الأسود الدؤليّ، ومعنى ذلك أن عبارات ابن مالك ليست قاطعة في دلالتها على التمثيل لا الاستشهاد. ووصفه البيت المذكور بأنه من أفصح الكلام المنظوم يشعر بالاستشهاد لا التمثيل مع تقديمه على شاهد سيبويه وتسويته به بقوله (ومثله).والأمر السادس أن الكتاب موسوم بأنه (شواهد) وقد نص على هذه التسمية في أول الكتاب، قال «هذا كتاب سمّيته شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصحيح»، فالمتوقع أن يكون محتواه كذلك. ومن أجل ذلك لا أرى النحويين مخطئين في ثقتهم بابن مالك ورواية ما أورده في معرض الاستشهاد.
- الرياض (1) نظرة في شواهد ابن مالك: كتاب شواهد التوضيح والتصحيح نموذجًا، مجلة الدراسات اللغوية، مج14، ع2، ربيع الآخر-جمادى الآخرة، 1433ه، مارس-مايو 2012م. ص ص 41-63
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق