مساقات
(( ممّا حفظته اللهجة وضيعته
المعاجم! ))
د. عبد الله الفَيْفي.
نواصل هذه الأنابيش اللهجية المقارنة في لهجة جبال فَيْفاء:
(ح ث ل) حَثَل الشيء: جاء أوطأ من مستواه. يُقال مثلاً (حَثَل الثوبُ)،
أي: كان أطول عن مقاسه المطلوب.
وامحَثْلَة/ الحَثْلَة (بفتح الحاء): الحُثالة من شراب.
وامْحِثْلَة/ الحِثْلَة (بكسر الحاء): أسفل الحُضْن. والكلمة مستعملة
كذلك في لهجات أخرى في جازان. (ينظر مثلاً: الحكمي، علي بن عباس، (بداية مشوار): مقابلة
شخصية، (مجلة (اليمامة)، ع1863، السبت 25 جمادى الأولى 1426هـ = 2 يولية 2005م، ص
37).
وواضح أن كلمة (حَثَل) بمعناها الحسيّ لنزول الشيء عن مستواه وتسفّله،
كقولهم: (حَثَلَ الثوب) استعمال قديم لم يسجّل في الفصحَى حسب معاجمها وإن سجّلت المعاجم
متعلّقات هذا الاشتقاق، كأن يرد في (ابن عباد، الصاحب، المحيط في اللغة، (حثل)): (الحَثْلُ:
سُوْءُ الرّضاعِ، تقول: أحْثَلَتْه أُمُّه؛ وأحْثَلَه الدَّهْرُ. وحُثَالَةُ النّاسِ:
رُذَالَتُهم... ورَجُلٌ حِثْيَلٌ: قَصِيْرٌ عَرِيْضٌ، وقيل: هو نَحْوُ المُحْثَلِ.
وهو الكَسْلانُ أيضاً. وحَثِلَ بَطْنُ فلانٍ حثَلاً: أي عَظُمَ.) ولعل في قولهم: (حَثِلَ
بَطْنُ فلانٍ) إلماح إلى هبوط بطنه عن مستواه من الجسم.
أمّا كلمة (حَثْلة): فواضحة العلاقة بمعناها المعجمي المدوّن، وإن وردتْ
في المعاجم بكسر الحاء، كقول (م.ن.): (الحِثْلَةُ: سَمَلَةُ الماءِ في الحَوْضِ).
وأمّا كلمة (حِثْلة) (بكسر الحاء) في اللهجة: فمتعلّقة بمكان تحثّل الأشياء،
فقد جاء في (الأزهري، تهذيب اللغة، (حثل)): (حُثالة النَّاس: رُذالهم وشرارهم، وأصْله
من حُثالة التَّمْر وحُفالته وهو أردؤه وما لا خير فيه مِمَّا يبقى في أسفل الجُلَّة.
ثعلب عن ابن الأعرابي قال: الحُثالُ: السِّفَلُ.)
وعليه، فإن اللهجة قد حفظت لنا إضافة إلى ما في المعاجم:
1) الفعل الدال على المعنى الحسيّ لنزول الشيء عن مستواه: (حَثَلَ، يَحْثُل،
احْثِلّ.
2) اسم مكان التحثّل، وقد سمّته: (حِثْلَة)، (بكسر الحاء)، في حين سمَّتْ
ما يتحثّل نفسه: (حَثْلَة)، (بفتح الحاء).
(ح ث و ل) امحِثْْوَِل/ الحِثْوَِل: شجر، يستخدم لحاؤه غسولاً للرأس،
يليّن الشعر. وحثول اسم رجل. ويرد في المعاجم بلفظ (حَِثْيَل)، جاء في (ابن عباد، الصاحب،
(م.ن.)): (الحِثْيَلُ: شَجَرٌ يَنْبُتُ في الجَبَلِ.) وفي (ابن سيدة، المحكم والمحيط
الأعظم، (حثل)): (الحِثْيَلُ: من أشجار الجبال، قال أبو حنيفة: زعم أبو نصر أنه شجر
يشبه الشوحط ينبت مع النبع. قال أوس بن حجر في وصف قوس:
تعَلَّمَها في غِيلها وهي حَظْوَةٌ
بوادٍ به نبعٌ طِوالٌ وحِثْيَلُ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق