2015/01/11

المعجم العربي

(مقدمة وتمهيد وتاريخ)
قامت حركة التأليف في المعاجم العربية على أساس المادة التي جمعها اللغويون في البادية في القرن الثاني الهجري . لقد خرج عدد كبير من اللغويين في البادية ، فاخذ كل منهم بجمع اللغة من أبناء القبائل العربية ، وبذلك تم انجاز أول عمل لغوي ميداني في الجزيرة العربية . ولاحظ كثير من البدو اهتمام اللغويين بتلقي اللغة عنهم ، فهاجروا إلى جنوب العراق حيث ازدهرت علوم اللغة في البصرة والكوفة . وأحذو يبيعون المادة اللغوية التي عندهم لكل من ينشدها من اللغويين . ولم تكن عملية جمع اللغة محاولة شاملة لتسجيل كل الألفاظ التي عرفتها القبائل العربية بل كان اللغوين يصدرون في اختيارهم للقبائل واختيارهم للرواة عن مبدأ أساسي، وهو تسجيل اللغة الفصحى والابتعاد عن الصيغ والألفاظ غير الفصحى . وبهذا ركز اللغويون عملهم على لغة تلك القبائل التي تتقرب كل الاقتراب من العربية الفصحى .

ورفضوا لهجات القبائل البعيدة عن الفصحى ، وبين هذا وذلك صنفت لهجات القبائل المختلفة والواقع إن اللغويين لم يهتموا في القرن الثاني الهجري بالتنوع اللغوي في الجزيرة العربية وقصروا اهتمام على تقرير فصاحة القبيلة أو عدم فصاحتها فشغلتهم قضية الفصاحة عن الباقي القضايا الكثيرة التي يمكن طرحها في العمل اللغوي الميداني . وقد أثمرت جمع اللغة مجموعة من الكتب ، بدأت الدراسات المعجمية في العربية – ككل الدراسات اللغوية عند العرب – لخدمة الدين الإسلامي ، ولغرض فهم القرآن الكريم ، فقد بدأت المعاجم العربية ، بالبحث عن معاني الألفاظ الغريبة في القرآن الكريم وكان الرائد الأول في هذا هو ابن عباس (ت/68هـ) وتفسيره لألفاظ القرآن بالشعر حينما سئل عن ألفاظ في القرآن من قبل نافع بن الأزرق ، هو النواة للمعجمات العربية فكان هذا في القرن الأول الهجري ، وعندما جمع اللغويون اللغة في القرن الثاني الهجري نتجت مجموعة من الكتب والرسائل اللغوية صنفوها في مجموعات دلالية ككتاب (خلق الإنسان) للأصمعي (ت/216هـ)وله أيضا كتاب (الإبل) و (الخيل) والوحش والنبات والشجر ، وألف أبو زيد الأنصاري في (اللبن) و (المطر) والنبات والشجر ، وظلت الرسائل هي الشكل الوحيد الذي الخدمة دراسة الألفاظ العربية من الناحية الدلالية وقتا طويلا إلى إن برزت الدوائر العلمية ، حركة تاليف المعاجم وقد كان لما ألفه الأصمعي وأبو زيد الأنصاري ومن عاصرهما من اللغويين اكبر الأثر في المعاجم العربية وفي نظرية اللغة عند العرب بشكل عام.
يعد نشاط العرب في عصر الحضارة الإسلامية لتأليف المعجمات من ابرز مظاهر جهدهم العلمي ، وهم بهذا أهم من ألف المعاجم قبل العصر الحديث على الطلاق .
وقد بدأت حركة تأليف المعاجم العربية موازنة لتدوين الرسائل اللغوية في النصف الثاني من القرن الثاني للهجرة . واتبعت المعاجم اللغوية أنظمة في ترتيب الكلمات بها فكانت على ثلاثة أنواع :-
1- نوع رتب الكلمات ، على حسب المخارج الصوتية ، وطريقة التقاليب ، مثل كتاب العين للخليل بن احمد الفراهيدي ، وتهذيب اللغة للأزهري ، لابن سيدة الأندلسي .
2- نوع رتب الكلمات ترتيبا أبجديا ( بحسب الأصل الأخير أو الأول للكلمة ) ، مثل الصحاح للجوهري ، ولسان العرب لابن منظور ، والقاموس المحيط للفيروز أبادي ، وأساس البلاغة للزمخشري ، والمصباح المنير للفيومي.
3- نوع ثالث رتب الكلمات بحسب الموضوعات ، مثل:-
الغريب المصنف لأبي عبيد القاسم بن سلام ، وفقه اللغة للثعالبي ، والمخصص لابن سيدة الأندلسي.
وقد صنف العلماء العرب هذه المعاجم بغير الطريقة فكانت
1- معاجم الترتيب الصوتي :
يعد كتاب العين أقدم هذه المعاجم على الإطلاق ، ورائد أقدم مدرسة في التأليف المعجمي ، ويقوم منهج الخليل في (عينه) على
أ‌- ترتيب الكلمات باعتبار حروفها الأصول فقط ، أي فرق بين الحروف الأصول والحروف الزوائد في الكلمة الواحدة .
ب‌- ترتيب الكلمات المندرجة في مادة لغوية واحدة ترتيبا داخليا على أساس الأبنية الثنائي ، الثلاثي ( الصحيح والمعتل واللفيف ) الرباعي ، الخماسي ، الثنائي مثل : قد ، لم ، هل . والثلاثي مثل : ضرب ، خرج ، والرباعي مثل : دحرج ، قرطس . ومن رواد هذا المنهج أيضا القالي (ت/356هـ) في كتابة البارع وكذلك الأزهري (ت/370هـ)في (التهذيب) وفي المحيط للصاحب بن عباد (385هـ) و (المحكم والمحيط الأعظم)لابن سيدة (ت/458هـ).
ج- رتب الخليل الحروف العربية وفق المخارج ، وبدا بأصوات الحلق ثم ذكر باقي منتهيا بالحروف الشفوية . وختم ترتيبه بأصوات العلة والهمزة.
د- توضع الكلمة ومقلوباتها في مادة واحدة وبذلك ترد الكلمة وقد جردت من حروفها الزوائد في أول موضع ممكن .


2- معاجم الترتيب الهجائي :
وتنظم المعاجم العربية ذات الترتيب الهجائي في المجموعتين ، فالمجموعة الأولى بدأت (بكتاب الحروف) أو كتاب (الجيم) للشيباني (ت/206هـ) وترتيب في الكلمات وفق الحرف الأول من حروفها الأصول . أما المجموعة الثانية بدأت (بديوان الأدب) للفارابي (ت/350هـ) والصحاح للجوهري (ت/393هـ) وترتيب في الكلمات وفق الحرف الأخير من حروفها الأصول.


3- مصادر المعاجم والموسوعة العامة :

يعد (لسان العرب) لابن منظور (ت/711هـ) أول معجم موسوعي ضخم كان من مؤلفو المعاجم قبل (لسان العرب) ينزعون إلى الاختيار والانتقاء من المادة اللغوية المتاحة لهم في مصادرهم . أما ابن منظور فاعتمد في تأليف معجمه على خمس معاجم اعتمادا كاملا ، فهو لم يجمع المادة جمعا


ليست هناك تعليقات: