اللغة وزناديق اللهجات
محمد الدفيلي
٤ أيلول (سبتمبر) ٢٠١٢
اللغة كانت دائما هي رمز التواصل بين البشر في نقل المعلومة والمعارف إلى باقي تفرعات تطبيقاتها، ومنذ اكتشاف الكتابة اتخذت شكلا ونمط خاص. من قواعد رسم الحروف وتشكيل للكلمات وتنميط للمعاني.
واللغة العربية كانت من تلك اللغات التي عرفت مجموعة من المتغيرات،منذ أيام الدولة الحميرية في اليمن وشبه الجزيرة العربية مرا بعصر الجاهلية وصولا إلى فترة الإسلام إلى الآن. كل هذه التغيرات أعطتنا لغة من أصعب اللغات العالمية ليس كتابة بل بكثرة المعاني وغزارة المرادفات والمتضادات. هذا من ناحية وتشريفها بالقرآن الكريم الذي أنزل بها لسانا ناطقا في البشرية ووحيا حيا لكل الأحياء إلى زوال الدنيا ومن عليها.
كل هذه الامتيازات أغضبت مجموعة من الحاقدين،- وبسبب جهل الأمة-الذين دخلوا على الخط لفظ شوكة اجتماع المسلمين وتفريقهم، الشيء الذي أدى إلى التعصب لكل قومية على حدا. وأفكار التجمعات هذه التي طفت بعد الاستعمار تحتاج إلى لغة أو لهجات محلية لتوصيل أفكارها وأطروحاتها. على هذا النتاج انزوى كل قطر مسلم حول لغته الأصلية، فافترق العرب على الأتراك وهكذا الأكراد والفرس والبلوش وكل الشعوب المكونة للأمة الإسلامية. ولم تقف هذه المحاولات هنا، بل وصلت إلى حد أن كل قطر عربي بحد ذاته انزوى على نفسه وأنتج لغة (لهجة) خاصة به. فالخليج لهم نبرة وكلمات غير موجودة في مصر والشام وبعيدة كل البعد عن تونس وليبيا، وشبه كلمات مشتركة بين المغرب والجزائر..، وتعتبر لهجات المغرب أصعب مرادفات وكلمات على غرار اللهجات العربية الأخرى.
المشكل الكبير أنه لم تعد هذه اللهجات منحصرة في تلك الأمصار والمعاملات اليومية الشخصية، بل تعدت ذلك لتصل إلى الإعلام بدءا بالأفلام والمسلسلات والترجمات الأجنبية منها، وهذا إلى حد ما يشكل مصيبة على اللغة العربية، بالإضافة إلى هذا وصلنا الآن إلى رؤية والاستماع إلى الاشهارات ونشرات الأخبار والحوارات وتقديم البرامج بتلك اللهجات عوض اللغة الأمة. وكل هذا ينضاف إلى اللغة الجديدة أو ما يطلق عليها "العرفنسية" أي الكتابة بحروف لاتينية لكن المعاني بالعربية أو اللهجات المحلية. وهذه هي لغة "الشات"، هذه اللغة التي ضيعت الارتباط لا باللغة الأم أو حتى اللغات الأجنبية وتضيع إدراك قواعدها.
لهذا سنترك الباب مفتوح للمناقشة وطرح أفكار جديدة في الموضوع، لأنه في حقيقة الأمر يحتاج إلى عدة نقاشات مطولو وكثير من سيول المداد وكتابة المقالات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق