2015/03/10

خصائص اللهجة الكويتية

لِلَهْجَةِ أهل الكويت تميّز و خصوصيّة كما هو الحال في كل لهجات شعوب العالم ، إنما لا يعني هذا أنها تختلف عن اللغة الأُم أو أنها تنسلخ يوماً بعد يوم عن اللسان العربي الفصيح ، بل بالعكس من ذلك نجد أن العديد من الألفاظ الأجنبية و كذلك الكويتية البحتة قد إنحسرت في وجه قريناتها الفصحى ، و تدعيماً لهذا الرأي أنقل ما ذكره الدكتور يعقوب الغنيم في كتابه (ألفاظ اللهجة الكويتية في كتاب – لسان العرب – لإبن منظور) حيث أشار إلى
مقاومة اللهجة الكويتية لعوامل الإندثار كزيادة الوافدين في الكويت و وسائل الإعلام الحديثة و غيرها بقوله : (و إذا كانت اللهجة الكويتية قد عادت إلى توازنها بعد تلقي هذا الضغط القوي ، و ذلك بحذف بعض الكلمات الدخيلة و استبدال كلمات عربية فصيحة بها مثل : الموتر و الكرفاية و الطنباخية و السلقي و الرنق و الكنديشن حيث أصبحت تستعمل بدلاً منها كلمات السيارة و السرير و الكرة و المساحة و اللون أو الصبغ و المكيف) .
فإليك عزيزي القارئ أبرز الخصائص التي تتمثل في لهجة أهل الكويت :
1) مخطيءٌ من يعتبر لهجات أهل دول الخليج العربي واحدة ، فمنها لهجات بدوية بحتة و بعضها متأثرة بالفارسية و أهل الساحل الشرقي من الخليج العربي كما نجد جماعات أخرى تتحدث بألفاظ أهل اليمن ، لا أنكر أن أغلب أهل الخليج يتحدثون بلهجاتٍ تنبع من اللغة العربية الفصحى إنما لا يعني هذا أنها جميعاً نسخةٌ واحدة و ذات ألفاظ متطابقة ، فهاهي (بريطانيا) على سبيل المثال و هي دولة واحدة لا تقسمها حدود كما هو حال دول الخيج العربي تنتشر بها عدة لهجات تختلف الواحدة منها عن الأخرى بشكل كبير إلى درجة أن أحد أصدقائي الإنجليز الذين عشت معهم فترة دراستي في مدينة (أوكسفورد) لم يكن يفهم الكثير من الكلام الأصلي لسكان منطقة (ليفربول) الإنجليزية بل إن عدداً من ألفاظهم لا تدخل ضمن القاموس الإنجليزي أصلاً ناهيك عن اللغة الخاصة بمنطقة (ويلز) و التي لا يستخدمها غالبية البريطانيين ، فهنا نجد أن الإختلاف تعدى للغة و لم يتوقف عند اللهجة !

2) تَتَّصِفُ لهجة أهل الكويت بنكهةٍ طيبةٍ و أسلوبٍ ممتع حيث أنها تحتوي على الكثير من الأمثال و الحكم مرةً و (الغَطاوي) -الألغاز- و الأناشيد و النكات مرةً أخرى بحيث لا يملها المتحدثون بها .

3) تَكْثُرُ في اللهجة الكويتية المترادفات و الألفاظ المختلفة ذات المعنى الواحد ، و حول هذه النقطة أسوق ثلاثة أمثلة : مثال (أ) : (دَنْدرَة ، رَبْربَة ، لَغْوَة ، لَطْلطَة ، قَرْقَة ، هَذْرَة) ، مثال (ب) : (طْراق ، كَف ، راشْدي ، مَحْمودي ، صْطار) . و سيأتي التطرق لمعاني هذه الكلمات لاحقاً .
 4) وَ مِنَ الأمور التي تعطي اللهجة الكويتية طعماً مستساغاً هو السجع أو كما يسمى (الرد و البدل) ، أمثلة : (كَد و مَد) و (إْمْحَلَّس و إِمَّلَّس) و سنتطرق لمعانيها لاحقاً .
 5) في لهجة أهل الكويت ألفاظ لا تستخدمها إلا النساء و قد يعد أمراً غريباً أن يتلفظ بها الرجل ، أمثلة : (قَميظَه ، هَوْ ، يا حافِظ ، وَعَليَّه ، غبْرَه) و سيأتي شرحها لاحقاً .
 6) تَصْغيرُ الكثير من الكلمات أمرٌ معتاد في حديث أهل الكويت كما هو الحال أصلاً في اللغة العربية الفصحى حيث أنه إسمٌ يصاغ لتصغير حجم الشيء أو لتقليل كميته أو لبيان قرب مكانه أو زمنه أو لتحقيره أو للتحبّب له مثل (صُهَيْب ، عُبَيْدَه ، سُوَيْعات) و كذلك حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم : {يا أبا عُمَيْر ، ما فَعَلَ النُّغَيْر} و كما قال أحد الشعراء : (وَداعاً يا سُوَيعات التلاقي ** فَقدْ بَسَط الرَّحيلُ يَد الفراقِ) و في لهجة أهل الكويت مثلاً نجد كلمة (عْيونِك) تنطق أحياناً (عْويناتِك) و بدل أن يقال : (بَشْتِري أَغْراظ) نجد من يقول أحياناً : (بْشْتِري جَم غْريظ) –تلفظ الجيم فارسية- حيث قُصِدَ بالتصغير تقليل الأغراض المُراد شراؤها ، و هنا أَختلف مع من خلط بين التصغير و أمور أخرى كتدليل الأطفال أو تحوير الأسماء من باب المزاح ، فمثلاً نجد أن إسم الفتاة (طيبَه) يتحول عند التدليل و المزاح إلى (طَيّوبَه) أو (طيبوه) و هي ليست من ألفاظ التصغير حيث الصفة (طَيْبَه) لا تُصَغَّر إلاّ بلفظ (طوَيْبَه) أي أنها في حالةٍ لا بأس بها و ليست بأحسن حال ، إنما لا بأس من التصغير بقصد التدليل في بعض الحالات كتحويل إسم (سالم) إلى (سويلم) و (راشد) إلى (رْويشِد) بدلاً من (سَلّوم) و (رشّود) و في هذا تفصيل وافي بالجزء الأول من (الموسوعة الكويتية المختصرة) للمرحوم حمد محمد السعيدان .
 7) و إسْتِكْمالاً لموضوع الأسماء نجد أن الناس في الكويت لا يفضلون المناداة بالإسم الأول و مخاطبة غيرهم به ، فالكنية و إسم العائلة و تصغير أو تحوير الأسماء هو الدارج حسب التفصيل التالي : أ‌- (بومحمد ، أم عبدالله) أمثلة لما ينادي به الكبار في السن أقرانهم حيث يُكنّى الأب أو الأم بأكبر الأولاد الذكور لديهم ، و يندر أن يكنّى الشخص بأكبر بناته فهو أمر مستهجن عند أغلب الكويتيين . ب‌- عندما لا يكون للرجل أو للشاب أبناء بل و قد لا يكون متزوجاً ينادى غالباً بكنيةٍ متعارفٍ عليها بين العامة حسب إسمه الأول و بالشكل التالي : (بدر بو ناصر ، محمد بو جاسم ، عبداللطيف بو شميس ، عبدالرحمن بو فهد أو بو عوف ، أحمد بو شهاب أو بو نَيِم –أي نجم- ، علي بو حسين ، خالد بو وليد ، عيسى بو عبدالله ، سليمان بو داوود ، عبدالعزيز بو سعود ، يعقوب بو يوسف) -و العكس صحيح في جميع تلك الحالات- أما الأسماء الغير منتشرة فيُكنى صاحبها بإسم أبيه أو أحد أجداده . ج‌- ينتشر في الكويت و بين الشباب بشكل خاص النداء بإسم العائلة ، و القصد منه المبالغة في التقدير أو ربما التقرب و إظهار الود (هلا بِالشّاهين) (حَيَ الله الرِّفاعي) . د- المراهقون و صغار السن من الذكور و الإناث لا يخرجون عن إطار الإسم الأول عند النداء بحيث يحوَّر الإسم لأشكال متعددة لا قاعدة محددة فيها ، مثلاً : عبدالله (العُبد ، عبّادي ، عبيد ، بو عابد) ، أفراح (فروحة ، فرحة) ، أحمد (أحمدوه) ، لُجين (لَجّونة) .
 8) في اللهجة الكويتية الكثير من الكلمات التي يمكن لفظ بداياتها مرةً بالألف (إِمْدَلْقَم) و مرةً أخرى بالتشديد على الميم (مدَرْبَح) –سيأتي شرح هاتين الكلمتين لاحقاً- إنما تسهيلاً على الباحث في معاني هذه الكلمات جعلتها جميعاً في فصل حرف الميم .
 9) كما ذكرنا سابقاً أنه لا تخلو لهجة في العالم إلا و قد إختلطت بلهجات أخرى أو أنها إستعارت كلمات لا تمت لمنبعها الأصلي بصلة ، و اللهجة الكويتية كذلك تأثرت و لو بشكل يسير مع اللغة الإنجليزية بشكلٍ خاص لأسباب عديدة أبرزها الحماية البريطانية للكويت حتى فترة أوائل الستينات و كذلك ظهور النفط خلال الخمسينيات من القرن الماضي حيث قدم الكثير من عمال الشركات الأجنبية للكويت ، و قد ذكرت في هذا الكتاب ضمن مختلف فصوله أبرز الألفاظ الإنجليزية الدارجة عند أهل الكويت مع التطرق أيضاً للألفاظ المستعارة من لغاتٍ أجنبيةٍ أخرى ، و لك عزيزي القارئ بعض ما كان و ربما مازال يُستخدم من الكلمات ذات الأصل الإنجليزي : (دَخْتَر ، دْريوِل ، كَنْديشِن ، نِمْرَه ، هِرِن ، فَنّش ، شوت ، تيبِل ، بِنْسِل) و سيأتي التطرق لمعانيها لاحقاً .
 10) اللَّهْجَةُ الكويتية حَوَّلَت (في حالات كثيرة و ليس دائماً) بعض الأحرف الهجائية إلى أحرف أخرى في تسعِ حالات مختلفة لابد من التطرّق لها مع ذكر أمثلة توضيحية عن كل حالة :
الحالة الأولى : تحويل حرف (الكاف) إلى (الجيم الفارسية) بحيث صار يُلفظ مثلما تُلفظ CH باللغة الإنجليزية و قد أفردت فصلاً كاملاً لهذا الحرف بعد فصل حرف الجيم ، أمثلة : (جِريم عين – جلاليب – جان زين – جِنَّه – جَم ؟) و سيأتي التطرق لمعانيها لاحقاً .
الحالة الثانية : تحويل حرف (القاف) إلى (الكاف الفارسية) فيكون نطقه كنطق أول حرف إنجليزي في كلمة Good و هذا الحرف أفردت له فصلاً كذلك بعد فصل حرف (القاف) ، أمثلة : (قمَر – قَمِل – قُوَّة – قادِر) و شرح معانيها سيأتي لاحقاً .
الحالة الثالثة : تحويل حرف (الجيم) إلى حرف (الياء) في عدة أمثلة أذكرها مع تفسير معانيها لاحقاً : (مَسْيد - مياديف – يوز – يادَّة – أيودي – يارْنا - دِياي) .
الحالة الرابعة : تحويل حرف (القاف) إلى حرف (الجيم) في العديد من الكلمات التي أذكر بعضها مع شرحها لاحقاً : (جِبْلَة – جِليل – جاسِم - ريج - إبْريج - حريجَه) ، و قد ذكرنا سابقاً أن حرف (القاف) قد تعرض للتحويل كثيراً في الكلام الكويتي إلى (الكاف الفارسية) . الحالة الخامسة : حرفي (القاف) و (الغين) إختلطا كثيراً بحيث يصعب التفريق بينهما أثناء نطق بعض الكلمات ، و هذه بعض الأمثلة التي سيأتي شرح معانيها لاحقاً إنما لابد من ملاحظة أنها تنطق مرة بالقاف و أخرى بالغين : (قَميظَة – غَصب طيب – قَلْقِصَة – مْغَلْدِم – قوري – قامِج - غَلْج) .
الحالة السادسة : تطرق لها الدكتور عبدالعزيز مطر في كتابه (خصائص اللهجة الكويتية) و هي تحويل حرف (السين) إلى (الصاد) في العديد من الكلمات التي لها أصلٌ عربي فصيح ، و قد ترَكّزت هذه الحالة في الكلمات التي يقع فيها حرف (السين) قبل حرف (الخاء) في نفس الكلمة ، أمثلة : (صِخي من السَّخاء – مْفَصَّخ من الفَسْخ – الصّلْخ من السّلْخ – الوِصاخَة من الوَسَخ – الصّيخ من السّيخ – صخونَة من السّخونَة – صْخَلَة من السَّخْلَة) و غيرها . كما تطرق الأستاذ أيوب حسين الأيوب في كتابه (مختارات شعبية من اللهجة الكويتية) لهذه الحالة مضيفاً حالةً مُعاكسةً و هي تحويل (الصاد) في الكلمات الفصيحة إلى (سين) عند التحدث باللهجة الكويتية ، و من أمثلة ذلك تحويل (الصَّدر) إلى (سْديري) و (سَدْرِيَّة) . و قد دعَّم الأستاذ أيوب الأيوب هذه الحالة بآيات كريمة من القرآن الكريم يمكن نطق بعض الكلمات فيها بالسين مرة و بالصاد مرة أخرى حيث أن لعلماء القرآن و القراءات عدة آراء في هذا الشأن ، و من هذه المواضع الكريمة : قول الله عزّ و جل في الآية 245 من سورة البقرة : {وَ اللهُ يَقْبِضُ وَ يَبْسُط} . و قوله تبارك و تعالى في الآية 22 من سورة الغاشية : {لَسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِر} .
الحالة السابعة : في كثير من الكلمات لا تُلفظ الهمزة إن وقعت في وسط الكلمة بل تختفي لفظاً أو أنها تتحول الى حرف علة ، أمثلة : (ذئب : ذيب ، مؤذن : مذّن ، مؤذي : موذي ، يطأ : ياطى ، رؤوس : روس)
الحالة الثامنة : تحويل حرف (الشين) إلى (جيم فارسية) مثل : (شَرْشَف - شوف) و هو أمرٌ نادر وُجِد في لهجة بعض أهل منطقة (شَرْق) -المتطرفين منهم- كما ذكر المرحوم حمد السعيدان في الجزء الأول من (الموسوعة الكويتية المختصرة) ، و يندر أن يتلفظ الناس بهذه الطريقة حيث لا تكاد تسمعه إلاّ في كلمة (شاي) التي أتُّفِق على نطقها بالجيم الفارسية .
الحالة التاسعة : حرفَي (الظاء) و (الذال) إنعكسا في بعض الكلمات حيث تحوّل حرف (الظاء) إلى (الذال) حين أثّر الترقيق على طريقة لفظ كلمة (ظِلال) فنطقها بعض الكويتيين (ذْلال) ، كما أن البعض يستخدم كلمة (عويظ) المشتقة من (الإستعاذة) حيث ضُخِّمت الكلمة . و قد ذكر الأستاذ أيوب حسين الأيوب عدة أمثلة حول هذه الحالة في كتابه (مختارات شعبية من اللهجة الكويتية) .
 11) تَشْكيلُ الأحرف بإستخدام الضمة و الفتحة و الكسرة و السكون يختلف كثيراً من شخص لآخر أو بالأحرى بين المناطق و (الفِرْجان) ، فعلى سبيل المثال نجد و إلى الآن إختلافاً في تشكيل كلمة (شكر) و تعني (سُّكَّر) بحيث ينصب البعض الشين و يكسر الكاف و يكسر آخرون الشين مع نصب الكاف فيما تنصب طائفة أخرى الكاف و الشين !
 12) (لي - لا - إذا - إن) هي أدَوات يكون لها في لهجة أهل الكويت مقصد واحد في العديد من الأمثال القديمة حيث يمكن الإبتداء بأي منها دون أن يختلف المعنى ، و قد تطرق لهذه الملاحظة الشيخ عبدالله النوري رحمه الله في كتابه (الأمثال الدارجة في الكويت) ، أمثلة : ( لي -أو لا- فات الفوت ما ينفع الصوت ) و (إذا غاب القَطو إلعَب يا فار) و (إن صار عِند يارِك عَزيمَة كَبِّر جِدْرِك) ، و سيأتي شرحها لاحقاً .
 13) التَّضْخيمُ و الترقيق في نطق بعض الكلمات الكويتية خاصيَّة لا يعي كيفية إستخدامها إلا من يتقن لهجة أهل الكويت ، فاللسان الكويتي كما بين الأستاذ أيوب حسين في (مختارات شعبية من اللهجة الكويتية) يضخِّم حرف الراء في (رَبْرِبَة) و يرقّقها في (بَرْبَرِيَّة) كما أنه يُضخم أيضاً حرف اللام في (ظَلْمَة) و (خَلال) . تم

ليست هناك تعليقات: