عبدالرحمن السعودى |
تعريف اللسانيات: هي علم يمتلك كل الخصوصيات المعرفية التي تميّزه عما سواه من العلوم الإنسانية الأخرى من حيث الأسس الفلسفية والمنهج والمفاهيم والاصطلاحات , بيد أنّ ما تقتضيه الضرورة العلمية هو أنّه لابدّ لكل علم من موضوع يعدّ مادته التي تخضع لإجراءاته التطبيقية وموضوع اللسانيات هو اللسان ومن البديهي كما هو شائع في التصوّر العلمي للفكر الإنساني أن يحدد العلم موضوعه
تحديدا دقيقا في إطاره التاريخي والمعرفي قبل أن يحدد نفسه ، وما كان ذلك إلا لأنّ موضوع العلم سابق للعلم بشأنه في الوجود إذ لولا وجود الظاهرة ما كان العلم بها ومن هنا يتقدّم -إلزاما - تعريف العلم لموضوعه على تعريفه لنفسه ولذلك يجدر بنا أن نعرّف اللسان قبل اللسانيات
اللّسان : يقول ابن فارس (395 للهجرة) في مادة لسن : اللام والسين والنون أصل صحيح واحد يدلّ على طول لطيف غير بائن في عضو أو في غيره من ذلك اللسان وهو معروف والجمع ألسن فإذا كثر فهي الألسنة ويُقال لسنته إذا أخذته بلسانك قال طرفة
وإذا تلسنني ألسنها 00 إنني لست بموهون غمر
وقد يعبر باللسان عن الرسالة فيؤنّث حينئذ يقول الأعشى
إنني أتتني لسان لا أسر بها 00 من علوّ لا عجب فيها ولا سفر
واللسن جودة اللسان والفصاحة واللسان اللغة يقال لكلّ قوم لسان أي لغة قال تعالى Sad وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه )
ويقول الراغب الاصفهاني في مادة لسن اللسان الجارحة وقوتها قال تعالى ( واحلل عقدة من لساني) يعني من قوّة لساني
اللسان في القرآن الكريم
لقد ورد لفظ اللسان في القرآن الكريم للدلالة على النظام التواصلي المتداول بين أفراد المجتمع البشري من ذلك قوله تعالى : (من آياته خلق السماوات والارض واختلاف ألسنتكم وألوانكم )
وما أرسلنا من رسول إلاّ بلسان قومه )
اللسان في الاصطلاح : هو النظام التواصلي المشترك بين أفراد المجتمع في البيئة اللغوية المتجانسة يقول الفرابي : علم اللسان ضربان أحدهما حفظ الألفاظ الدالة عند أمّة ما وعلى ما يدلّ عليه شيء منها والثاني قوانين تلك الألفاظ .... وعم اللسان عند كلّ أمّة ينقسم إلى سبعة أجزاء عظمى علم الألفاظ المفردة وعلم الألفاظ المركّبة وعلم قوانين الألفاظ عندما تكون مفردة وقوانين الألفاظ عندما تركب وقوانين تصحيح الكتابة وقوانين تصحيح القراءة وقوانين تصحيح الاشعار
ومن خلال هذا الطرح نلاحظ أنّ الفرابي كان على وعي عميق في إدراكه لطبيعة اللسان باعتباره اموضوع الوحيد لأي دراسة تسعى إلى اكتشاف القوانين الضمنية التي تتحكم في بنية الظاهرة اللغوية.
اللسانيات كما سبق التطرق إليه تنهل من منابع الدراسات القديمة ولا يمكن أن تستغني عنها أبدا وهذا ما نلاحظه عند بعض الباحثين المحدثين الذين كتبوا في اللسانيات وطوّروا مناهجها وتطرّقوا إلى النظريات اللغوية القديمة وحاولوا إحياءها وإعادة صياغة بعض جوانبها فاللسانيات هي الدراسة العلمية للّغة وحسب مونان أنّ أوّل استعمال للمصطلحlinguistique كان في سنة1833م اما كلمة لساني linguiste فقد استعملها رينوار سنة 1816 في مؤلفه مختارات من أشعار الجوالة ش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق