الجغرافيا اللّغويّة و اللّغة العربّية
تعريف الجغرافيا اللّغويّة :
تهتمّ الجغرافيا اللّغويّة برسم خرائط تظهر توزيع
لغة واحدة أو عدّة لغات أو كلّ لغات الكون. فتبيّن انتشارها .وترسم حدود مجالها
بألوان مختلفة أو بعلامات مميّزة.وتسمّى مجمل الخرائط المرسومة
أطلسا لغويّا (Linguistic
Atlas). وقد تكون تلك الخرائط مقيّدة بتطوّرها الزّمنيّ
أو مقسّمة إلى حقبات تاريخيّة معيّنة. وعندها يشار إليها باسم الأطلس اللّغويّ
التّاريخيّ. ويتنزّل هذا العمل عند بعض اللّسانيّين ضمن التّصنيف المجاليّ للّغات (Areal
Typology).
قد يكون موضوع الخريطة توزيع المفردات وتمييزها
حسب النّطق أو الدّلالة أو الوظيفة التّركيبيّة أو أي سمة من السّمات المميّزة في
اللّغة أو أيّ متغيّرة من المتغيّرات اللّسانيّة في أي مستوى
كان .فترسم خريطة تبيّن مواقع القبائل أو القرى أو الأقاليم أو البلدان بوساطة
علامات معيّنة . ثمّ تجمع العلامات في ما بينها .وتربط بخطوط تحدّد ما يسمّي «الجزر
اللّغويّة» (Linguistic Island) داخل المجال المعنيّ أو ترسم حدّا فاصلا بين
طريقتين في النّطق أو في الدّلالة وتسمّى «خطّا لهجيّا» (Isogloss).
ويرسم كلّ خط لهجيّ ، في الواقع ، حدود المجموعات اللّغويّة المختلفة.
أمّا إذا كان هدف الخريطة توزيع اللّهجات
وحدودها أو استرسالها وتداخلها فإنّه يشار إليها باعتبارها أطلسا لهجيّا
فتدخل عندئذ في مجال الجغرافيا اللّهجيّة (dialectal
Deography). وإذا أُخذ عامل الزّمن في الحسبان عند رسم الخرائط ، حسب
انتشار لهجة من اللّهجات أو انحسارها أو تعويضها بأخرى أو اندثارها من الاستعمال أو
ارتقائها إلى مصافّ اللغات العالميّة، فإنّه يشار إليه باعتباره أطلسا لهجيا
تاريخيّا.
كان أوّل من وضع الأطلس اللّغويّ وطرح فكرته
باعتباره أداة علميّة في دراسة اللّهجات داخل مجال لغويّ معيّن هو الفرنسيّ جيل
جيلييرون ( 1854-1926) .وقد نشر أوّل أطلس لغويّ باللّغة
الفرنسيّة على مراحل من سنة 1902 إلى سنة 1910،
بالتعاون مع تلميذه إدمون إدمون (Edmont Edmont) هو «الأطلس اللّسانيّ الفرنسيّ». وهو عمل ضخم
يشتمل على 1421 خريطة.
مشروع أطلس اللّغة العربيّة ولهجاتها:
أدركت أغلب الدّول العربيّة أهميّة الأطلس اللّغويّ وقيمته العلميّة في رسم حدود
اللّهجات وتحديد السّياسات اللّغويّة. وصُمِّمت مشروعات أنجز
بعضها جزئيّا في
فلسطين (42 خربطة) واليمن (168 خريطة أنجزها الألمانيّ
بينشتاد) وكذلك مصر (560
خريطة أنجزها الباحث الألمانيّ بينشتاد نفسه) وتونس (شُرع
في العمل لمدّة سنوات .ووضعت قائمة الأسئلة التّي ستطرح على
المستعملين .وتمّ جزء كبير من الجرد .وبدئ في رسم الخرائط.
ثمّ توقّف المشروع) .و
بذلت كذلك جهود متفرّقة في الجزائر والمغرب («أطلس
المغرب العربيّ» لمرسيل ودفيد كوهين) والسعوديّة (مشروع «معجم اللّهجات المحكيّة في المملكة
العربيّة السّعوديّة»، لسليمان بن ناصر الدّرسونيّ) وسوريا (مشروع برجشتراسر 1915)،
ولكنّها لم تتبلور في أطلس لغويّ. وهكذا لم يظهر إلى اليوم أيّ أطلس لغويّ عربيّ
كامل لقلّة الدّعم الماليّ وتشتّت الجهود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق