د. عبدالرحمن السليمان
الزملاء والزميلات الأفاضل،
إن الهدف الرئيسي من وراء طرح هذا الموضوع هو التوصل إلى رؤية واضحة وسليمة لتفصيح العاميات من جهة،
واستغلال المخزون المعجمي الموجود في العاميات لسد الثغرات المصطلحية في الفصحى من جهة أخرى. ويُستشف من بعض المداخلات التي نشرت هنا وفي أماكن أخرى من البوابة أن الموضوع على جانب كبير من الحساسية، كيف لا وهو يتطرق إلى لغتنا الشريفة التي تقصر بحقها وحق الحفاظ عليها وحمايتها مما تتعرض إليه تلك المجامع الكثيرة التي أوجدت للسهر على سلامتها وتطوير أدائها؟ والحفاظ على اللغة يبدأ بالحفاظ على حيويتها وقدرتها على استيعاب المفاهيم الجديدة والتعبير عن دقائق العلوم. والمترجم المحترف يواجه في عمله مشاكل مصطلحية كثيرة تعيق أداءه على أكمل وجه. والحلول الممكنة منطقياً في هذه الحالة هي في رأيي المتواضع:
1. قيام المجامع اللغوية بمواكبة التطور الحاصل في العلوم وغيرها ووضع قوائم مصطلحية تعين المترجمين في عملهم وتفي بحاجتهم؛
2. أو وضع آليات لغوية سليمة لتعريب المصطلحات والمفاهيم العلمية وغيرها وتمكين المترجيمن من تطبيقها عندما تواجههم مشكلة مصطلحية أثناء أدائهم فيعربوا المصطلحات الأجنبية تعريباً تستسيغه العربية؛
3. أو استغلال المخزون المعجمي الكبير الموجود في العاميات العربية وتفصيح اللازم منه أولاً وإدخاله في الفصحى ثانياً بهدف سد الثغرات المصطلحية.
دعونا ننظر إلى هذه الحلول الممكنة ونناقشها بواقعية.
بالنسبة إلى النقطة الأولى فإني أعتقد أن أن المجامع اللغوية العربية تقوم بمجهود ملحوظ بهدف مواكبة التطور الحاصل في العلوم واستدراك النقص الحاصل في المصطلح، إلا أن ذلك المجهود يبقى دون ما يتوقع منها؛ وذلك عائد إلى قلة الاهتمام الرسمي بتلك المجامع من جهة وسيطرة "الشيوخ" ـ مع الاحترام الكامل لشخوصهم ـ عليها من جهة أخرى!
بالنسبة إلى النقطة الثانية أعتقد أن الأمر سهلاً وصعباً في آن واحد. سهل لأنه علمي ومنطقي، وصعب لأن المترجمين سوف يختلفون في تطبيقه خصوصاً وأننا نعيش في زمن إذا اجتمع فيه عربيان خرجا على الناس بثلاثة آراء!
تبقى النقطة الثالثة. وأتساءل بخصوصها: ما المانع من استغلال المخزون المعجمي للعاميات العربية في سد الثغرات المصطلحية في الفصحى وذلك بعد تفصيحها وفقاً لقواعد لغوية سليمة؟ ما المانع من تفصيح لفظة عامية يستعملها مائة مليون عربي أو أكثر وإدخالها في معجم الفصحى إذا كان في ذلك سدادُ ثغر مصطلحي ينفذ العيب منه إلى اللغة؟ ثم من يزعم أن الألفاظ التي تنطق بها عامتنا (وكثير من خاصتنا) ليست عربية قحة؟ ألا يساعد تفصيح المفردات العامية للضرورة على التقليل من الفجوة الحاصلة بين الفصحى والعاميات لمصلحة الفصحى؟ ألا يساعد ذلك على التقريب بين لهجات الأهل بدلاً من توسيع الفجوة الحاصلة بينها؟ أليس في ذلك فوائد دينية وقومية على المدى البعيد؟ أسئلة أرجو من الزملاء الأفاضل التكرم بالإجابة عليها.
وللفائدة أكرر ما ذكرت في إحدى المداخلات أني لم أعثر على مرادف في الفصحى لكلمة paedophille. واجهتني هذه المشكلة أثناء ترجمة كتيب إرشاد موجه إلى الآباء لوقاية أبنائهم من شر هذا الوباء المنتشر في الغرب. فترجمتها "بصبينجي" لأنها كلمة قائمة في الاستعمال للدلالة على هذا المرض الخبيث.
وأخيراً: يمكن للكلمات العامية الكثيرة المستعملة في البلاد العربية للدلالة على "البطيخ الأحمر" مثلاً، ومنها: "رِقِّي" في العراق، "جِبسي" و"نِمْس" في الشام، و"دلاع/ح" في المغرب من جهة، وتلك الدالة على "البطيخ الأصفر" مثلاً ومنها: "بطيخ"، "شمّام"، "آ/قاوُون" من جهة أخرى، إنهاء سوء التفاهم الكبير الحاصل بين أصناف البطيخ! وحل مشكل البطيخ أيسر بكثير من حل مشاكل العلوم المعقدة، عافاكم الله.
http://www.atinternational.org/forums/showthread.php?t=130
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق