طريقة
لكتابة نصوص اللهجات العربية الحديثة بحروف عربية(*)
للدكتور
خليل محمود عساكر
خبير
بلجنة اللهجات
من
أهم الأمور اللازمة لدراسة اللهجات العربية الحديثة كتابتها كتابة علمية يساير
رسمها النطق الصحيح لهذه اللهجات في أقاليمها المختلفة، ويفي - ما أمكن - بالغرض
الذي يتوخاه علم الأصوات في العصر الحديث.
ولقد
عني المستشرقون وعلماء الأصوات بهذه
الناحية، ووفق كل من الفريقين في كتابة نصوص
اللهجات العربية الحديثة بطريقته الخاصة مصطنعين في ذلك الحروف اللاتينية؛ لأنها
في رأيهم أمثل الكتابات وأنسبها لاستيعاب أصوات اللغة العربية قديمها وحديثها
وكذلك أصوات اللغات الشرقية الأخرى، وهذا بإضافة رموز جديدة من شأنها الدلالة على
مالا يوجد في الأبجدية اللاتينية من أصوات.
والكتابة
العربية بحالتها الراهنة قاصرة عن تصوير النطق الصحيح للهجات العربية الحديثة؛ لأن
في هذه اللهجات سواكن وحركات لا يوجد لها في كتابتنا العربية نظير من الحروف ولا
من علامات الشكل. ولقد أدت هذه الكتابة مهمتها وقامت بواجبها فيما مضى. وعليها
الآن أن تساير العصر وتنهض بمطالب الحياة العلمية التي تقوم على الدقة والوضوح.
ولقد
انتهيت بعد النظر طويلاً في الكتابة العربية وتاريخها وتطورها في الإسلام إلى أنها
ليست كتابة جامدة، وإنما هي كتابة قابلة للإصلاح حقًّا وقادرة على النهوض بمطالب
الحياة العلمية.
لقد
سلكت الكتابة العربية في عصورها الإسلامية الأولى طريقًا علمية غايتها تصوير
الأصوات العربية بحروف مرسومة. وتخصيص كل صوت برمز كتابي يدل عليه.
ــــــــــــــــ
( *
) عرض في الدورة السادسة عشرة، الجلسة
الحادية عشرة للمؤتمر، 22 من يناير سنة 1950، ونشر البحث بمجلة المجمع، الجزء
الثامن ص 181- 192
فكان
لابدّ أول الأمر من التفريق بين الحروف المتشابهة رسمًـا المختلفة نطقًا وجرسًـا
كالجيم
والحاء والخاء مثلاً وكالدال والذال، فأدخلوا النَّقط في الكتابة لهذا السبب،
وصارت النقط تعتبر جزءاً لا ينفصل من الحروف المعجمة. وكان لابد أيضًا من إيجاد
رموز للحركات المختلفة فابتكروا علامات للفتحة والضمة والكسرة، ثم جعلوا للسكون
علامة وللتشديد أخرى.
والراجح
أن ( الخليل بن أحمد ) هو الذي ابتكر هذه العلامات الخاصة بالحركات. وعلى هذا يصحّ
أن نعتبر هذا النوع من التفكير في الكتابة العربية من عمل مدرسة علمية لهذه الكتابة العربية نشأت في
القرون الإسلامية الأولى، وأن نعتبر الخليل زعيم هذه المدرسة أو ممثلاً لها على
الأقل.
وإلى
جانب هذه المدرسة العلمية للكتابة قامت مدرسة فنية هدفها تهذيب رسم الحروف وتحسينها
والنظر إليها من الناحية الجمالية متصلة ومنفصلة. وقد بلغ الخطّاطون في ذلك على
توالي القرون شأوًا بعيدًا.
وليس
هذا فحسب بل اخترعوا أنواعًا جديدة من الخط سمّوها أقلامًا. وظلت هذه الأنواع
تزداد وتتعدد بالتوليد والابتكار إذ منها أصول ومنها فروع حتى بلغت في بعض العصور
حوالي ثمانين قلمًا.
وهكذا
صيّر الخطاطون الكتابة فنًّا بعد أن كانت علمًا، وعلى هذا الأساس نستطيع أن نفرق
بين لفظي الكتابة والخط، بأنّ الكتابة هي التي لا يراعي الإنسان فيها قواعد فنّية
معينة بل يكتفي الكاتب بمجرد رسم الحرف على نحو يميزه من حرف آخر.
أما
الخطّ فهو الذي يجري به القلم وفق قواعد خاصة وأصول ونسب متبعة، بحيث لو حاد عنها
الكاتب عدّ في نظر رجال هذا الفن من الخطَّاطين غير مجيد. ولم يعد ما يكتبه يسمى خطًّا مستوفيًا
شرائط الإتقان والجودة بل يسمى كتابة عامة.
فكل خط على هذا الاعتبار كتابة وليس كل كتابة خطًّا، وكل خطاط كاتب وليس كل
كاتب خطاطًا. ولم يكن العلماء يفرِّقون قديمًا بين هذين المعنيين للكتابة وللخط.
وكان
لهذا الفن في كل عصر إمام يقتدى به وينسج على منواله، ومن أئمَّته المشهورين ( ابن
مقلة ) و ( ابن البواب ) و ( ياقوت المستعصمي ) وغيرهم . ولقد بلغت المدرسة الفنية
بالخط درجة عليا من الجمال والروعة. وأما المدرسة العلمية فقد وقفت مكانها بموت
الخليل بن أحمد؛ إذ لم يُعْنَ أحد من علماء الإسلام عناية جدِّية بالكتابة العربية
- ولا أقول بالخط العربي لأن الكتابة كما رأينا شيء والخط شيء آخر - وذلك منذ عهد الخليل حتى الآن .
وما
الطريقة التي أتقدم بها اليوم إلا امتداد في الحقيقة لعمل المدرسة العلمية للكتابة
وإتمام لما أرادت القيام به من ناحية تصوير الأصوات بحروف عربية وتخصيص كل صوت
برمز في الكتابة يدل عليه، وكذلك من ناحية ما توخَّاه الخليل بن أحمد من إيجاد رموز للحركات المختلفة.
والطريقة
لم تكن وليدة رغبة حديثة في كتابة اللهجات العربية الحديثة بحروف عربية، وإنما هي
جزء من مشروعٍ عامٍّ لإصلاح الكتابة العربية على نحو يحفظ لها شكلها الحالي الذي
أعتبره مظهرًا من مظاهر العبقرية العربية وأثرًا ممتازًا من آثار الفنون الإسلامية.
ولما
كان البحث مقصورًا على ناحية واحدة فقط، وهي كتابة نصوص اللهجات العربية الحديثة
بحروف عربية فسأقتصر هنا على إيراد ما يفيد في كتابة هذه النصوص مبتدئًا بذكر
الحركات([1])
التي ليس لها رموز تدل عليها في الكتابة العربية، ثم أتناول الحروف([2])
التي لا يوجد لها رسم معهود في هذه الكتابة.
الحركات
في
الكتابة العربية حتى الآن ثلاث علامات لثـلاث حركات هي الفتحة والضمة والكسرة وهي
غير كافية لكتابة نصوص اللهجات العربية الحديثة؛ لذلك أضفت إليها خمس علامات
مبتكرة وجعلتها رموزًا لخمس حركات ترد في نطق هذه اللهجات، وراعيت اتفاق هذه
العلامات الجديدة وانسجامها مع طبيعة الكتابة العربية . وتلك الحركات الخمس وعلاماتها هي:
(1)
حركة
الفتحة المفخَّمة وعلامتها ( ـَـ = ă
)
وتوضع
فوق الحرف. وهذه حركة أخرى غير حركة الفتحة المرقَّقة المألوفة التي ينطق بها حرف
الباء مثلاً من لفظي: ( بل ، بيت ). وترد هذه الحركات في مثل الكلمات:
مَيَّة:
وتنطق بميم مفتوحة مع التفخيم.
أمَّال:
وتنطق بميم مشددة مفتوحة مع التفخيم.
باي ( تونس ): وتنطق بباء مفتوحة مفخمة. وهذا هو
نطق الكلمة في مصر. وأما نطقها في تونس فهو " باي " بترقيق الباء المفتوحة.
لَندَن: وتنطق بلام ودال مفتوحتين مع التفخيم.
ولو ضبطنا هذه
الحروف المفتوحة المفخمة في الكلمات السابقة بالفتحة المألوفة المرقّقة لخفي
المراد والتبس على القارئ النطق المقصود لهذه الألفاظ. وإذن فلا مندوحة من استعمال تلك العلامة الجديدة لتكون
رمزًا لهذه الحركة.
وعلى هذا الأساس
يمكن كتابة النطق الصحيح للفظ ( خاف ) في بعض اللهجات العربية كما يأتي:
خاف : بفتحة
مرقَّقة في لهجتي القاهرة ويافا.
خَاف : بفتحة
مفخمة في لهجتي حلب وطرابلس. وهذا يتفق مع النطق القرآني لهذا اللفظ.
(2) حركة
الإمالة وعلامتها ( ــ = e )
˘
وتوضع تحت الحرف . وهي حركة ترد كثيرًا في اللهجات
العربية وليس لها علامة خاصة بها في الشكل العربي. وإنما يدل عليها بالكسرة
المعهودة. ومعنى هذا أن حركتين مختلفتين
في النطق يدل عليهما برمز واحد في الكتابة.

فإذا مدّت حركة
الإمالة أردفناها بحرف الياء مثل: بيت، وسيف، ومجريها.
وكان يرمز لهذه
العلامة في المصاحف قديمًا بدائرة حمراء يضعونها تحت الحرف الممال كما في لفظ (
مجريها ) ثم عدلوا في المطابع إلى رسم نقطة خالية الوسط معيّنة الشكل تحت الراء
هكذا: ( مجريها ) لصعوبة رسمها في المطابع بمداد أحمر وهذا كما جاء في مصحف "
الملك ".

وترسم فوق
الحرف. وهي حركة كثيرة الورود، كالحركة السابقة، ويُدَلّ عليها في الشكل العربي
حتى الآن بالضمة المعهودة مع أنها ليست ضمة معتادة .


وترسم تحت
الحرف. وهي عبارة عن ضمة متجهة نحو الكسرة وتشبه حركة الـ (u)
الفرنسية الموجودة في لفظ du مثلاً أو حركة الـ ( ü)
الموجودة في لفظ dünn وترد هذه الحركة في مثل
لفظ كلّن küllon أي: كلُّهم. وهذا النطق موجود في لهجة
طرابلس شمالي لبنان. فإذا كانت ممدودة رسم بعدها واو. وذلك مثل: بوعَ büca
وهي إحدى الروايات التي وردت في :
* ليت شبابًا
بوع فاشتريت *
(5) حركة الضمة
الممالة المكسورة وعلامتها ( - = ô
)
وترسم تحت
الحرف. وهي حركة تشبه الـ ( eu ) الفرنسية الموجودة
مثلاً في لفظ: bleu أو حركة الـ ( o
) الألمانية التي في لفظ: kônnen مثلاً .
ونصادف هذه
الحركة في بعض اللهجات العربية الحديثة كما في لفظ: كبريت kobrit
في لهجة " تدمر " وكما في لفظ: جتو hönū
أي ( نحن ) في لهجة عَمان،
فإذا كانت هذه الحركة ممدودة أتينا بعدها بواو مثل: جوته Goethe،
وهذه الحركة والحركة السابقة من آثار اللغة التركية في لهجات هذه البلاد . وعلى
هذا تصير الحركات العربية جميعًا ثماني
حركات هي:

ويرتب علماء الأصوات هذه الحركات على هيئة عقد
يسمونه العقد الحركي، وذلك على النحو الآتي:


ولست
أعتقد أن الكتابة العربية أو أية كتابة أخرى – مهما بلغت من الدقة والوضوح في
تسجيل نصوص اللهجات تسجيلاً كتابيًّا يعتمد على الحروف والحركات – تستطيع أن تعطينا صورة صادقة صحيحة
من أية لهجة، وإذن فلابد من أن نلجأ إلى الآلات الحديثة لتسجيل الأصوات مثل
"الدكتافون" الذي يسجِّل الصوت ثم يحكيه، وذلك ليكون عندنا صورة محكيّة
مطابقة للأصل، من أي نصّ يؤخذ بهذه الطريقة.
علامتا
الإهمال والنبر:
وقد
وجدت من اللازم المفيد كذلك إضافة علامتين أخريين، إحداهما للحروف التي تهمل في النطق وتثبت في الكتابة،
وسميتها ( علامة إهمال )، والأخرى للنبر أي الضغط ( accent ).
أما علامة
الإهمال: فقد جعلتها ميمًا صغيرة ترسم فوق الحرف المهمل عند النطق، مثال ذلك لفظ (
والدي ) الذي ينطق في الفصحى بألف ممدودة ولام مكسورة. بينما ينطق في اللهجة
القاهرية مثلاً بواو مفتوحة دون ألف ممدودة بعدها وبلام ساكنة لا مكسورة. ولو
كتبناها على حسب نطقها القاهري بدون ألف هكذا: ( وَلْدِي ) لبعدنا عن الصورة
الأصلية للفظ. وعلى هذا رأيت إضافة هذه العلامة( ﻤ ) فوق الحرف المهمل وهو الألف لنستطيع كتابة هذا
اللفظ على نحو يوافق صورته الأصلية هكذا: ( وَالدي ) waldi
وليست هذه العلامة سوى حرف الميم من لفظ
( إهمال ).


وبيان
موضع النبر عند كتابة نصوص اللهجات مهم جدًّا في دراستها. وقد يفوق في أهميته بعض
الحركات إذ قد تتفق لهجتان في معظم الظواهر الصوتية واللغوية ولا يفرق بينهما إلا
موضع النبر.
مثال
ذلك لفظ ( مدرَسَة ) الذي ينطق في بعض جهات مصر وخاصة في شمال الدلتا بنبر حركة
الميم ويرسم هكذا: ( مَدرَسَة ) màdrasa
وفي بعضها الآخر بنبر حركة الراء ويرسم هكذا: ( مَدرسة ) madràsa
.
حذف
علامة السكون
أما
السكون فلست أرى داعيًا لكتابته إذا التزمنا كتابة الحركات على نحو يفي بالغرض
المقصود منها.
بيان
ذلك أننا إذا زوّدنا كل حرف متحرِّك بحركته الخاصة وحذفنا حركة الحرف الذي يليه
أحد حروف المدّ ( التي هي الألف والواو والياء )، لدلالة هذه الحروف على حركة
الحرف الذي يسبقها، وألغينا علامة السكون، إلا عند حدوث لبس، استغنينا بذلك – كما
يتضح من النصوص المضبوطة على هذا الأساس في الصفحات من ( 71 – 73 ) عمَّا يقرب من
ثلث الشكل عند كتابة النصوص، أما
المفـردات: مَحمود، مَسجِد،كاتب، حَديقَة، سامي ، إسماعيـل، استـدراك، مِفْتاح،
مَساكين، نام.
فيلاحظ
أن منها ما لا يحتاج إلى ضبط مطلقًا مثل: سامي، نام. ومنها ما يحتاج إلى ضبط حرف واحد فقط، كمحمود ومِفْتاح
وكاتب وإسماعيل ومساكين وما يماثلها
وزنًا. ومنها ما يحتاج إلى ضبط حرفين، كمَسْجد وحَدِيقة واستدراك.
الحروف
في
الأبجدية العربية طائفة من الحروف كثيرًا ما يختلف نطقها في اللغة الفصحى عنه في
اللهجات العربية الحديثة. وهذه الحروف أهمها ستة، وهي: الجيم والقاف والذال والظاء
والثاء والعين.
(1)
فالجيم تنطق جيمًا معطَّشة مشوبة بدال عند ابتداء النطق بها وتشبه الحرف g
في الكلمة الإنجليزية ( damage ) وتلك هي الجيم الفصحى.
وتنطق
جيمًا معطشة دون أن تكون مشوبة بدال، وتشبه الحرف( j
) في اللغة الفرنسية كما في لفظ (journal)
وتلك هي الجيم الرِّخْوة. وهذه قد جرى العرف - في مصر - على كتابتها جيمًا بثلاث
نقط (چ)، ويسود هذا النوع من النطق في
لهجتي سوريا ولبنان وفي بعض الجهات الأخرى.
أما
النطق الثالث وهو نطقها جيمًا قاهرية بغير تعطيش كما ينطق الحرف g
في الكلمة الإنجليزية ( go)
أو كما تنطق الكاف الفارسية (ﮔ)، وتعرف بالجيم الشديدة،
فلا بأس أن نكتبه جيمًا بنقطتين هكذا ( چ )، دلالة على هذه الجيم الشديدة. وعلى
هذا يكتب لفظ جمل في الفصحى بنقطة واحدة للجيم، و(جمل) بنقطتين في لهجة القاهرة.
و(جمل) بثلاث نقط في لهجة سوريا.
(2)
أما القاف فلها في النطق أنواع مختلفة، منها:
نطقها
قافًا فصيحة، ونطقها همزة، ونطقها جيمًا شديدة قاهريَّة. وهناك طريقتان لكتابة
هذين النوعين الأخيرين:
أولاهما:
الطريقة الصوتية: وهي التي تهتم بنطق الحروف وكتابتها
على حسب نطقها تمامًا فالكلمات: (قال،
وقمر، وبرق ) تكتب على حسب لهجة القاهرة هكذا: آل، وأمر، وبرء، أي بالهمزة لا
بالقاف.
والأخرى:
الطريقة الاشتقاقية الصوتية: وهي التي تحافظ
ما أمكن على صورة اللفظ في اللغة الفصحى، فتكتبه على هيئةٍ تتراءى فيها صورة اللفظ
في الفصحى ويتضح معها اشتقاقه، ثم تحافظ في الوقت نفسه على تصوير نطقه في الكتابة
تصويرًا صحيحًا ينظر إلى الأصل في غالب الأحيان.
وعلى هذا تكتب الكلمات ( قال، وقمر، وبرق ) هكذا:
( قال، وقَمَر، وبَرق ) أي بوضع همزة فوق القاف، دلالة على أننا عدَلْنا عن نطق
القاف قافًا إلى نطقها همزة.
أما القاف التي
تنطق في الصعيد كالجيم الشديدة القاهرية، فإنها تكتب على حسب الطريقة الصوتية: ( ج
) أي جيمًا بنقطتين وعلى الطريقة الاشتقاقية ( ق ) أي قافًا ولكن بنقطتين من تحت.
وذلك رغبة في المحافظة على الصورة الأصلية للحرف. وعلى هذا تكتب الألفاظ ( قال،
وقمر، وبرق ) في لهجة الصعيد:إما ( جال وجمَر وبَرج ) بنقطتين للجيم حسب الطريقة
الصوتية. وإما
( قال وقمر وبَرق ) على حسب الطريقة الاشتقاقية الصوتية:
أما ( الثاء،
والذال، والظاء ) فهي في الفصحى حروف لثويَّة، ولكنها تُنْطق في كثير من اللهجات على نحو آخر:
فالثاء تنطق في
بعض اللهجات سينًا، والذال زايًا، والظاء زايًا مفخَّمة تفخيمًا شديدًا، وللتفريق
في الكتابة بين نطقها الفصيح ونطقها في اللهجات، وجدت أنّ من المستحسن كتابة (
الذال، والظاء ) بنقطتين من فوق للدلالة على أن نطقها صار شيئًا آخر، هو الزاي
والزاي المفخمة مثل:
مذهب
( في الفصحى ) – مذهب بنقطتين فوق الذال ( في العامية ).
مظلوم
( في الفصحى ) – مظلوم بنقطتين فوق الظاء ( في العامية ).
أما (الثاء) فقد
يستحسن كتابتها في العامية بثلاث نقط متجاورات لمجرد التفريق بين هذا النطق وبين
النطق الفصيح، هكذا: مثل ( الفصحى ) مثل ( في العامية ).
ولو كتبنا لفظي
( مذهب، ومثل ) الفصيحتين بزاي وسين في العامية، هكذا: ( مزهب، ومَسَل ) لبعدنا بهذا عن الصورة
الأصلية للّفظين. وإن وافقت كتابتهما على هذا النحو الطريقة الصوتية.
أما ( العين )
فتنطق في بعض لهجات السودان همزة، ولهذا وضعت همزة فوق العين للدلالة على أننا
عدلنا عن النطق بالعين عينًا إلى النطق بها همزة، أي أنَّ الاسم ( علي ) يكتب على الطريقة الصوتية ( أَلِي )،
وعلى الطريقة الاشتقاقية الصوتية (
علِي ) .
وفيما يلي أمثلة
لهذه الحروف جميعًا:

ولا بأس من أن أورد الآن بعض أمثلة من
اللهجات العربية الحديثة مكتوبة بالطريقة
التي سبق بيانها:



* * *
مناقشة البحث
*
الأستاذ السيد محمد رضا الشبيبي: لا شك أن خبير اللجنة بذل جهدًا يستحق التقدير،
ومن رأيي - مع
احترامي لما ورد في المحاضرة من آراء - أن نحدد أولاً الغرض من إثارة هذا الموضوع
في المؤتمر.
تسنى
لي أن أجتمع منذ وقت قليل بصديق من كبار علماء مصر وجرى الحديث عن مناهج المؤتمر
اللغوي في اجتماعه السنوي الحاضر، ولما قلت له: إن موضوع اللهجات يعالج في
المؤتمر، قال لي: أوصيك به خيرًا. فقلت لهذا الصديق العالم: إنني أشكر لك حسن ظنك.
ربما
ظن هذا الصديق أنني سيئ الظن بإثارة موضوع اللهجات في المؤتمر، والواقع أني لست
سيئ الظن إلى حد بعيد، وإنما يعنيني من أمر اللهجات ما يعني غيري من هذا العلم، وهو البحث عن لهجات القبائل
العربية الأولى التي أخذت عنها اللغة على اختلاف تلك اللهجات وهو اختلاف معروف،
ومن مظاهره اختلافهم في القراءات ونحو ذلك، ولا يخفى أن أصول البحث ومراجعه متوفرة
بيد أن هذه المحاضرة التي ألقاها خبير
اللجنة لم تتعرض لهذا الموضوع على الشكل الذي يعنى به العلماء في هذه البلاد،
وإنما عني به على شكل آخر وهو الشكل الذي يعنى به المستشرقون وبينهما بون بعيد، ويهمني كثيرًا أن يتقرر في هذا
المؤتمر أي الطريقتين هي المناسبة والتي تتفق مع تعزيز شأن الثقافة العربية .
*
الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب: الدكتور خليل عساكر مشكور على بحثه القيم الذي يفتح
لنا بابًا جديدًا لا في حصر اللهجات فقط بل في تعليم الأعلام الجغرافية وغيرها من
اللغات الأجنبية.
ولا
شك أن مسايرة الأبحاث الأجنبية في موضوع اللهجات مظهر من مظاهر حيوية اللغة.
ولكنني كنت أرجو أن يرجع الأستاذ إلى طريقة المغاربة في كتابة بعض الحروف،
فالكتابة التي ورثوها عن أسلافهم توفق إلى حد كبير بين الكتابة العربية وبين أداء الأصوات غير المعروفة في اللغة
العربية نفسها، ومن ذلك أنهم يكتبون الجيم المصرية فاء فوقها ثلاث نقط، والفاء
الاحتكاكية المجهورة ( V ) فاء تحتها ثلاث نقط، ومثل
هذه المصطلحات قد تنفع الباحث اليوم حين يتجه إلى ابتكار طريقة في الكتابة العربية
وافية بأداء الأصوات جميعها.
*
الدكتور خليل عساكر: تركت استعمال الحرف " ﭪ
" الفاء ذات الثلاث نقط للدلالة على صوت الجيم المصرية لما شاع من استعمال
هذا الحرف للدلالة على صوت الـ " V
" فلم أرد تغيير الوضع القائم .
*الأستاذ
عباس محمود العقاد: أقول تأييدًا لكلام الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب: إن المغاربة سبقونا إلى كتابة الكلمات
الأسبانية بحروف عربية، واللغة الأسبانية من
أكثر لغات العالم أصواتًا.
*
الأستاذ حسن حسني عبد الوهاب: لقد كتبت اللغة الأسبانية في عصر من عصورها بالحروف
العربية، وحفظ لنا التاريخ كثيرًا من هذه الكتب، وهي تعد اليوم من أهم المراجع
لمعرفة أصول اللغة الأسبانية؛ لأنه لا توجد معاجم أسبانية قديمة ويسميها الدارسون
لهذه اللغة " الأعجمية " وهو اسم يدل على الأصل العربي لكتابتها.
*
الأستاذ الشيخ محمود شلتوت: هذا البحث طريف بلا شك، ولكننا يجب أن ننظر إليه من
وجهة أخرى، فإن تركيز لهجات الأمم العربية الحديثة في نطق خاص ورسم خاص هذا
التركيز، يخالف في جملته تركيز اللغة العربية التي جمعت هذه الشعوب وكانت عنوان
وحدتها، وفي هذا ضياع لوحدة البلاد العربية واللغة العربية نفسها، والأولى أن نعنى
بضبط اللهجات العربية القديمة ونهتدي بهدي الأقدمين في اللهجات التي وضعوها، ونعمل على تهذيب اللهجات الحديثة
بأن نردها إلى أصولها الماضية.
وأخشى
أن يؤدي تركيز اللهجات العامية إلى شيء من الخلط يقع في نطق القرآن الكريم، وهو
اللغة العامة لكل الشعوب العربية.
*
الدكتور إبراهيم مدكور: لاشك أن المحاضرة فيها محاولة جديدة تساعدنا على تصوير
أصوات الحروف الأوروبية التي تنتقل إلى العربية، كما تعيننا على ضبط اللهجات
العربية نفسها.
وأود
أن أشير إلى أن دراسة اللهجات قسمان: دراسة تاريخية تنصب على دراسة تاريخ لهجات
أمة من الأمم. وهذه الدراسة الآن ليس من اليسير أن تكون مكتملة؛ لأن الأصل في دراسة اللهجات سماعها من أهلها
أنفسهم، وعلى كل حال فهذه الدراسة لها علماؤها المعنيون بها ويجب أن نعمل لها،
ولكن إلى جانبها دراسة أخرى للهجات على أنها ظواهر اجتماعية، وهذه الدراسة لا
تتعارض مع الدراسة الأولى ولا تلغيها.
ومن
المهم أن نلاحظ أن مرسوم المجمع اتجه إلى هذا الجانب الآخر أكثر مما اتجه إلى الجانب الأول، لا إهمالاً له ولكن
لاعتباره شيئًا موجودًا له علماؤه ودارسوه، وهذه الدراسة المعاصرة لها مزاياها
وفوائدها. وليس من أهدافها التركيز، بل هدفها التسجيل وبيان المفارقات فقط.
ولا
أظن أن هذا يجني على اللهجات القديمة أو القرآن الكريم من أية ناحية.
*الأستاذ
عباس محمود العقاد: هذه العلامات التي وضعها الأستاذ المحاضر نافعة مفيدة، لا غنى
عنها في دراسة اللهجات، وقد كنت أحاول أن أصل إلى طريقة أتمكن بها من ضبط اللهجات
المختلفة بطريقة صحيحة، ثم رأيت حضرة المحاضر قد وصل بسعيه وجهده إلى هذه الطريقة
النافعة. ولا خطر مطلقًا منها؛ لأنها –
على الأقل – تغنينا عن "
الدكتافون " للتمييز بين اللهجات ويكننا أن نعتمد عليها في غيبته. وأعتقد أن
هذه العلامات لم توضع لتكتب العامة بها لهجاتهم وإنما وضعت للباحثين في اللهجات.
ولن يوجد عامي يستعمل هذه العلامات للتفرقة بين اللهجات المختلفة. ثم إني أعتقد
أنه لا خطر من هذه العلامات حتى لو وصلت
إلى العامة، لأن اختلاف اللهجات بينهم خاصة محلية أو شخصية، فالطفل مثلاً لا
يستطيع أن ينطق ( ميه ) بميم مفخمة بل ينطقها بميم مرتفعة، لأن جهازه الصوتي لا
يساعده على التفخيم، ومن أمثلة الاختلاف في النطق تبعًا لاختلاف المميزات المحلية
نطق ( بيع ) و ( بوع ) فالنطقان معًا معترفان بالقاعدة النحوية وهي ضم
أول المبني للمجهول وكسر ما قبل الآخر، ولكن بعض القبائل غلبت الضم وبعضها غلبت
الكسر.
وإذن
فالخاصة النطقية هي التي تحدد طريقة النطق، وهذه الخاصة هي التي ستظل سائدة عند
العامة بعد هذه العلامات، كما كانت سائدة قبلها.
*
الأستاذ الشيخ محمود شلتوت: لو كان هذا في النطق لما كان هناك وجه للخطر ولكن
الخطر يجيء من الكتابة.
*
الأستاذ خليل السكاكيني: ليست هذه أول مرة بحثنا فيها هذا الموضوع فإني أذكر أننا
بحثنا فيه من خمسين سنة، وقد اهتممنا وقتها بوضع علامات للحروف التي لا توجد في لغتنا وذلك عند كتابة الأعلام
الأجنبية، فأضفنا إلى الحركات العربية الثلاث المعروفة وهي الفتحة والكسرة والضمة،
علامات للحركة التي لا توجد عندنا فوضعنا لحركة " o
" ضمة في وسطها فتحة ووضعنا لحركة " e
" فتحة وكسرة متقابلتين وعندنا في
اللغة العربية حروف للتفخيم وحروف للترقيق فلسنا في حاجة إلى علامات لهذا.
وقد
لاحظت أيضًا أن الأستاذ المحاضر قد اعتمد على النقط في وضع علامات، وهذا يزيد في
شكل الحروف العربية، وقد كان من الأفضل أن يعتمد على غير النقط. كما أعتقد أن
السكون الذي يرى الأستاذ المحاضر إلغاءه ضروري للتمييز بين نحو ( عَوْ ) و ( عَوُ ).
*
الأستاذ ل. ماسينيون: أريد أن أعلق على محاضرة الأستاذ خليل عساكر فأبين ثلاث نقط:
أولاً:
أفضل أن نتمسك باستعمال الحروف العربية الخاصة بها الموضوعة منذ قرون بالفارسية
والتركية والإندونيسية وذلك لخدمة الثقافة الإسلامية في تلك المواطن مثل ( الجاف )
بثلاث نقط، وأما استعمال تلك الحروف لكتابة الحروف الشاذة لبعض اللهجات العربية
فأخاف أن يؤدي إلى سوء تعليم الفصحى وبخاصة لدى النشء؛ لأن الموازاة في تصويت
الحروف خاصية في العربية الفصحى. ولا يمكن أن نمزج بالحروف العربية الأصلية حروفًا
هجينة لا فصل لها ولا أصل إلا عند العجم.
ثانيًا:
للمجمع أن يبحث في إمكان اكتشاف نسخة كاملة من كتاب " التنبيه على التحريف " لحمزة الأصفهاني فإن فيها
جدولاً بالأربعين حرفًا التي اخترعها الفيلسوف أبو الطيب السري لتبيين الحروف
الأعجمية الأربعين.
ثالثًا:
بمقتضى ما قلت سابقًا لاستقلال الحروف العربية الأصلية وتنـزيهها عن كل شوب، لا
أقبل الجدول الذي وضعه الأستاذ المحاضر للمقارنة بين كل الحركات الدولية على سطح واحد وذلك لكتابة أصوات
اللهجات العربية؛ لأن للعربية الفصحى
ثلاث حركات فقط: الضمة والفتحة والكسرة. وهي الأثافي للإعراب وما عداها هو
اهتزازات بالتفخيم والإمالة، وللحركات الثلاثة وظائف خاصة من حيث بناء النحو
العربي وهي الرفع والنصب والجر، وإذا أنزلنا الإعراب من أثافيه كان ذلك اندراسًا
للعربية في التربية والتعليم.
وأخيرًا
أشير إلى المناقشة الفلسفية المشهورة بين نيوتن وجوته في نظرية الألوان، قال جوته
معترضًا على نيوتن: إن بين الألوان تفاضلاً وتوافقًا متزنًا. وبعض الألوان أثافي
الجمال اللوني.
*
الأستاذ عباس محمود العقاد: أذكر أنني كنت عضوًا في لجنة اللهجات، وكان من العقبات
في طريقنا احتياجنا إلى آلات لتسجيل الأصوات، ولعدم توافرها لدينا وقف البحث، وأظن
أن وجود طريقة كتابية لتسجيل الأصوات تغنينا - إن لم يكن كل الغنى فبعض الغنى – عن
هذا. وأنا من المؤمنين بأن المعرفة لازمة لذاتها بغض النظر عما يستفاد منها. ومع
ذلك فالرجوع إلى التاريخ يمدنا بأمثلة للاستفادة من فهم الفروق بين اللهجات في
أمور علمية فمن ذلك أنه أثناء هجوم البدو على مصر في العهد الفاطمي وتتبع أولئك
البدو المتمردين. كان من الطرق المتبعة للاستدلال عليهم أن يطلب إلى المشكوك في
أمره نطق كلمة (دقيق)، فكان البدوي لا يستطيع أن ينطقها إلا بلهجته الخاصة مهما
حاول غيرها. ومن ذلك أيضًا أنه أريد إحصاء النوبيين في أيام الثورة العرابية – على
ما أذكر – فكانوا يكلفون الواحد منهم أن ينطق لفظة ( خروب ) والنوبي لا يستطيع أن
ينطق الخاء إلا كافًا.
فلو
نظرنا اليوم إلى هذه الطريقة في كتابة اللهجات ملتمسين فائدة عملية منها لرأينا
أنها تنفعنا في التحقيق مع المجرمين للتأكد من شخصية المحقق معه اعتمادًا على
معرفة الجهة التي ينتمي إليها، إذ كيف يسجل هذا في محاضر التحقيق إذا لم نقل إنه
نطق كذا هكذا؟
ولذلك
فأنا أشكر الأستاذ المحاضر وأرجو أن يستمر في بحثه.
*
الأستاذ الشيخ محمود شلتوت: من الحق أنه لا أحد يقف أمام العلم في أية صورة من صوره، ولنا أن نتعرف على اختلاف اللهجات
على أن يكون ذلك في مؤتمر اللهجات أو مدرسة خاصة بها، أما أن يدخل هذا البحث في
مؤتمر للغة العربية فيثبت للهجات مكانتها فهذا هو محل اعتراضي.
*
الأستاذ محمد فريد أبو حديد: هذا الموضوع له جانبان: الأول ما يتصل باللهجات
ودراستها، فما
فهمته من خشية تسرب اللهجات إلى لغة القرآن الكريم مفهوم ولكن من الممكن تلافيه،
أما أن يقول فضيلة الشيخ شلتوت بعدم الاعتراف ببحث في اللهجات في مؤتمر المجمع،
فإن هذا يتصل بأساس عمل لجنة اللهجات التي هي جهد من جهود المجمع. فهذه اللجنة
التي أقرها المجمع تحتاج إلى وسائل تمكنها من أداء عملها. ومن هذه الوسائل هذه
الطريقة التي يعرضها علينا الأستاذ المحاضر. وأفهم أن يقول المؤتمر إن هذه الطريقة خاصة ببحث اللهجات ولا تدخل في
اللغة الفصحى، ولكن الذي لا أفهمه ألا نعترف بهذا البحث في مؤتمرنا، فإنه يتصل
بصميم عمل لجنة اللهجات كما أشرت.
والجانب
الآخر: أن بعض حضرات الأعضاء اقترح كتابة اللغة العربية بحروف لاتينية وعرضت عدة
وسائل لتيسير الكتابة العربية، وقد اتفقنا وقتئذ على جعل كتابة المصحف خارجة عن دائرة
بحثنا، وأرى أن نأخذ بهذا أيضًا في بحثنا اليوم فنجعل كتابة المصحف خارجة عن دائرة بحثنا لأن القرآن
له حكم خاص.
والطريقة
المعروضة اليوم تفيد الأجنبي الذي يرغب في قراءة النصوص العربية القديمة كما تفيد
العامي الذي هو بمثابة نصف أجنبي على اللغة العربية. وأكرر أنه لا خطر من استخدام
هذه الطريقة على القرآن.
*الأستاذ
الشيخ محمود شلتوت: في هذا البحث شيئان: العلامات التي تتصل بأوصاف الحروف وتحفظ
لنا صورتها كما هي دون تدخل في جوهر الكلمة كعلامات التفخيم والترقيق والإشمام
وهذه لا ضرر منها.
أما
الذي نخشاه فهو القسم الآخر الذي يغير في جوهر الكلمة، نحو تغيير القاف إلى همزة وتغيير الجيم إلى جيم مصرية أو
جيم سورية وما إلى ذلك، فهذا هو الذي أخشاه وأصر على رفضه.
*
الدكتور إبراهيم مدكور: من حسن الحظ أن أكثر هذا البحث يتصل بأوصاف الحروف، أما عن
الجزء الخاص بجوهر الحروف فقد قدم لنا الأستاذ الباحث طريقتين ومال إلى الطريقة
التي تحفظ لنا أصول الكلمات وتربطها بأصلها العربي.
والمسألة
قبل كل شيء مسألة بحث علمي، فكل ما كان ميسرًا لمهمتنا قبلناه، وكل ما كان غير ذلك
تركناه للعلماء المختصين ببحوثه، وليس من شك في أن المحاضرة بحث يفيد المجمع ويفيد
لجنة اللهجات خاصة.
*
الأستاذ الشيخ عبد الوهاب خلاف: الفكرة في هذا البحث أن اللهجات القديمة قد اندثرت
لانعدام آلة تسجيل أو حروف تعبر عنها، فأردنا أن نتوصل إلى ابتكار طريقة في
الكتابة تساعد على تسجيل اللهجات الحديثة حتى تعرفها الأجيال المقبلة، واستقدمنا
عدة أشخاص من الجاليات العربية المختلفة إلى المجمع وحاولنا تسجيل لهجاتهم كتابة،
كما قام الدكتور خليل عساكر برحلات في عدة أقاليم عربية وسجل لهجاتها.
ومن
ذلك كله وصلنا إلى الاتفاق على هذه الطريقة لنستخدمها في عملنا بلجنة اللهجات، فهي خاصة بلجنة اللهجات وحدها.
ولا يراد منا إدخال طريقة جديدة في الكتابة العادية، وإنما أرادت اللجنة استفتاء
المؤتمر: هل يوافق على هذه الطريقة لتسجيل اللهجات المختلفة؟
فإذا
أقرها المؤتمر لهذا الغرض مضينا فيها.
*
الأستاذ عباس العقاد: أعتقد أنه لا خطر مطلقًا من اللهجات الحديثة على قراءة
القرآن. فإننا نلاحظ أن خير قراء القرآن في العالم الإسلامي قراء مصر، وهم الذين
ينطقون في لهجاتهم العامية القاف جيمًا أو همزة، ولا أثر لهذا على الإطلاق في
قراءتهم القرآن.
*
الأستاذ إبراهيم حمروش: تأييدًا لما قال الأستاذ العقاد أذكر أن التركي يقرأ
القرآن بالعربية والفارسي يقرؤه بها أيضًا، وكذلك الهندي ولا نلاحظ أثرًا للغاتهم
المحلية على قراءة القرآن.
*
الأستاذ الشيخ محمود شلتوت: أعتقد أن للهجات أثرها في تلاوة القرآن، ونلاحظ هذا
بيسر في الأزهر حيث توجد طوائف من شعوب مختلفة كل منها يقرأ القرآن بلهجته الخاصة
حتى ليخيل للسامع أن كلاًّ منهم يقرأ شيئًا غير ما يقرؤه الآخر.
*
الدكتور إبراهيم مدكور: طلبت لجنة اللهجات من قبل شراء " دكتافون "
وتقدمت باقتراح إلى مكتب المجمع بذلك، وقامت عقبات مالية دون إجابة طلبها، وأرى
أن هذه الطريقة التي عرضها علينا الدكتور
عساكر توفر علينا مؤقتًا شراء مثل هذه
الآلة.
*
الأستاذ محمد فريد أبو حديد: الغرض الذي أرادته لجنة اللهجات من عرض هذا البحث على
المؤتمر هو إعلانه بطريقة اتفقت عليها في تسجيل اللهجات المختلفة.
*
الأستاذ خليل السكاكيني: ليس الغرض من هذا البحث إدخال حروف جديدة على لغتنا
العربية؛ لأن حروفنا العربية وافية وبالغة حد الكمال. ولكن الغرض وضع علامات خاصة
لتسجيل اللهجات، وليستطيع الأجنبي أن يقرأ كتبنا قراءة صحيحة. ولنُيَسِّر على أنفسنا ضبط الأعلام الجغرافية والتاريخية
التي نستخدمها في كتابتنا العربية.
*
الدكتور إبراهيم مدكور: أقترح أن يضع المؤتمر هذه الطريقة ( التي عرضها علينا
الدكتور خليل عساكر ) بين يدي لجنة اللهجات لتستعين بها في دراسة اللهجات
المعاصرة.
*
الأستاذ الرئيس: أتوافقون على هذا الاقتراح؟
(
فوافق الأعضاء على ذلك ).
* * *
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق