لهجات سوريا - بحث
معجم للألفاظ والتعابير المحكية في "السويداء
معين حمد العماطوري
الاثنين 30 آب 2010
لابد أن لكل بيئة ألفاظها المحلية والتي تصل لمرحلة تصبح فيها معجمية بالنسبة
للمناطق الأخرى، لاستخدامها كلمات وتعابير محكية تتداولها العامة والخاصة من الناس
في حياتهم اليومية، وهي جزء من منظومتها الاجتماعية التي دخلت ضمن عاداتها وتقاليدها،
الأمر الذي جعل الباحثين اللغويين يعملون لنشر ثقافة تلك الألفاظ وتمييزها من غيرها
كما فعل الأستاذ "قاسم وهب" بجمع تلك الألفاظ ومقارنتها مع غيرها من اللهجات
العربية.
وحول ميزات اللهجة المحكية في السويداء وخصائصها، ونقاط الالتقاء مع الفصحى
أوضح الباحث "قاسم وهب" لموقع eSwueda قائلاً:
«تكمن أهمية اللهجة المحكية في أن الكثير من التعابير والمصطلحات الواردة في السويداء
لا تدخل في قاموس الأجيال الجديدة، لأن معظمها صادر عن حياة غير حياتهم، وشؤون غير
شؤونهم، ولكنها في الوقت نفسه تقدم إليهم ما يتوقون إلى معرفته من حياة الأسلاف، وبعيداً
عن الغوص في مسألة العامية والفصحى التي شغلت حيزاً كبيراً من اهتمام الباحثين، فإننا
نرى أن كليهما، أي الفصحى والعامية، بفضل وسائل الاتصال الحديثة، في طريقهما إلى الاقتراب
من لغة ثالثة، وسيطة بين العامية والفصحى، والتي تعد من خصائصها أن تمتاز بحروفها الواضحة
وزمنها الدقيق وحروفها تخرج من مكانها دون استعارة صوتية لها، فمعاجم العامية لا تهدف
إلى جعل العامية لغة بديلة، بقدر ما تشكل رافداً للغة الفصيحة بما تحققه من فائدة في
ألفاظ ومسميات حديثة تغني المعجم اللغوي الشامل الذي نتوق إليه، بالإضافة إلى كون العامية
وثيقة مهمة تلقي الضوء على حياة الناس، وعاداتهم، ومعتقداتهم، وتقاليدهم، وطرق تفكيرهم،
ولسنا بحاجة إلى إيراد الأدلة على أن الكثير من الألفاظ المتداولة على ألسنة الناس،
ينتمي إلى قاموس اللغة الفصيحة، وهي متدولة في الحياة اليومية».
وعن المراجع المعتمدة في بحثه وآلية العمل التي اتبعها بين الباحث
"وهب" قائلاً: «بعد قراءتي لمعاجم عامية للعديد من الباحثين دفع بي ذلك لزيارة
كثير من القرى ولقاء الرجال الطاعنين في السن ومعرفة أصل المفردات إضافة إلى المراجع
العلمية التي قمت بدراستها مثل "أمثال شعبية من السويداء" للكاتب "سلامة
عبيد"، وقاموس المحيط، وقاموس
الاستاذ فوزات رزق المصطلحات والتعابير الشعبية "لأبو سعد أحمد"،
و"قول الفصل في رد العامي على الأصل" "لشكيب ارسلان"، و"معجم
الألفاظ العامية" لـ"فريحة أنيس"، و"معجم الألفاظ المحكية في البلاد
العربية" "الحشاش عبد الكريم عيد"، ومعجم الوسيط وموسوعة العامية السورية
وعشرات من دواوين الشعر الشعبي، ومراجع علمية أخرى في هذا المجال».
وعن نطق الكلمات وعلاقتها مع اللهجات الأخرى أضاف الباحث "وهب"
بالقول: «ما يتعلق بنطق الكلمات، وعدم التقيد بحركات الإعراب، وغير ذلك مما هو شائع
في العامية، فإن الكثير منه معروف ومتناقل عن لهجات القبائل العربية التي كانت تجوب
أرجاء الجزيرة العربية وأطرافها، ولا نرى ضرورة للتفصيل في هذه المسألة لأنها في تقديرنا،
من مهام البحث اللغوي وليست من مهام المعاجم اللغوية، ولدى مراجعتنا للعديد من المراجع
وجدنا أن كثيراً ما تطرق مؤلفو معاجم العامية إلى علاقتها بالآرامية، أو السريانية،
والعبرية، وغيرها من الساميات، وهذا أمر لا يمكن نفيُهُ لأن العربية فرعٌ رئيس من فروع
اللغات السامية إن لم تكن من أكثر هذه اللغات حيوية وغنى، وشمولاً، ولكن هذا لا يعني
أن نعزو الكثير من الكلمات العامية التي نجهل أصولها الفصيحة إلى إحدى اللغات السامية،
لأن مثل هذا العزو يقتضي التدقيق والبحث المتأني، إذ من المرجح أن الأصل السامي المشترك
هو الذي يمكن أن يرد إليه الكثير من الكلمات العامية التي لم ترد في معاجم اللغة الفصيحة،
لأن هذه الأخيرة تناولت ما هو شائع ومتناقل من المأثور اللغوي المتصل بعصرها، أما الاستقصاء
الشامل لمفردات اللغة الفصيحة، وجذورها قبل عصر التدوين، فهو مما يدخل في باب الاستحالة،
إن حصر مهمة معجمنا باللهجة الدارجة
الاستاذ قاسم وهب
في منطقة السويداء يجعله أقرب إلى الإحاطة والدقة، وأبعد عن التعميم، فاللهجات
المحلية تختلف من منطقة لأخرى».
وأشار الأستاذ "وهب" إلى اعتماد التسكين في اللهجة المحكية وتسهيل
الهمزة وحذف الأسماء الممدودة بالقول: «إن الباحث يلحظ مؤثرات هذه اللهجات جميعها في
المتداول من كلامهم وفولكلورهم بوجه عام، ومن خصائص العامية المحلية التي قد تشترك
في بعضها مع غيرها من العاميات الأخرى وقد تختلف في بعضها الآخر مثل تجنب حركات الإعراب،
واعتماد التسكين، وتسهيل الهمزة في وسط الكلمة، وحذفها في الأسماء الممدودة، وفي جبل
العرب معظم الألفاظ تدخل في هذا الباب على نحو رأس تلفظ "راس"، بئر تلفظ
"بير"، سماء "سما"، فضاء "فضا"، وتحريف النطق في بعض
الكلمات مثل صغير تنطق "زغير"، صدق "سدق"، سُرْبة "صُرْبة"،
جاء "إجا"، كذلك ينطق الحرف الأول المفتوح في الكلمة المعتلة الوسط بالواو،
بحركة وسطى بين الفتحة والضمة كما تنطق كلمة ثَورْ "ثَوُر"، حَوْر
"حَوُر"، أما تاء التأنيث المربوطة في آخر الكلمة ياء غالباً، وأحياناً ألفاً
أو هاء ساكنة، وهناك العديد في الضمائر المتكلم المذكر والمؤنث، والمثنى والجمع، وغيرها
الكثير، وهذا ما يميز ابن السويداء في استخدامه لمفردات ألفاظه العامية، مع التأكيد
على أحرف المفخمة والمشددة، وخاصة حرف القاف، لكن مخارج الحروف تراها سليمة بإيقاعها
وزمنها».
موقع eSwueda كان له وقفة
مع الباحث في الحكايا الشعبية والتراث "فوزات رزق" الذي قال: «عمل الباحث
الأستاذ "قاسم وهب" في سعيه لتوثيق وتدوين الألفاظ المحكية بصبغة لغوية،
هي محاولة لأن يكون جامعاً لضروب التعبير الشفوي المتداول على ألسنة العامة في محافظة
السويداء، متضمناً خطابهم اليومي من ألفاظ،
من أجزاء المعجم
ومخارج حروف، المفخمة والمشددة، وبعض الكلمات الممدودة من خلال لفظها،
ومصطلحات، وتعابير، وكنايات، وأقوال سائرة، وأسماء أدوات، وملابس وأطعمة، وعادات وتقاليد،
إلى غير ذلك من التفاصيل التي ترمي إلى استحضار ما أمكن استحضاره من الذاكرة الشعبية
المهددة بالضياع، والنسيان في عالم متسارع يتغير فيه كل شيء على نحو غير مسبوق، لذا
فهو من هذا الجانب أقرب إلى أن يكون توثيقاً للحياة الشعبية التي أصبح الكثير من تفاصيلها
جزءاً من الماضي، ما يجعل منه وثيقة فولكلورية يفيد منها الباحث في اللغة، والتاريخ،
والحياة الشعبية على حد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق